عبد الغني: “الرهان الآن على تعميق الانقسام الداخلي الإسرائيلي”

كتب: على طه
أكد الكاتب الصحفي عاطف عبد الغني، رئيس تحرير موقع بيان ومدير تحرير مجلة أكتوبر، أن التصريحات الأخيرة لوزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بشأن إقامة إدارة عسكرية في قطاع غزة ليست جديدة، بل تعكس توجهاً استراتيجياً لحكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، التي تسعى لتغيير المعادلة الجيوسياسية في فلسطين بشكل كامل.
وأوضح عبد الغني، خلال مشاركته فى برنامج المشهد المذاع على قناة النيل الأخبار، حلقة اليوم الاثنين، أن “إسرائيل منذ أشهر تروّج لفكرة فرض حكم عسكري على غزة، وكان يُنظر إلى هذا السيناريو باعتباره مستبعداً، لكن الأيام أثبتت أن هناك خطة متكاملة يجري تنفيذها على الأرض، بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية، خصوصاً في ظل الحديث المتكرر عن ما سُمي سابقاً بـ’مشروع الريفيرا’ أو تحويل غزة إلى منطقة استثمارية مغلقة بعد تفريغها من سكانها”.
السيناريوهات المطروحة
وأشار عبد الغنى إلى أن ما يجري في غزة يتواز بشكل واضح مع ممارسات مماثلة في الضفة الغربية، ضمن خطة واحدة تهدف إلى التهجير القسري والتضييق على الفلسطينيين ودفعهم نحو النزوح، قائلاً: “السيناريوهات المطروحة لقطاع غزة والضفة متطابقة، فهناك محاولات منهجية للضغط على الفلسطينيين في كلا الجانبين، وصولاً لتفريغ الأرض وتصفية القضية”.
وفي السياق ذاته، رأى عبد الغني أن هناك تفاهم ضمني بين مكونات اليمين الإسرائيلي، بمن فيهم نتنياهو واليمين الديني والقوميون الجدد، حول ضرورة القضاء على حركة حماس وفرض السيطرة الكاملة على القطاع، بصرف النظر عن الخلافات السياسية الظاهرة أو تصريحات المعارضة الإسرائيلية.
موقف حماس
وعن موقف حركة حماس، اعتبر عبد الغني أن الحركة لم تعد تمتلك الكثير من الأوراق، مشيراً إلى أن “تمسكها بخطاب المقاومة غير المدعوم بإمكانيات حقيقية يضعف موقفها”، لكنه كشف عن تطور لافت بقوله: “اليوم بعثت حماس برسالة إلى رئيس الوزراء القطري، تؤكد فيها استعدادها للتخلي عن حكم غزة مقابل التهدئة وتبادل الأسرى”.
وفيما يتعلق برد الفعل المصري، شدد عبد الغني على أن مصر تواصل تحركاتها الدبلوماسية والعسكرية لمنع تنفيذ المخطط الإسرائيلي الأميركي، لافتاً إلى أن الضغوط على القاهرة هائلة، لكن القيادة السياسية المصرية تدرك أن أي تفريغ لغزة من سكانها يمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري ومحاولة لتصفية القضية الفلسطينية.
وأضاف: “مصر لا ترفض استضافة أشقاءها العرب، لكنها ترفض أن تكون بوابة لتصفية القضية، وهناك جهود مصرية واضحة لكسر هذا المخطط، سواء عبر الوساطات السياسية أو التنسيق مع قوى دولية كالصين وروسيا لإرسال رسالة إلى الغرب”.
وحذّر عبد الغني من أن المخطط أكبر من غزة، مشيراً إلى أن “هناك خطة واسعة لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، تتضمن تفتيت الدول العربية ونهب ثرواتها، وهو ما يفسر تحركات ترامب ونتنياهو ومخططاتهما تجاه فلسطين والخليج”.
ترامب أعطى الضوء الأخضر لإسرائيل
ولفت رئيس تحرير موقع “بيان” أن فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية كان بمثابة “كارثة” على القضية الفلسطينية والمنطقة بأكملها، مشيرًا إلى أن رؤيته حيال ترامب كانت واضحة منذ البداية، حيث حذر مرارًا من تداعيات وصوله إلى السلطة.
