داليا زيادة تواصل: “اللي حصل ده وجعني جدًا”.. هاجمت الأزهر وعبد الناصر وامتدحت إسرائيل
داليا زيادة: هكذا يُعاد تشكيل وعي الشعوب تجاه إسرائيل بفعل تزييف الوعي ودراما الصراعات - العرب ارتكبوا "غلطة كبيرة" بدعم حماس.. والمواجهة مع التطرف تتطلب بديلاً سياسياً وجبهة سلام حقيقية - إيران المستفيد الأول من بقاء حالة الصراع العربي الإسرائيلي

كتب: على طه
داليا زيادة، وفى التصريحاتها المعلنة الأخيرة لـ “الناشطة، والباحثة السياسية” – كما تحب أن تقدم نفسها – والتى انتقدت فيها موقف عدد من الدول العربية التي أبدت دعماً لحركة “حماس” عقب هجوم 7 أكتوبر، واصفة ذلك بـ”العمل الإرهابي”، و “خطأ كبير سيدفع الجميع ثمنه”.
جاء ذلك في مقابلة حصرية خلال أولى حلقات برنامج بودكاست “منطقة حرة”، وتحدثت زيادة التي تشغل منصب مديرة مركز دراسات الديمقراطية الحرة ومركز “ميم” لدراسات الشرق الأوسط، مبررة أسباب مغادرتها مصر، وقالت أيضا أن “أحد أبرز أهداف عملية 7 أكتوبر التي نفذتها حركة حماس ضد المدنيين الإسرائيليين، كان تعطيل مسار السلام المتسارع بين السعودية وإسرائيل”، مضيفة أن “التقارب السعودي الإسرائيلي كان في طريقه لتغيير وجه المنطقة جذريًا، وكانت هناك مفاوضات متقدمة جدًا تشمل نقاطًا تتعلق بالقضية الفلسطينية”.
وفى التالى النص الكامل لتصريحات زيادة خلال الحلقة.. والحكم لجمهور القراء.
الأقوال كاملة
قالت زيادة، إن موقفها لم يكن جديدًا أو مفاجئًا، بل يعكس قناعتها الراسخة منذ أكثر من 17 عامًا، برفضها للإسلام السياسي والجماعات المتطرفة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وحماس.
وأضافت: “أنا أدين كل من يرفع شعارًا دينيًا ويمارس العنف تحته. موقفي من حماس ليس وليد اليوم. منذ سنوات وأنا أعتبرها تنظيمًا إرهابيًا يهدد الاستقرار في المنطقة”.
تهديدات وملاحقة قانونية
وأضافت زيادة أنها تلقت تهديدات جدية بالقتل عقب تصريحاتها، قائلة: “ناس كانت بتبعتلي على تليفوني عنوان بيتي وبيهددوني بالقتل. في ناس راحوا لبيت أهلي يدوروا عليا”.
وأشارت إلى أن تهديدات المتطرفين لم تكن الخطر الوحيد، بل صدمها أيضًا موقف بعض الجهات في الدولة المصرية، التي – بحسب قولها – تجاهلت طلبها الحماية وفتحت ضدها بلاغات قضائية تتهمها بالتجسس لصالح إسرائيل، ونشر أخبار كاذبة، وتهديد السلم العام.
تحول الدولة المصرية
اعتبرت زيادة أن الموقف الرسمي المصري منها جاء نتيجة تغير في سياسات الدولة تجاه بعض الملفات. وقالت: “نفس الناس اللي شجعوني زمان على محاربة الإخوان، هم اللي انقلبوا عليّ الآن”. وأضافت: “المؤلم إن اللي بيحصل دلوقتي هو انقلاب في موقف الدولة نفسها، مش أنا اللي اتغيرت، هم اللي غيروا الاتجاه”.
قرار الرحيل
وقالت زيادة إن مغادرتها لمصر لم تكن برغبة شخصية، بل كانت اضطراراً لحماية حياتها، وأضافت: “أنا خرجت بقلب مكسور. ما كنتش عايزة أسيب مصر، بس كان لازم أختار بين السجن أو القتل”.
