أمين الفتوى: الموسيقى والغناء من المباحات ما دامت مضامينها طيبة

كتب – علي سيد
أكد الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الأصل في سماع الموسيقى والغناء هو الإباحة، وليس التحريم كما يظن البعض.
الإفتاء توضح حكم التعصب بين جماهير الأهلي والزمالك
وأوضح خلال مداخلته الهاتفية في أحد البرامج الدينية أن الأمر لا يتعلق بصوت اللحن أو الموسيقى بذاتها، بل يتصل بالمضمون الذي تحمله تلك الأصوات، مؤكدًا أن الحكم الشرعي يرتبط بجوهر ما يُقدَّم، لا بالوسيلة المستخدمة.
قال الورداني إن السؤال الذي ورد من سيدة تُدعى أسماء من محافظة القليوبية أعاد إلى السطح نقاشًا قديمًا يتجدد من حين لآخر بشأن شرعية الموسيقى، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الناس يتبنون آراء متشددة تبتعد عن أصل الفهم الإسلامي الصحيح، وبيّن أن العلماء المسلمين على مر العصور لم يتفقوا على تحريم عام للموسيقى والغناء، بل ربطوا الحكم بطبيعة المحتوى وتأثيره على النفس والمجتمع.
أوضح أن علماء الإسلام قالوا إن “الموسيقى صوتٌ حسنُه حسنٌ، وقبيحُه قبيح”، مشيرًا إلى أن الصوت الجميل لا يمكن أن يُدان لمجرد أنه نغمي أو منظم، واستشهد بأن القرآن الكريم يُتلى بألحان العرب، وهذه الألحان تصل بالمعنى إلى القلوب والعقول، فلو كانت الموسيقى محرمة لكان أول ما يُمنع هو ترتيل القرآن بتلك الأشكال الصوتية، وهو ما لا يقبله عقل أو منطق.
أضاف أن الله عز وجل خلق الجمال وأمر بالإحسان، وطلب من الإنسان أن يتقن كل شيء يقوم به، بما في ذلك طريقة الحديث، وأساليب التعبير، وجودة الصوت. ولفت إلى أن الفن ليس هدفًا في ذاته، وإنما وسيلة إيصال للمعنى، ولذلك يكون الحكم عليه بناء على ما ينقله من مضمون.
أشار الورداني إلى أن الأغاني التي تدعو إلى الأخلاق، أو تحفّز على العمل، أو تعبر عن المشاعر النبيلة، لا يمكن أن توضع في كفة واحدة مع الأغاني التي تنشر الإسفاف، أو تدعو إلى الفجور، أو تتعمد الإثارة الرخيصة، واعتبر أن من الخطأ تعميم الحكم الشرعي دون نظر إلى التفاصيل والنيات والمضامين.
تابع بأن دار الإفتاء تتعامل مع مثل هذه الأسئلة انطلاقًا من القواعد العامة للشريعة التي تهدف إلى التيسير لا التعسير، والتي تعتبر مقاصد الإنسان ونواياه معيارًا أساسيًا في الحكم، كما أنها ترفض أن تتحول قضايا الخلاف الفقهي إلى ساحة للتشدد أو التشهير.
أكد أن التحذير من بعض أنواع الأغاني لا يعني بالضرورة أن كل ما يُغنّى أو يُعزف هو محرم، بل إن التحذير يأتي من مضامين محددة لا من الصوت أو اللحن، وشدد على أهمية أن يميز المستمع بين الجيد والسيئ، وأن يكون على وعي بما يتلقاه من رسائل في الأغاني والموسيقى.
أوضح الورداني أن الموقف المعتدل من الفن عمومًا، والموسيقى والغناء خصوصًا، هو ما يعكس روح الشريعة الإسلامية الحقيقية، التي تنفتح على الحياة، وتحتضن الإنسان في مختلف جوانب وجوده، دون قهر أو تزمت، ودعا إلى عدم الانجرار خلف آراء متشددة تنكر على الناس أبسط مظاهر الفرح والتذوق الجمالي.