وقال عبد الغني: “ترامب لم يعد بشيء جيد للشرق الأوسط بل نفذ ما قاله، هو لا يريد خوض الحروب لكنه يحقق أهدافه عبر المناورات السياسية والعسكرية، حيث يستخدم التهديد بالقوة دون أن يلجأ لها، في نفس الوقت الذي منح فيه إسرائيل الضوء الأخضر لتنفيذ مخططها في غزة والضفة الغربية بالكامل”.
تغيير طبيعة قطاع غزة ديموغرافيًا وجغرافيًا
وأضاف الكاتب الصحفى أن ترامب منح نتنياهو مساحة واسعة لتنفيذ مخطط يستهدف تغيير طبيعة قطاع غزة ديموغرافيًا وجغرافيًا، وتحويله إلى منطقة استثمارية شبيهة بـ”الريفيرا”، على حد تعبيره، مع إنهاء الحديث عن القضية الفلسطينية وحق العودة.
وأوضح عبد الغني أن “المخطط يتضمن القضاء التام على الوجود الفلسطيني، سواء في الضفة الغربية التي يسعى نتنياهو لضمها إلى قلب الدولة العبرية، أو في غزة التي تُفرغ تدريجيًا من سكانها وتُحوّل إلى منطقة اقتصادية سياحية، في ظل أطماع إسرائيلية وغربية في ثروات الغاز قبالة سواحل القطاع”.
دور أمريكا
وأشار عبد الغنى إلى أن الولايات المتحدة تلعب دورًا مزدوجًا، حيث تسعى للهيمنة على ثروات المنطقة، خصوصًا من دول الخليج، مقابل منح أدوار دبلوماسية ترضى غرور تلك الدول مثل استضافة المفاوضات الدولية، كما حدث مع محاولات الوساطة في الحرب الروسية-الأوكرانية.
الدور المصري حاسم
وفي سياق متصل، شدد عبد الغني على أن الدور المصري يظل هو “الوحيد النزيه والحقيقي في هذه اللحظة المفصلية”، مؤكدًا أن مصر تقود معركة دبلوماسية وسياسية شرسة في الكواليس، ليس فقط ضد إسرائيل، بل ضد الولايات المتحدة ذاتها، لمواجهة هذا المخطط الجهنمي.
وكشف الكاتب الصحفى أن “مصر تضع سيناريوهات واضحة لاحتمالات المواجهة المباشرة، في ظل قلق إسرائيل المتزايد من القوة العسكرية المصرية”، مؤكدًا أن القاهرة لا تتعامل باستخفاف مع تطورات المرحلة، وتدرك حجم التهديد الذي يواجه مستقبل عدة دول عربية، في حال نجاح المخطط الإسرائيلي-الأميركي.
القضية لن تُنسى والمقاومة مستمرة
وتابع عبد الغني قائلاً: “رغم كل شيء، لن تُنسى القضية الفلسطينية، ولن يُنسى الفلسطينيون ولا حقهم التاريخي في أراضيهم، حتى لو نجحوا اليوم في فرض واقع جديد، فستأتي أجيال أخرى وتقاوم وتحصل على حقوقها… هذا ما علمنا إياه التاريخ”.
وحول استطلاعات الرأي الإسرائيلية التي تشير إلى رفض أكثر من نصف الإسرائيليين استمرار الحرب، قال عبد الغني: “حتى وإن صحت النسبة، فهي لا تعكس رفضًا لأهداف الحرب، وإنما خلاف على الإدارة السياسية فقط، والرهان الآن على تعميق الانقسام الداخلي الإسرائيلي”.
وفي ختام تصريحاته، تساءل عبد الغني عن غياب التوافق الفلسطيني الداخلي رغم هذه اللحظة الحرجة، داعيًا الفصائل إلى صياغة استراتيجية وطنية موحدة لمواجهة التصفية الممنهجة، مشيرًا إلى أن الانقسام بين غزة ورام الله يزيد من ضعف أوراق التفاوض والمقاومة.
جدير بالذكر أن حلقة اليوم الاثنين من برنامج المشهد جاءت تحت إشراف رئيس القناة أسامة راضي، وتقديم الإعلامى فوزى جاد الله، ورئيس تحرير البرنامج نهى سعيد.
شاهد الحلقة كاملة:
اقرأ ايضا: