قل شكوتك: ” وهناك من لا يصلحون للزواج “

كتبت: أسماء خليل
ربما يكون التلاقي بيننا في زمنٍ آخر، وربما نلحق بذاك الزمان أو نستطيع الوصول بآخر عتباته، ولكن هناك درسًا بالحياة قد نسيته، هو أنه لا يوجد مستحيل، ربما نتخطى المستحيل يومًا وتسبق خطانا أحلامنا، حينها سأستيقظ من نومي؛ لأن النهار سيحوي كل جميل.
أعتقد أن ما سبق هو مقدمة مناسبة لشكوى أرسلتها الفتاة” ص. أ ”، عبر البريد الإلكتروني، راجيةً من الله تعالى أن تجد حلًّا لمشكلتها، التي باتت تؤرقها وتتعس أوقاتها.
الشكوى
أنا ” ص. أ ” فتاة في العقد الثالث من سني عمري، أوشكتُ على الانتهاء من الدراسة بكلية التربية، أسكن بأحدى قرى مدن الدلتا وسط أسرتي المكونة من أبي الموظف البسيط وأمي ربة المنزل وأكبُرُ أربع بنات هن أخواتي وكل دنيتي.
لم أرَ الحياة – كما تراها البنات – في كل مراحل عمري؛ وذلك بسبب شدة وقهر أب كان يعتقد أنه بذلك يحمي بناته، وكان جدي – رحمة الله عليه – ينهج نفس النهج في تربيته لعمتي؛ فحاكاه أبي بحكم الجينات الوراثية وانتقال الخبرات من جيل لآخر، وقد نالني النصيب الأعظم من تلك المعاملة القاسية بحكم أنني الابنة الكبرى.
فهناك إرثٌ يورِّثه الآباء لأبنائهم وهم على قيد الحياة كالعطف والشفقة وأيضا بخل المشاعر والغلظة، ولكن دائما النصيب الأكبر يكن لمن سبق الخطى للدنيا.
كافحتُ كثيرًا في مساعدة أمي بالمنزل لرعاية أخواتي اللاتي تصغرنني، وأيضا في مساعدة أبي منذ بضع سنوات، فأنا أعمل بأحد محال الملابس وأعطى أمي كل راتبي؛ رغم أنني لم أتعثر يوما بالدراسة فقد كان النجاح حليفي منذ نعومة أظفاري.
كم حلمتُ بيدٍ حانية أو قلب يحتويني، كم تمنيتُ سماع كلمة تشعرني بجمالي والثناء عليَّ فلم أجد سوى الكلمات القاسية من أبي.
تبدأ مشكلتي بحق حينما حاول زميل لي بالجامعة التقرب مني وملاحقتي كلما ذهبت إلى أي مكان، وبدأ يعبر لي عن مشاعره الدفينة تجاهي.
لا أنكر أنه جعلني أدخل عالمًا لم أعهده من قبل، عالمًا الكلمة العليا به للمشاعر والأحاسيس، كم هو لطيف معي رقيق القلب، لم أسمع ما يضاهي كلامه في حياتي.. أستطيع القول بأنني لم أرَ الحياة إلا حينما رأيته، لقد أضاء بحق جنبات حياتي رغم كل ظلامها الدامس.
كانت شقة مكونة من حجرة وصالة هي كل ما يمتلكه بالحياة، وكان يعمل بصيدلية كي يستطيع أن يكمل تعليمه الجامعي، وصار من المؤكد أن أطلب منه أن يتقدم لخطبتي ليكلل الزواج قصتنا الجميلة كمسار طبيعي يسلكه البشر.
قمت بالتمهيد لأمي كي تدعم موقفي لدى أبي؛ لكن للأسف لم تفلح أي محاولة من أمي بإقناع أبي.. تقدم زميلي لخطبتي بعد تحديد موعد مع أبي على مضدد، وياليته لم يأتِ؛ فقد كان أبي متأففًا طيلة الجِلسة وقام بالسخرية والتهكم من حاله وفقره وأسرته؛ رغم أن الفقراء يشعرون ببعضهم البعض ولكن أبي تنصل من فقر ذات يده.
الحل الذي يتراءى أمامنا الآن هو الزواج بدون موافقة أسرتي، أو الزواج العرفي كما عرض علىَّ زوجي المنتظر حتى تتهيأ لنا الظروف،، ليس باستطاعتي الآن الرجوع إلى نقطة اللاشيء وخسران ذلك الشاب الذي أنار طريقي.
ليس بوسعي أبدًا الرضوخ والاستسلام مرة أخرى لحالي الذي أدمى كل جروحي بعدما كادت تندمل.. ماذا أفعل بحق الله سيدتي؟!.
الحــــــــــــــل
عزيزتي “ص. أ” كان الله بالعون.
ليس من العقل أن يهرب المرء من الوقوع في حفرة عميقة؛ ليلقي بنفسه في حفرة أعمق منها غارسًا قدمه في الوحل الذي لا تمحو آثاره آلاف قطرات المياه، إنكِ الآن كمن زرع زرعةً وتحمل تقلب فصول السنين ثم بعد نضجها أراد بيعها بثمنٍ بخس.
إن الظروف القاسية التي تربيتي عليها حالت بينكِ وبين إدراككِ لقيمة نفسكِ؛ إذ أنكِ غالية جدا وهذا ما لم تشعري به ..فعلى الإنسان العاقل أن يقدر نفسه بقدرها دون انتظار من أحد أن يقدرها له.
فمن لم يعرف قيمة نفسه لا ينتظر من العالم شيء. لا تتسرعي أبدًا في بناء مستقبلك بقشاتٍ واهية، عليكِ الانتظار حتى يرزقكِ الله بأحجارٍ كريمة ترصعين بها حياتك.
فالرومانسية والغرام وحدهما لا يكفيان للإبحار في بحار الحياة العميقة، حتمًا ستسير سفينتكما بلا وقود.
وأيضًا لا يجوز للبنت البكر أن تزوج نفسها دون إذن وتصديق وليِّها على عقد زواجها، طالما أنكما سلكتما ذلك الطريق فسوف لا تجدان ملجأً سوى الزواج العرفي، وبهذا تكونين قد حكمتِ على نفسكِ باستمرار حلقات سوء النفسية الذي ستوصلينها بإرادتكِ استكمالًا للسلسلة السابقة.
قليل من الحكمة في الصغر تحمينا من الهلاك المحقق بالكبر،،لقد شُرع الزواج لمن قدر عليه واستطاع الباءة، وعليه فهناك من لا يصلحون للزواج.
واجهي ذلك الشاب ولا تنسين أنه أجنبيٌ عنكِ فلا تتخطي حدودك معه بأي شكل، وحدثيه بما ينتظركما من الدمار المحقق في حال التسرع، بإمكانه الانتهاء من دراسته ثم البحث عن عمل تقتاتان منه ثم يوافق عليه أبوكِ كخطيب باعتباره الولي الشرعي لكِ، وحينها سيكون باستطاعتكما الزواج بكل سعادة.
عزيزتي، إذا لم يقدر لكِ الله تعالى الاستمرار مع ذلك الشاب باعتباره زوجًا للمستقبل؛ فعليكِ أن تتحدثي مع أبيكِ بكل احترام وهدوء وتعبرين له عما آلت إليه حالتكِ النفسية من تردي ليحسن معاملتكِ.
انظري لنفسكِ نظرة جديدة.. نظرة لتلك الفتاة الجامعية المطيعة المكافحة النشيطة التي تستعد لمستقبل باهر.. حسِّني من نفسك، اجتهدي بتلك السنة النهائية بالجامعة لتصبحين معلمة ناجحة.. غدًا ستتحسن الأمور، فقط بمزيدٍ من الثقة والصبر.
منحكِ الله السعادة وراحة البال.
…………………………………………………………………………………………………..
راسلوني عبر الواتس آب 01153870926 و “قل شكوتك” وأنت مطمئن لعلى بعد الله أستطيع أن أخففها عنك.