نتنياهور يزور أذربيجان: علييف يعزز نفوذه الإقليمي وسط تصاعد التوتر مع إيران

مصادر – بيان

في سياق التقارب المتزايد بين أذربيجان وإسرائيل، جاءت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى باكو العاصمة الأذربيجانية كحدث لافت، حمل دلالات خاصة بصراع الكيان الصهيون والجمهورية الإيرانية الإسلامية.

والتقى نتنياهو بالرئيس الأذري إلهام علييف في زيارة رسمية هدفت إلى تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الأمن والدفاع والطاقة، وسط تصاعد التوترات مع إيران.

وتُعد هذه الزيارة – وهي الأولى منذ سنوات – مؤشرًا على عمق التحالف بين الجانبين، لا سيّما في ظل اعتماد أذربيجان على إسرائيل كمزود رئيسي للتقنيات العسكرية والأسلحة المتطورة، بالإضافة إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية.

وقت حساس

وقد جاءت الزيارة في وقت حساس، بعد سلسلة من العمليات الأمنية التي أحبطت فيها باكو محاولات استهداف مصالح إسرائيلية ويهودية داخل أراضيها.

ويرى مراقبون أن زيارة نتنياهو تمثل رسالة مباشرة إلى إيران بأن أذربيجان لم تعد مجرد جار شمالي، بل شريك إستراتيجي للدولة العبرية، على مقربة من الحدود الإيرانية.

وشهدت الساحة السياسية في جنوب القوقاز خلال الأشهر الماضية تحولات لافتة، حيث برز الرئيس الأذري إلهام علييف كفاعل إقليمي مؤثر، في ظل تصاعد التوتر بين بلاده وإيران، واستمرار الدور الإسرائيلي في المعادلة.

ففي تحركات دبلوماسية تحمل دلالات استراتيجية، أجرى علييف مؤخرًا مباحثات مهمة مع كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس السوري الجديد الشرع، في خطوة تشير إلى محاولة تشكيل محور إقليمي جديد.

ووفقًا لتقارير، تنظر كل من الولايات المتحدة وإسرائيل إلى علييف كقناة محتملة لتقريب وجهات النظر بين أطراف متناقضة في المنطقة.

محاولة اغتيال

وفي سياق أمني خطير، أعلنت جهاز الحماية الخاصة في أذربيجان (SPS) في يناير الماضي عن إحباط مخطط إرهابي يُعتقد أنه دُبّر من قبل الحرس الثوري الإيراني، وكان يستهدف رئيس الجالية اليهودية في البلاد، الحاخام شنئور سيغال.

وكشفت صحيفة واشنطن بوست لاحقًا أن أغيل أصلانوف، وهو تاجر مخدرات جورجي، كان قد التقى ضابطًا في فيلق القدس الخريف الماضي، وتلقى منه تعليمات مفصلة لاغتيال الحاخام مقابل مبلغ قدره 200 ألف دولار.

وقد تم اعتقال أصلانوف ومعه شريك محلي، ووجّهت لهما تهم تتعلق بالتآمر لتنفيذ عمل إرهابي، ويُعتقد أن خطتهما شملت أيضًا تنفيذ هجوم على مركز تعليمي تابع للجالية اليهودية.

خلفية من التوترات والتهديدات

يُذكر أن أذربيجان كانت قد أحبطت خلال السنوات الأخيرة عددًا من المخططات التي استهدفت شخصيات ومؤسسات يهودية وإسرائيلية، من بينها محاولات للاعتداء على السفارة الإسرائيلية في باكو.

وفي مارس 2023، اتهمت الحكومة الأذرية إيران بالوقوف خلف محاولة اغتيال النائب فاضل مصطفى، المعروف بانتقاداته اللاذعة للنظام الإيراني. وقد أصيب مصطفى برصاص أُطلق عليه أمام منزله، وأكد لاحقًا في تصريحات صحفية أن المنفذين تصرفوا بأوامر من “سادتهم في إيران”. وفي صيف العام نفسه، صدر حكم على خمسة أشخاص بالسجن لفترات تتراوح بين أربع سنوات والمؤبد بتهمة الخيانة ومحاولة اغتيال مسؤول حكومي.

توتر دبلوماسي وتاريخ معقّد

تأتي هذه التطورات في ظل العلاقات المتوترة تاريخيًا بين باكو وطهران، والتي تعود جذورها إلى قضايا عدة، من بينها اضطهاد الأقلية الأذرية داخل إيران، ودعم طهران العسكري والسياسي لأرمينيا، الخصم التاريخي لأذربيجان، فضلًا عن علاقات باكو الوثيقة مع إسرائيل التي تُعد من أكبر مزوّديها بالسلاح.

وقد بلغت التوترات ذروتها في يناير 2023 عندما أغلقت أذربيجان سفارتها في طهران عقب هجوم مسلح وصفته بالعملية الإرهابية، أسفر عن مقتل رئيس الأمن بالسفارة وإصابة اثنين من الحراس. وبررت إيران الهجوم بأنه “دافع شخصي”، إلا أن أذربيجان رفضت الرواية، مما أدى إلى تبادل طرد الدبلوماسيين بين البلدين. ورغم إعادة فتح السفارة الأذرية في طهران في يوليو الماضي، إلا أن العلاقات لا تزال تشوبها التوترات.

قراءة في المشهد

ترسّخ هذه التطورات الدور الإقليمي المتصاعد للرئيس علييف، الذي يبدو أنه يسعى لتثبيت مكانة بلاده كقوة إقليمية وسط شبكة معقدة من التحالفات، والتوترات، والصراعات، في منطقة تتقاطع فيها المصالح الإيرانية والتركية والإسرائيلية.

وتبقى أذربيجان، الواقعة على الحدود الشمالية لإيران، واحدة من الساحات المفتوحة التي قد تشهد مزيدًا من التصعيد في ظل استمرار محاولات طهران لاختراق الأمن الداخلي الأذري، يقابلها تنسيق متزايد بين باكو وتل أبيب في شتى المجالات، ما يجعل من أذربيجان محورًا رئيسيًا في مشهد جيواستراتيجي بالغ الحساسية.

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى