أخبار من إسرائيل: كواليس لقاء نتنياهو وترامب.. واقتراح مصري جديد لإيقاف حرب غزة

كتب: أشرف التهامى

جاءت دعوة نتنياهو للبيت الأبيض بشكل مستعجل وغير مبرر، حيث لم يُعرف حتى اللحظة الأخيرة سبب الاجتماع، وعلى الرغم الأحاديث الصحفية، بدا أن الجزء الأهم من الاجتماع تم خلف الأبواب المغلقة، وهو أمر طبيعي في مثل هذه اللقاءات، هذا ما كشف عنه الكاتب والباحث المتخصص في الشؤون الإسرائيلية وائل عوّاد، من حيفا.

وائل عواد
وائل عواد

وأضاف عواد بحسب ما تابعته وتحليل ما جاء في المؤتمر الصحفي بين ترامب ونتنياهو، يتّضح أن الجلسة لم تكن على قدر التوقعات، لا من حيث التوقيت المفاجئ للدعوة، ولا من حيث المخرجات المعلنة.

في المقابل، شدد الإعلام الإسرائيلي على مواضيع ثانوية مثل إعادة المحتجزين، بينما كان التركيز الأساسي من جانب ترامب على قرب بدء محادثات على “أعلى المستويات” مع إيران، الأمر الذي اعتبره البعض صدمة لنتنياهو الذي لطالما راهن على نهج أكثر تصعيدًا ضد طهران.

خلال المؤتمر، كرر ترامب رؤيته حول فرض الضرائب على أكثر من 60 دولة، ولم يأتِ بجديد دراماتيكي، مما جعل البعض يرى أن هذا المؤتمر لم يكن بمستوى التوقعات. نتنياهو بدوره لم يحصل على وعود حقيقية، لا في ملف الجمارك ولا في دعم اقتصادي استثنائي، بل عبّر عن دعمه المطلق لترامب، ربما مجبرًا بحكم التحالف السياسي.

عن غزة وفلسطين وإسرائيل

لم يُطرح ملف الإبادة في غزة كما يجب. لم يتحدث أحد عن 15 ألف أسير فلسطيني، ولا عن مليوني إنسان محاصر داخل أكبر سجن مفتوح في العالم. بينما ركز ترامب فقط على المحتجزين الإسرائيليين ومعاناتهم، مؤكدًا أن إدارته تعمل على “صفقة جديدة” لإطلاق سراحهم.

تحدث نتنياهو عن سوريا، وأعرب عن مخاوفه من استخدام تركيا للأراضي السورية كقاعدة ضد إسرائيل، ليُفاجأ بردّ ترامب الداعم لأردوغان. وعلى صعيد اليمن، أعلن ترامب عن قصف مخازن الحوثيين، زاعمًا نجاحًا في ضرب قياداتهم.

وأضاف عواد أن ترامب شبّه قطاع غزة بـ”مصيدة موت”، وقال إن الولايات المتحدة تبحث عن دول قد تقبل توطين سكانه، ملمحًا ربما لتجاوز مصر والأردن في هذا الدور بعد رفضهم المشاركة في أي خطة تهجير.

وقال عواد: من التصريحات الغريبة الأخرى التي أدلى بها ترامب الليلة، قوله: (لم أفهم لماذا أقدمت إسرائيل في السابق على التخلي عن قطاع غزة، وعن خطة تهجير غزة). وأضاف: (نبحث عن دول أخرى مستعدة لاستقبال الفلسطينيين من قطاع غزة).

وقد يُفهم من هذا التصريح أنه يحمل إعفاءً لمصر والأردن، إذ يبدو أن ترامب بات مقتنعًا برفضهما لخطة التهجير، ولذلك أشار إلى بحثه عن دول أخرى بديلة.

إعلام إسرائيلي مأزوم

توالت التحليلات داخل الإعلام الإسرائيلي بعد المؤتمر، وكان أبرزها رأي الصحفي يارون أفراهام الذي وصف اللقاء بأنه “ممتاز من حيث المجاملات، ضعيف جدًا من حيث المضمون”. وهو توصيف دقيق بالنظر لغياب أي إعلان كبير أو تغيير جوهري.

وبينما تجاهل الإعلام الإسرائيلي الحديث عن عشرات الشهداء في غزة والضفة، ركز فقط على “قضية الأسرى”، وحرص على نفي أو تشويه كل صور المعاناة الفلسطينية، حتى مشهد احتراق الصحفي أحمد منصور تجاهلوه أو اعتبروه تبريرًا للموت، لأنه “غطى أحداث 7 أكتوبر”.

المقترح المصرى

زوفى سياف أخر أوضح عواد أنه جاء في قناة “ماشي” ووسائل إعلام أخرى أن هناك مقترحًا مصريًا جديدًا يحاول الدفع نحو وقف إطلاق النار في غزة. للتذكير، وقبل انهيار الهدنة بسبب خرقها من طرف إسرائيل، كانت حماس قد عرضت إطلاق سراح محتجز واحد، وقالت: “أعطيكم واحد ونذهب إلى المرحلة الثانية من المفاوضات”، لكن إسرائيل طالبت بـ11 محتجزًا، ثم رفعت العدد لاحقًا إلى 5.

اليوم، المقترح المصري يتحدث عن 8 محتجزين أحياء من أصل 25، حيث يُعتقد—لعدم وضوح المعلومات—أن 8 منهم أحياء، و8 آخرين ليسوا على قيد الحياة.

اللافت هو ما ورد في التصريحات حول عدد أيام الهدنة مقابل الأسرى، حيث ذُكرت أرقام متفاوتة: 80 يومًا، 90 يومًا، أو 40 يومًا مقابل إطلاق سراح 8 محتجزين أحياء.

وكما هو متوقع، صرّح مكتب نتنياهو بأن المقترح “لم يصلنا بعد”، رغم أن الإعلام مقتنع بوصوله. وعندما سُئل البيت الأبيض، بدا أن لديهم أولويات مختلفة، وكان الرد الأسرع والأريح: “لم يصلنا شيء”. في المقابل، قالت القناة 11 الرسمية إن المقترح نُقل إلى إسرائيل يوم الخميس الماضي، في تمام الساعة 12 ظهرًا، وتضمن عناصر إشكالية بالنسبة لإسرائيل.

من بين مطالب حماس، بحسب المقترح، أن يحصلوا على ضمانات من الوسطاء القطريين والمصريين، وكذلك من الولايات المتحدة، بأن المرحلة الثانية من المفاوضات ستشمل وقف الحرب.

أي أن حماس، حتى لو وافقت إسرائيل على إطلاق سراح 5 أو 7 أو 8 أسرى، تريد ضمانات بأن المرحلة الثانية ستتم، وأن الحرب ستتوقف. لكن إسرائيل ترفض ذلك حتى الآن، لأسباب تتعلق بأهداف نتنياهو من الحرب—وفي مقدمتها القضاء على حماس—وأيضًا بسبب الضغوط الداخلية، ومواقف سموتريتش وبن غفير المتشددة.

بالتزامن مع وصول المقترح المصري، كانت هناك مبادرة من “ويتكوف”، تتضمن نقطتين: الأولى، أن هناك 11 محتجزًا على قيد الحياة، والثانية، وهي الأهم بالنسبة لإسرائيل، أن هذه الصفقة لا تشمل وقف الحرب ولا المرحلة الثانية.

ومع ذلك، في إسرائيل، يتكرر التساؤل: كيف تطلبون من حماس تقديم كل ما لديها من معلومات واحتجازات، بينما تنوون استئناف الحرب فورًا بعد ذلك؟

رأي كاتب إسرائيلي: كفى كذبًا

الكاتب كوبي نيف كتب مقالًا ناريًا ينتقد فيه المجتمع الإسرائيلي، قائلاً إن “القيم اليهودية” التي يُتغنى بها مجرد أكذوبة. وأن الديمقراطية في إسرائيل لم تكن يومًا إلا لليهود فقط، والدليل على ذلك هو سياسات القتل والتهجير منذ إعلان الدولة وحتى اليوم.

ويضيف نيف أن إسرائيل ليست ضحية، بل هي تقود أكثر حكومة يمينية متطرفة في العالم، وتستخدم خطاب التطهير العرقي كسياسة معلنة.

ختامًا

نتنياهو خرج من هذا اللقاء خالي الوفاض، لم يحصل على مكاسب سياسية ولا اقتصادية، وترامب كان أقرب إلى الترويج لخططه الخاصة من تقديم وعود لحليفه الإسرائيلي. أما الفلسطينيون، فبقوا – كعادتهم – خارج الحسابات، إلا كأرقام أو أوراق تفاوضية.

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى