بعد تغريدة إيلون ماسك عن لوبان: هل بدأت الإدارة الأمريكية شن حملة ضد ماكرون؟

مقدمة
أعاد الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، عبر حسابه على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، نشر تغريدة مثيرة للجدل، تتحدث عن الحشد الجماهيري الكبير الذي اجتمع حول زعيمة اليمين الفرنسي مارين لوبان في تجمع مناهض لما وُصف بـ”الحرب القانونية” في باريس، قائلًا:

“يا إلهي! مارين لوبان تكتظّ بأنصارها بعد إلقائها خطابًا حماسيًا في تجمعها المناهض للحرب القانونية في باريس اليوم. لم أرَ دعمًا كهذا لإيمانويل ماكرون من قبل.

الشعب الفرنسي يريد استعادة وطنه!”

هذا التعليق أثار العديد من التساؤلات في الأوساط السياسية والإعلامية، خصوصًا فيما إذا كان يعكس تحولًا في موقف إيلون ماسك، وربما دوائر أمريكية، تجاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وصرّح رئيس الوزراء الفرنسي، فرنسوا بايرو، يوم السبت، أن دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن، واعتباره أنها تتعرض لحملة اضطهاد، يشكلان تدخلاً في الشؤون الداخلية لفرنسا.

وجاءت تصريحات بايرو في مقابلة مع صحيفة لو باريزيان ديمانش، ردًا على سؤال بشأن الدعم الذي تلقته لوبن من ترامب، والكرملين، ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، رغم صدور حكم قضائي فرنسي بعدم أهليتها للترشح للانتخابات الرئاسية.

وأكّد بايرو على ضرورة التمييز بين هذه المواقف الثلاثة، معبّرًا عن استنكاره لما وصفه بـ”خطاب سياسي دولي تجاوز كل الحدود”.

هل تمثل تغريدة ماسك تحولًا سياسيًا؟

1. ماسك والتعليق السياسي
من المعروف أن إيلون ماسك لا يبتعد عن السياسة، خاصة حين يتعلق الأمر بحرية التعبير، أو النفوذ السياسي الأوروبي، أو الضغط على شركاته. وقد دخل في صدامات سابقة مع الاتحاد الأوروبي بسبب قوانين المحتوى الرقمي، وسياسات مكافحة المعلومات المضللة، وهو ما وصفه بـ”الرقابة الأوروبية”.

وعليه، فإن إعادة تغريدة تظهر لوبان في موقف قوي وتنتقد ضمنيًا ماكرون، لا يمكن قراءتها على أنها مجرد ملاحظة عابرة، بل تحمل دلالات سياسية واضحة.

2. التلميح إلى فقدان ماكرون للدعم الشعبي
يُعد تعليق ماسك “لم أرَ دعمًا كهذا لماكرون من قبل” بمثابة نقد مباشر لشعبية الرئيس الفرنسي، وإشارة ضمنية إلى تآكل شرعيته الشعبية، في مقابل صعود اليمين الفرنسي. وهذا يعزز الانطباع بأن ماسك يرى في لوبان تمثيلًا أقرب لما يسميه “إرادة الشعب”.

3. “الحرب القانونية” كمصطلح سياسي
التجمع الذي وصفه ماسك بـ”المناهض للحرب القانونية” يرتبط بخطاب لوبان المتكرر ضد النخبة السياسية والقضائية، التي ترى أنها تسخر النظام القانوني لتصفية المعارضين. إعادة ماسك لهذا المصطلح تحديدًا توحي بتعاطف مع هذا الطرح، الذي يلقى صدى لدى اليمين في الولايات المتحدة وأوروبا.

هل هناك موقف أمريكي رسمي؟
حتى اللحظة، لا توجد إشارات رسمية من الإدارة الأمريكية تشير إلى عداء مع الرئيس ماكرون. بل على العكس، العلاقات الفرنسية الأمريكية تسير في إطار التنسيق والتعاون، لا سيما في ملفات دولية مثل أوكرانيا والشرق الأوسط.

لكن ما يجب ملاحظته هو أن ماسك، وإن لم يكن ممثلًا رسميًا للحكومة الأمريكية، أصبح يُنظر إليه كصوت مؤثر داخل التيار المحافظ الأمريكي، وله علاقات قوية مع شخصيات قريبة من دوائر صنع القرار، مثل دونالد ترامب وتيكر كارلسون.

هل هي بداية حملة ضد ماكرون؟

من السابق لأوانه اعتبار ما حدث “حملة منظمة” ضد ماكرون. لكن المؤشرات التالية لا يمكن تجاهلها:

تصاعد النقد لماكرون من أصوات محافظة أمريكية مؤثرة، مثل ماسك.

ترويج خطاب “استعادة الوطن”، وهو شعار شعبي متكرر لدى الحركات اليمينية في الغرب.

توقيت التصريح مع أزمات داخلية فرنسية (احتجاجات، ملفات الهجرة، الحرب في غزة)، قد تضعف موقف ماكرون أمام خصومه.

ولكن فى النهاية لا يمكن الجزم بأن الإدارة الأمريكية تشن حربًا سياسية على ماكرون، لكن من المؤكد أن هناك تحولًا في الخطاب الصادر عن بعض الشخصيات البارزة مثل إيلون ماسك، باتجاه إضعاف صورة الرئيس الفرنسي، والترويج لبدائل يمينية أكثر قربًا من المزاج القومي والمحافظ.

وهذا التحول – وإن لم يكن رسميًا – يبعث بإشارات قوية على أن ماكرون، بسياساته الليبرالية والدولية، بدأ يواجه تحديًا من قوى صاعدة على جانبي الأطلسي، ترى في الشعبوية والقومية مستقبلًا بديلاً للنظام القائم.

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى