أزمة تعكس مأزقًا سياسيًا: ماذا يحدث فى الجيش الإسرائيلى؟

كتب: أشرف التهامى

“تمرّد غير مسبوق في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي وسط تصاعد المعارضة لحرب غزة” هذا الوصف ينطبق تماما على ما يحدث فى داخل الجيش الإسرائيلى الآن،والذى يشهد حالة من الغليان الداخلي، مع تصاعد أصوات الرفض داخل صفوفه ضد الحرب المستمرة على قطاع غزة، والتي يقودها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

وفى هذا الصدد أقدم عشرات الضباط والجنود في سلاح الجو والبحرية والمدرعات على إعلان رفضهم لمواصلة الحرب، محذرين من عواقبها الكارثية، وعلى رأسها تهديد حياة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة.

وفي ظل هذه التطورات، أقدم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال إيال زامير، على فصل نحو ألف جندي من الخدمة، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تعكس عمق الأزمة التي تواجه المؤسسة العسكرية الصهيونية.

ورغم أن كثيراً من المحتجين هم من جنود وضباط الاحتياط أو من المسرّحين سابقاً، فإن ذلك لا يقلل من أهمية الظاهرة، التي تكشف عن حالة رفض شعبي متصاعدة داخل الكيان تجاه الحرب المستمرة، والتي يرى كثيرون أنها تُدار لمصلحة أهداف سياسية ضيقة تخدم نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة.

وبرغم مرور أشهر على بدء العدوان، واستمرار الحصار الشامل على القطاع، لم تنجح الآلة العسكرية الإسرائيلية في تحقيق أهدافها المعلنة. فالمقاومة الفلسطينية لا تزال تواصل إطلاق الصواريخ باتجاه مستوطنات غلاف غزة، فيما يحذر المعترضون داخل الجيش من أن استمرار القتال “يعيق تحرير الأسرى، ويعرض الجنود للخطر، ويؤدي إلى سقوط مزيد من المدنيين”.

أزمة داخلية متفاقمة

وفي تعليق على المشهد، قال الباحث في الشأن الإسرائيلي، علي علاء الدين، لموقع قناة “المنار”، إن طول أمد الحرب أدى إلى استنزاف الجيش الإسرائيلي، خاصة في ظل اعتماده الواسع على قوات الاحتياط.

وأوضح علاء الدين أن الجيش يقاتل منذ أشهر بلا نتائج ملموسة، فالأهداف التي أعلنها منذ بدء العدوان، مثل القضاء على حركة حماس أو استعادة الأسرى ومنع إطلاق الصواريخ، لم تتحقق. وأضاف أن “القتال المستمر من دون أفق واضح أو هدف قابل للتحقق، يضاعف من حالة الإرباك داخل المؤسسة العسكرية”.

وأشار إلى أن الاعتراضات الحالية تتركز في صفوف سلاح الجو، الذي يضم نسبة كبيرة من أبناء الطبقة الأرستقراطية في إسرائيل، مقارنة بالقوات البرية التي تضمّ غالبًا فئات فقيرة وأكثر ارتباطًا بالتيارات الدينية المتطرفة.

أزمة تعكس مأزقًا سياسيًا

واعتبر علاء الدين أن ما يجري داخل الجيش هو انعكاس مباشر للأزمة السياسية المتفاقمة في إسرائيل، حيث يواجه نتنياهو ملفات فساد وعشرات الدعاوى القضائية، مما يجعله بحاجة إلى استمرار الحرب للبقاء السياسي.

وفيما يرى البعض أن هذه الاعتراضات قد تؤدي إلى تغير كبير في بنية الكيان، اعتبر علاء الدين أن ذلك مستبعد في ظل استمرار الحرب، لكون أي انفجار داخلي من شأنه أن ينعكس سلبًا على معنويات الجنود ومسار العمليات.

مع ذلك، شدّد على أهمية هذه الظاهرة، لا سيما أن جيش الاحتلال يعتمد بشكل كبير على قوات الاحتياط، الذين يشكّلون العمود الفقري للعدوان على غزة. وختم بالقول إن الكيان بأكمله عبارة عن “جيش معسْكر”، ما يجعل أي شرخ داخلي فيه بمثابة تهديد وجودي حقيقي.

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى