شريف عبد القادر يكتب: الإيجارات القديمة والنواب وزيارات الملك (!!)

بيان
(1)
ما الحكمة في نظر مجلس النواب في أمر الإيجارات القديمة في هذه الفترة، برغم معاناة عامة الشعب، وخاصة أرباب المعاشات الذين يعانون من غلاء الأسعار في كل شيء، بما فيها المرافق والخدمات الحكومية؟ فهل الظروف التي نعيشها تستدعي النظر في الإيجارات القديمة؟
فكان من باب أولى أن يتنازلوا عن نصف ما يتقاضونه شهريًا رحمةً بميزانية الدولة المنهكة، والتي يساندها محدودو الدخل.
فهل لا يعلم السادة النواب أن أغلب سكان الإيجار القديم، سواء كانوا في أحياء راقية أو شعبية أو قرى أو مراكز، يعانون من ارتفاع أسعار الكهرباء والمياه والغاز والتليفون الأرضي إن وُجد، وأنابيب البوتاجاز، برغم ما يُقال عن دعمها من الدولة؟ فهل يُعقل أن يصبح الحد الأدنى لإيجار شقة من حجرتين في حارة الزير المعلق مثلًا ألف جنيه، وتزداد 15% سنويًا، وبعد خمس سنوات يُلقى بالمستأجر في الشارع ليتحول إلى كاره للدولة، ويمارس العنف رغمًا عنه، لكون السجون أصبحت في مستوى يُغري على ارتيادها، حيث يُقدَّم للسجين أسبوعيًا وجبات بها لحوم ودجاج وأسماك، ورعاية صحية واجتماعية؟
وهل غاب عن أعضاء مجلس النواب مستوى الدخل المتدني، ومعاناة الناس من الأسعار في كل شيء، وخاصة من لديهم أطفال وصبية؟
إن العقارات القديمة، كثيرون اشتروها بأسعار مخفضة انتظارًا لانهيارها لبناء عمارات على أراضيها بأسعار خرافية.
وهل غاب عن النواب أن العقارات القديمة قد استرد أصحابها قيمتها عدة مرات، ومنذ أكثر من ثلاثة عقود أصبح السكان يتحملون قيمة استهلاك المياه، وكهرباء السلم، والمصاعد إن وُجدت؟ وهل غاب عن النواب أن سكان العقارات القديمة قد سددوا ما يسمى “خلو الرجل”، وكان مبلغًا ماليًا كبيرًا؟ وقد ظهر خلو الرجل بعد توافد السوريين عقب الوحدة مع سوريا، وفي تلك الفترة كان الرئيس جمال عبد الناصر يبحث عن شقة إيجار بمصر الجديدة لابنته لتصبح بالقرب منه، وفوجئ بأن المطلوب 600 جنيه خلو رجل، وتعجب من مسمى “خلو رجل”، وفي تلك الفترة عرض عليه عثمان أحمد عثمان بناء فيلا لابنته بقيمة الخلو وبالتقسيط، وقد تم بناؤها بجوار عمارات الميريلاند التي كان يقوم ببنائها عثمان أحمد عثمان.
وقد غاب عن النواب أن المساكن الشعبية التي أقامتها الدولة تم تمليكها لسكانها في السبعينيات، حيث رأت الدولة أنها استردت قيمة بنائها، فقامت بتمليكها لسكانها. وقد غاب عن مجلس النواب أن ملاك العقارات القديمة قديمًا كانوا يضعون لافتات “شقق للإيجار”، ومن يسكن لديهم كانوا يتوددون إليه حتى لا ينتقل إلى سكن بمكان أفضل، وكانت عبارتهم الشهيرة للسكان هي: “إحنا أهل”.
(2)
نتمنى في انتخابات مجلس النواب أن يكون المرشح حاصلًا على مؤهل عالٍ، ويمارس عملًا، ومثقفًا سياسيًا بجوار ثقافته العامة، وأن تكون الانتخابات فردية بدون قوائم حزبية، وأن تكون رسوم التقدم في متناول محدودي الدخل، ويُحظر تعليق اليافطات المليئة بالأكاذيب، وتأجير الهتيفة الذين يجوبون الشوارع، والبلطجية، ومن يجلبون ناخبين بمقابل مادي.
والبديل: تحديد مكان في كل دائرة تُعلَّق به صور المرشحين (صورة واحدة لكل مرشح) ونبذة عن مؤهلاته، وعمله، وبرنامجه السياسي، وكُتيب صفحاته قليلة يُوضَّح به سيرته الذاتية، وهل هو من سكان الدائرة أم يسكن بعيدًا ويحتفظ بعنوانه بالدائرة في البطاقة، ويتم توزيع الكُتيب على المارة.
ومن يكون لهم حق التصويت هم الحاصلون على مؤهلات عليا ومتوسطة، وبذلك نتخلص من الرمز الانتخابي الذي يختاره بسهولة الأميون المأجورون، وخاصة من ينتظرون قرب انتهاء ميعاد التصويت لارتفاع سعر الصوت.
إن الترشح بهذه الطريقة سيمنع أصحاب الأعمال الذين يترشحون وينفقون، ثم يهتمون بعد فوزهم بأعمالهم الخاصة. وأيضًا سيمنع قيام بعض الأثرياء بالإنفاق على مرشح إمكانياته المادية ضئيلة، وبعد فوزه يعمل لخدمة من قاموا بتمويله.
والأهم: إلغاء الحصانة، لأنها أحيانًا تتحول إلى مفسدة.
إن تحديد طريقة الترشح سيمنع اقتصار الترشح على أصحاب القدرة المالية، وسيتيح لأصحاب القدرة المالية المحدودة والقدرة الثقافية العالية الترشح، وهؤلاء سينصب تركيزهم على مصلحة الدولة ومواطنيها البسطاء، ولن نجد بينهم نائبًا مثل نائب مجلس الشعب الذي كان ينفق عليه عزت حنفي، بلطجي “النجيلة” أو “النخيلة” بالصعيد، وبعد فوزه كان يركب معه عزت حنفي في سيارته لتوزيع المخدرات باطمئنان، لأن السيارة محصنة، وعلى زجاجها الأمامي والخلفي ملصق “مجلس الشعب” بالقبة البهية.
(3)
الملك أحمد فؤاد ابن الملك فاروق أصبح ملكًا شكليًا وهو طفل، وقد غادر الملك فاروق مصر مصطحبًا أولاده وشقيقاته، وبعد فترة تم إعلان الجمهورية، وإن كان الملك فاروق لم يكن فاسدًا كما أُشيع عنه. ولكن مرت السنين وأصبحت مصر جمهورية.
وبرغم الظروف المحيطة بالمنطقة، والدولة تأخذ احتياطاتها بدرجة عالية، نجد وسائل الإعلام والسوشيال ميديا تنشر أخبارًا عن زيارة أحمد فؤاد لواحة سيوة، التي تتبع مرسى مطروح وتبعد عن الحدود الليبية ٦٥ كيلومترًا، وبعد ذلك نقرأ عن زيارته للفيوم التي تقع على مسافة ١٠٠ كيلومتر جنوب غرب القاهرة.
وأكيد أن بقية الرحلات ستُنشر تباعًا. ولكن السؤال: هل الزيارات في هذه الفترة الحرجة مصادفة أم مستهدفة لمآرب أخرى؟ إن هذه الزيارات تُذكرنا بما كنا نقرأه في الصحف المعارضة إبان حكم مبارك، حيث كان أحمد فؤاد يزور منتجعًا خاصًا بأول طريق الصعيد ويتبع محافظة الجيزة، وكان صاحبه من الأثرياء ويملك صحيفة خاصة.
فنتمنى أن تكون زياراته خالية من مآرب “أخرى”.
اقرأ أيضا للكاتب: