القس بولا فؤاد رياض يكتب: لماذا قام السيد المسيح في اليوم الثالث ؟

بيان

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بقيامة السيد المسيح لمدة خمسين يوماً بعد عيد القيامة (الخمسين المقدسة)، يتخللها الاحتفال بعيد الصعود المجيد بعد أربعين يوماً من القيامة. وكذلك يعتبر يوم الأحد من كل أسبوع هو تذكار القيامة المجيدة، وفترة الخمسين فترة فرح، ليس فيها أي نوع من الأصوام. والسؤال: لماذا قام السيد المسيح في اليوم الثالث؟
١- إذا مات السيد المسيح وقام بعد موته بلحظات، فهذا سيؤيد نظريات مضللة (مثل نظرية الإغماء أو الغيبوبة، وأن يسوع المسيح لم يمت من الأصل بل أصابه الإغماء). فقيامته إذن في اليوم الثالث هدمت نظرية الإغماء وحطمتها بوجود السيد المسيح في قبر مغلق بحجر مختوم بختم الرومان لمدة زمنية.
٢- إذا قام يوم السبت، سيقول اليهود إن التلاميذ استغلوا يوم الراحة وسرقوا الجسد، أو أن هناك مؤامرة تمت في هذا اليوم بالتحديد، أو غفل الحراس عن القبر.
٣- قيامة المسيح يوم الأحد هي بداية جديدة في بداية الأسبوع لحياة جديدة:
“وبعدما قام باكراً في أول الأسبوع ظهر أولاً لمريم المجدلية” (مرقس 16: 9).
٤- لتثبيت الإيمان، فكان التابعون لديهم يأس من فقدان يسوع، وفي خلال أيام ظهر كل ضعف الإيمان، واستُرد الإيمان بعد القيامة بشكل كامل ومعلن. وأيضاً لإعطاء فرصة لمجيء المريمات للتطيب، وزيادة التأكيد على موثوقية القبر الفارغ من خلال المعاينات والشهادات المكتوبة.
٥- تحقيق النبوات مثل نبوة يونان ونبوة هوشع عن الثلاثة أيام:
“وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب” (كورنثوس الأولى 15: 4).
٦- إظهار عدم فساد الجسد، فمن كان سيدرك أن الجسد لم يفسد إذا لم يقم في اليوم الثالث؟:
“لأنك لن تترك نفسي في الهاوية. لن تدع قدوسك يرى فساداً” (مزمور 16: 10).
٧- ليُبيّن أن الفداء هو من عمل الثالوث القدوس، فالثلاثة أيام ترمز إلى الثالوث القدوس وعمله في الفداء بصفة عامة، مع أن الابن فقط هو الذي تجسّد، وتأنس، وصُلِب، وقُبِر، وقام من الأموات. لذلك فنحن نقبل المعمودية الواحدة بثلاث غطسات، إشارة إلى إيماننا بالثالوث القدوس الواحد، وأيضاً إشارة إلى أننا قد دُفِنّا مع السيد المسيح للموت، حتى كما أُقيم المسيح من الأموات بمجد الآب، هكذا نسلك نحن أيضاً في جدة الحياة:
“لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضاً بقيامته” (رومية 6: 5).
فهناك ارتباط وثيق بين المعمودية التي نقبلها كمؤمنين، وبين موت المسيح وقيامته في اليوم الثالث.

البعض ينكر وجود القيامة مثل الملحدين، ولكن إيماننا أن هناك قيامة لأنه يوجد إله قادر على كل شيء، فهو الذي يقول للشيء: كن، فيكون.

بعض أدلة إمكان القيامة:
١- المادة لا تفنى:
قد تتغير المادة وتتحول إلى عدة مواد، فالمادة قد تكون صلبة أو سائلة أو غازية. فإن كانت المادة تتحول إلى مواد أخرى ولا تفنى، إنما تحتفظ بوجودها في جوهر آخر، وإن كان هذا الجوهر غير مرئي كالمواد الغازية التي لا تُرى بالعين، أفلا يستطيع الله أن يجمع أو يعيد ذرات الإنسان المتفرقة ويقيمه من الأموات؟!
٢- البذرة:
فالبذرة تُدفن في الأرض وتموت، ولكنها في وقت معين تقوم ثانية لتحيا بجسم يختلف تماماً عن الجسم الذي زُرعت به. لذلك قال رب المجد:
“الحق الحق أقول لكم: إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت، فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير” (يوحنا 12: 24).
وقال القديس بولس الرسول:
“يا غبي! الذي تزرعه لا يحيا إن لم يمت” (كورنثوس الأولى 15: 36).
“والذي تزرعه، لست تزرع الجسم الذي سوف يصير، بل حبة مجردة، ربما من حنطة أو من أحد البواقي” (كورنثوس الأولى 15: 37).
فبعد أن تدفن الحبة وتتحلل، يعطيها الله جسماً.
هكذا أجسامنا الأرضية، فالذي يقوم هو نفس الشخص الذي مات مهما كان الاختلاف (في الشكل والجسد المقام). فإننا نتحلل بالموت ونتغير بالسماع.
ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم:
“إذا رأيت الحبة مائتة ثم متجددة فلا ترتاب في أمر القيامة.”
٣- الملح المذاب في الماء:
استطاع العلماء أن يتغلبوا على الطبيعة، فجعلوا البحار المالحة التي لا تصلح للزراعة أو الشرب، صالحة لذلك، وحولوا مياهها إلى مياه عذبة، واستخلصوا الملح منها. وكذلك السكر المذاب في الماء، استطاعوا إعادته مرة أخرى، رغم تحوله من حالة صلبة إلى سائلة. أفلا يستطيع الله أن يجمع جسم الإنسان الذي تداخل في أجسام أخرى؟!
٤- السبائك:
يستطيع الصانع الماهر أن يستخلص المعادن المختلفة (كالذهب والفضة وغيرها) من سبيكة واحدة مختلطة. أفلا يستطيع الله أن يستخرج جزءاً من أي جسم مهما اختلط بغيره أو امتزج به؟!
٥- جهاز التلفزيون والموبايل:
فإنك تنظر وتستمع إلى جهاز التلفزيون والموبايل، وترى الأمور بكل وضوح، فلا يختلط أمامك جسم رجل بجسم امرأة، ولا جسم حيوان بجسم إنسان، إلى آخره. وكذلك الأصوات لا تختلط، بل يجمعها التلفزيون والموبايل من الموجات الصوتية المتناثرة في الغلاف الجوي، ويقدمها بدون تغيير أو اختلاط.
فهل يستحيل على الله الخالق أن يجمع الإنسان من الطبيعة؟!

كل عام وأنتم بخير
………………………………………………………….
كاتب المقال: كاهن كنيسة مارجرجس بالمطرية

اقرأ أيضا للكاتب:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى