حكم صيام الست من شوال بين التتابع والتفريق وفق آراء الفقهاء

كتب – علي سيد
يحرص المسلمون على استكمال الطاعات بعد رمضان، ومن السنن التي حث عليها النبي محمد صلى الله عليه وسلم صيام ستة أيام من شوال، حيث ورد في حديثه: “من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر”، إلا أن هناك تساؤلات تثار حول وجوب تتابع هذه الأيام أم إمكانية تفريقها على مدار الشهر.
جامعة بني سويف تستعد لرصد هلال شوال بالتعاون مع دار الإفتاء
دار الإفتاء المصرية أوضحت في بيانها أن صيام الستة من شوال ليس له شرط التتابع، بل يجوز تفريقها على مدار الشهر، ورغم أن التتابع في الصيام عقب عيد الفطر مباشرة أفضل من حيث المسارعة إلى الخير، فإن التفريق متاح لمن يجد في ذلك مصلحة كصلة الرحم أو مراعاة ظروف اجتماعية معينة، مما يدل على مرونة التشريع الإسلامي في العبادات المستحبة.
رأي الفقهاء في التتابع والتفريق
الفقهاء اختلفوا في مسألة التتابع، حيث ذهب الحنفية إلى أن تفريق الصيام أفضل، فقد ذكر الإمام الحصكفي في كتاب “الدر المختار” أن تفريق صيام الستة من شوال مستحب ولا كراهة في التتابع، مما يشير إلى أن الأمر فيه سعة وفق اختيار الصائم.
أما الشافعية والحنابلة ففضلوا التتابع، استنادًا إلى ظاهر الحديث النبوي، حيث قال الخطيب الشربيني في “مغني المحتاج” إن الأفضلية للتتابع عقب العيد مباشرة لما فيه من تعجيل العبادة واغتنام الفرصة، بينما جاء في “شرح منتهى الإرادات” عند الحنابلة أن صيام هذه الأيام الستة مشروع والأفضل تتابعها بعد العيد مباشرة، ولكن يمكن تأخيرها عند الحاجة.
الإمام عبد الرزاق الصنعاني أورد رأيًا آخر في مسألة صيام هذه الأيام، حيث نقل عن معمر بن راشد أنه أنكر صيامها متتابعة بعد العيد مباشرة، معتبرًا أن الأيام التي تلي العيد مباشرة هي أيام فرح وسرور لا ينبغي فيها الصيام، إلا أن هذا الرأي ليس هو الغالب بين الفقهاء، حيث أجازوا الصيام بعد العيد مباشرة دون كراهة.
مرونة الأحكام في ضوء المصالح
رغم تفضيل بعض الفقهاء التتابع، فإنهم أكدوا أن ذلك ليس شرطًا لازمًا، ويمكن تأخير الصيام أو تفريقه إذا كانت هناك مصلحة راجحة، مثل تلبية دعوة أقارب أو حضور وليمة، فإدخال السرور على العائلة ورعاية صلة الرحم أمر مطلوب في الإسلام، مما يجعل من تفريق الصيام خيارًا مشروعًا في حالات معينة.