أمل محمد أمين تكتب: من هو محمد صلى الله عليه وسلم؟ (2) نزول الوحي

بيان
تحدثت في الجزء السابق من هذه السلسلة عن ولادة الرسول صلى الله عليه واهم الشخصيات في حياته واستكمل اليوم بالحديث عن الوحي حيث يُعدّ نزول الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم الحدث الأهم في التاريخ الإسلامي، إذ به بدأ عهد النبوة الخاتمة، وبُعث الرسول برسالة الإسلام نورًا وهدايةً للعالمين. وقد جاء هذا الحدث الجليل في لحظة عظيمة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم، بعدما تهيأت نفسه للرسالة، وامتلأ قلبه بالتأمل والتفكر في خلق الله، وظهرت علامات النبوة عليه.
التهيئة لنزول الوحي
قبل أن يُبعث النبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة، كان يحب الخلوة والتأمل، فكان يذهب إلى غار حراء في جبل النور، بعيدًا عن ضوضاء مكة، يتفكر في خلق الله، ويبحث عن الحقيقة التي غابت عن قومه بسبب الشرك والضلال. وقد استمرت هذه الخلوات لعدة سنوات، حتى جاءه الوحي وهو في الأربعين من عمره.
أول لقاء مع جبريل عليه السلام
كان أول نزول للوحي في ليلة من ليالي شهر رمضان، حين جاءه جبريل عليه السلام وهو في غار حراء، وقال له: “اقرأ”، فقال النبي: “ما أنا بقارئ”، أي لا أعرف القراءة. فغمره جبريل، ثم أرسله وكرر الأمر ثلاث مرات، وفي الثالثة قال:
“اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ”
(العلق: 1–5)
كان هذا الموقف مهيبًا ومفاجئًا للنبي، فارتجف قلبه وعاد إلى زوجته خديجة رضي الله عنها، وهو يقول: “زملوني زملوني”، فغطّته وهدّأته، ثم أخذته إلى ورقة بن نوفل، العالم النصراني، الذي بشره بأنه النبي المنتظر، وأن الذي نزل عليه هو الناموس (جبريل) الذي نزل على موسى عليه السلام.
استمرار الوحي ومراحله
بعد هذه الحادثة، انقطع الوحي لفترة قصيرة، ثم عاد بصورة تدريجية، وتنوعت أشكاله؛ فكان يأتي أحيانًا كدويّ الجرس، وأحيانًا يتمثل جبريل بصورة رجل، وأحيانًا يأتي في المنام. وكان هذا الوحي يعلّم النبي ويوجهه، وينزل عليه القرآن الكريم شيئًا فشيئًا على مدار 23 عامًا.
أثر الوحي في حياة النبي والناس
شكّل الوحي مصدر الهداية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن خلاله نُزل القرآن الكريم الذي غيّر مجرى التاريخ، وأسس لأمة الإسلام. وقد واجه النبي في سبيل تبليغ هذا الوحي صعوبات كثيرة، لكنه صبر واحتسب، وأدى الأمانة وبلّغ الرسالة.
أن نزول الوحي كان بداية لرحلة عظيمة من النور والحق، قاد فيها الرسول صلى الله عليه وسلم البشرية من ظلمات الجهل إلى نور التوحيد. ويبقى هذا الحدث رمزًا لعظمة الرسالة وأمانة النبوة التي حملها النبي الأمين.