وواصلت: “أنا طول عمري بنام وأحلم بمصر. ساعات بفتح خرائط جوجل علشان أشوف شوارعها. اللي حصل ده وجعني جدًا”.
وتساءلت زيادة: “لما يبقى قدامك تنظيم إرهابي بيقتل ويخطف ويغتصب، وفي الجهة المقابلة دولة، حتى لو مختلف معاها، تدعم مين؟ الدولة ولا الإرهاب؟”، مؤكدة أن موقفها لم يتغير، وأنها “تدفع اليوم ثمن مساعدتها السابقة للدولة المصرية”.
هكذا يُعاد تشكيل وعي الشعوب تجاه إسرائيل
وقالت زيادة إن جزءاً كبيراً من الخطاب العالمي المتعاطف مع الفلسطينيين في الغرب، لا يقوم على وعي حقيقي بالصراع، بل على شعارات منقولة دون إدراك لمضمونها، مشيرة إلى أن العديد من المتظاهرين في الولايات المتحدة، مثلاً لا يدركون معنى ما يرفعونه من عبارات مثل “من النهر إلى البحر” أو “تحرير فلسطين”، وإنما يرددونها بناءً على روايات إنسانية سطحية سمعوها من أصدقاء أو جيران.
وفي حديثها خلال برنامج “منطقة حرة”، أكدت زيادة أن “أحد أبرز أهداف عملية 7 أكتوبر التي نفذتها حركة حماس ضد المدنيين الإسرائيليين، كان تعطيل مسار السلام المتسارع بين السعودية وإسرائيل”، مضيفة أن “التقارب السعودي الإسرائيلي كان في طريقه لتغيير وجه المنطقة جذريًا، وكانت هناك مفاوضات متقدمة جدًا تشمل نقاطًا تتعلق بالقضية الفلسطينية”.
المستفيد الأول
واعتبرت زيادة أن “هذا التقارب لم يكن يصب في مصلحة إيران”، التي ترى أنها “المستفيد الأول من بقاء حالة الصراع العربي الإسرائيلي”، موضحة أن “إيران تدعم تنظيمات إرهابية تكتسب شرعيتها من شعار مقاومة إسرائيل، ومع تحقق السلام، ستفقد هذه التنظيمات معناها ونفوذها، وبالتالي يتراجع النفوذ الإيراني في المنطقة”.
وانتقدت زيادة ما وصفته بـ”تزييف الوعي” الذي بدأ منذ خمسينات وستينات القرن الماضي، مؤكدة أن الصراع مع إسرائيل لم يكن دائمًا على الأرض، بل تحول لاحقًا إلى صراع ديني “بين المسلمين واليهود”، بدفع من حكومات عربية استخدمت القضية الفلسطينية كأداة لتبرير إخفاقاتها.
وأضافت أن هذا التزييف وُظف سياسيًا من قبل زعماء مثل جمال عبد الناصر الذي روج لفكرة أن “مشاكل العرب سببها إسرائيل”، بهدف خلق عدو مشترك يلتف حوله العرب، بينما كانت السياسات الفاشلة هي السبب الحقيقي في الأزمات الداخلية.
الخطاب الدينى
وأشارت إلى أن “الخطاب الديني المتطرف ساهم في تعزيز هذا التصور”، متهمة بعض منتميي الأزهر – ممن وصفتهم بـ”المتطرفين” – باستخدام نصوص دينية لتغذية الكراهية تجاه اليهود، رغم أن المؤسسة الأزهرية ذاتها تحظى باحترامها، مشددة على أنها تدعم “دور الأزهر المعتدل وتاريخه في مواجهة الإخوان المسلمين”.
وفيما يتعلق بالواقع المصري، رأت زيادة أن وسائل الإعلام، لا سيما الدراما والسينما، “ما تزال تكرس صورة العدو الإسرائيلي”، وقالت: “رغم اتفاقية السلام الموقعة منذ أكثر من أربعة عقود، لم نحتفل بها يومًا كما نحتفل بذكرى حرب أكتوبر، ولا تزال الأفلام والمسلسلات تصور إسرائيل كعدو دائم”.
صورة إسرائيل
وحذرت زيادة من استمرار هذا النمط الإعلامي، خاصة في ظل جيل ما بعد 1978 الذي لم يعايش الحروب، بل نشأ في ظل السلام، مشددة على أن الوقت قد حان لإعادة النظر في صورة إسرائيل داخل الوعي الجمعي العربي، معتبرة أن “إسرائيل أثبتت في السنوات الأخيرة أنها جار مسالم وساعدت الدول العربية في مجالات مثل محاربة الإرهاب والتعاون الاقتصادي، خصوصًا في ملف غاز شرق المتوسط”.
وقالت إن “الكراهية ليست جزءًا من الدين، لكنها أصبحت للأسف جزءًا من خطاب متعمد لتزييف وعي الأجيال العربية، إما بدافع سياسي أو تحت غطاء ديني متطرف”.
العرب ارتكبوا “غلطة كبيرة”
وانتقدت زيادة موقف عدد من الدول العربية التي أبدت دعماً لحركة “حماس” عقب هجوم 7 أكتوبر، واصفة ذلك بأنه “خطأ كبير سيدفع الجميع ثمنه”، معربة عن دهشتها مما اعتبرته انخداعاً واسعاً في الرأي العام العربي، وعلّقت قائلة: “بأي منطق تم دعم حماس؟ هذا أمر غير مبرر.. والمشكلة أن الإسلاميين كانوا أول من دافع عن ممثلة أفلام إباحية لمجرد إعلانها تأييد الهجوم، واعتبروها أيقونة للنضال”.
واستنكرت زيادة ما وصفته بـ”الكوميديا السوداء” التي تحكم المشهد الإعلامي العربي، مشيرة إلى أن “موجات التأييد الموجهة ليست سوى نتاج مباشر لسيطرة خطاب الإسلام السياسي على السوشيال ميديا”، معتبرة أن هذا الخطاب يُستخدم الآن لترهيب المشاهير العرب والمسلمين في الغرب وإجبارهم على اتخاذ مواقف مؤيدة لحماس خشية التشكيك في وطنيتهم أو دينهم.
الأطفال الفلسطنيين
وفي معرض حديثها عن الأطفال الفلسطينيين، وصفت مشاهد تلقينهم ثقافة الموت بأنها “مرعبة”، وقالت: “رأيت أطفالاً في عمر الأربع سنوات يتعلمون كيف يصبحون شهداء. هذه جريمة قتل للطفولة تقوم بها حماس. هذا لا يختلف كثيراً عما فعله الإخوان في مصر بعد سقوط حكمهم”.
وأشارت إلى أن القضاء الكامل على حماس مسألة “شبه مستحيلة”، لكنها رأت إمكانية “لإضعافها عسكرياً، وإخراجها من المعادلة السياسية”، مشددة على ضرورة إيجاد بديل سياسي لحماس، مؤكدة أن هذه المهمة تقع على عاتق الدول العربية المحورية مثل مصر والسعودية والأردن.
وأضافت: “يجب أن يكون هناك بديل سريع لحماس… وإعادة تأهيل الأطفال المتأثرين بثقافة العنف مسؤولية إقليمية وإسرائيلية أيضاً”.
مستقبل المنطقة
وحول مستقبل المنطقة، شددت زيادة على ضرورة عقد اجتماع عربي-إسرائيلي لبحث ما بعد حماس، ووجهت انتقاداً للدول العربية التي تقاطع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شخصياً، مؤكدة: “لا يجوز أن نقف ضد دولة بسبب رئيسها.. كان الأولى دعوة الطرفين في كل القمم، والعمل على إيقاف الحرب منذ اليوم الأول، وليس بعد 80 يوماً من اندلاعها”.
وختمت حديثها بالتأكيد على أن “أصحاب رسالة السلام”، رغم انخفاض صوتهم مقارنة بالتيارات المتطرفة، “هم من سينتصر في النهاية”، إذا ما قدموا خطاباً مضاداً يكشف الحقائق ويطرح بديلاً واضحاً.