من وادي النيل إلى وادي رم: اكتشاف أثري يؤكد الحضور المصري في شمال الجزيرة العربية

كتب: إكرامى هاشم
في كشف أثري استثنائي قد يعيد رسم خريطة نفوذ مصر القديمة، أعلن علماء الآثار عن العثور على خرطوشة تحمل اسم الملك رمسيس الثالث، محفورة على وجه صخري ناءٍ في وادي رم بالأردن.
ويمثل هذا النقش الأثري، وهو إطار بيضاوي يحوي اسم الملك بالهيروغليفية، أول دليل مادي يُعثر عليه يثبت الحضور المصري في الأراضي الأردنية، شمال الجزيرة العربية.
ويوضح النقش أن نفوذ مصر الفرعونية امتد إلى مناطق استراتيجية بعيدة عن وادي النيل، حيث يعتقد الباحثون أن هذا الوجود كان مرتبطًا بالسيطرة على طرق التجارة الحيوية التي ربطت أفريقيا وآسيا عبر شبه الجزيرة العربية.
وشُكلت وزارة السياحة والآثار الأردنية فريق فني ميداني للتحقق من صحة المعلومة ومن أصالة النقش، ضم الدكتور علي المناصير وأحمد لاش من دائرة الآثار العامة .
وأعلنت وزارة السياحة والآثار الأردنية عن توثيق النقش رسميًا، مع إطلاق حملة تنقيب مرتقبة لاستكشاف المنطقة، بحثًا عن مزيد من الأدلة على النشاط الفرعوني في وادي رم.
وأشار عالم الآثار الأردنى علي المناصير، أحد المشرفين على الاكتشاف، إلى أن هذه الدلائل “تثبت أن تأثير رمسيس الثالث بلغ مناطق لم تكن من قبل محسوبة ضمن دائرة النفوذ الفرعوني”، خاصة أن وادي رم كان غنيًا بمناجم النحاس وممرًا رئيسيًا لتجارة البخور، وهما من الموارد المهمة لاقتصاد المملكة المصرية.
تعود فترة حكم رمسيس الثالث إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وهي مرحلة شهدت اضطرابات كبرى في شرق المتوسط، بما في ذلك غزوات شعوب البحر. وبعد صد هذه الغزوات، سعى الملك إلى تأمين مصادر الثروات الاستراتيجية وتعزيز طرق التجارة.
وبرغم أن الخرطوشة تم اكتشافها قبل أكثر من عقد من الزمن، إلا أن الاعتراف الرسمي جاء مؤخرًا بفضل جهود عالم المصريات الشهير زاهي حواس، وزير الآثار المصري الأسبق.
ويعد هذا الاكتشاف ذا أهمية خاصة، إذ سبق العثور على خراطيش مماثلة في مواقع أخرى مثل تيماء في السعودية وثميلات الردادي في إسرائيل، غير أن وجودها في الأردن كان مجهولًا حتى الآن.
واختتم علي المناصير تصريحه بالقول: “هذه العلامة المنحوتة في الصخر تحكي عن التوسع، والتجارة، والقوة. إنها تذكرنا بأن العوالم القديمة كانت أكثر ترابطًا بكثير مما نظن.”