أحمد المنشاوي يكتب: الأزمة الإيجارية بين حقوق المالك والمستأجر

وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة التدخل لحل المشكلة العالقة بين المالك والمستأجر والتي استمرت سنوات طويلة، مؤكداً في أحد المؤتمرات أنه لا يمكن قبول توريث الشقق بأسعار زهيدة لأحفاد المستأجرين، وأشار إلى أن هذا الوضع غير عادل ولا بد من إعادة النظر في القوانين المتعلقة بذلك.
وبناءً على ذلك، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكماً بعدم دستورية تثبيت الأجرة السنوية في نظام الإيجار القديم كما هو معمول به في الفقرتين الأولى من المادتين “1 و2” من القانون رقم 136 لسنة 1981، ثم أحالت الحكومة القضية إلى مجلس النواب لمناقشة مشروعي قانونين بهدف إيجاد صيغة قانونية متوازنة لحل الأزمة.
يعود التوتر بين المالك والمستأجر إلى زمن طويل، منذ عهد الملك فؤاد الذي أصدر فرماناً بإبقاء العلاقة الإيجارية دائمة بين المالك والمستأجر بعد أن سادت حالة من طرد المصريين في فترة الحربين العالميتين الأولى والثانية لصالح تأجير الممتلكات للأجانب. وقد كان الهدف من هذا الفرمان حماية المصريين البسطاء من استغلال الملاك الأجانب.
القضية اليوم أصبحت أكثر تعقيداً إذا لم يتم حلها بشكل عاجل، فالأزمة تتعلق بحوالي 3 مليون أسرة مصرية، وإذا كانت كل أسرة تضم 5 أفراد، فإن نحو 15 مليون مصري قد يواجهون مصير التشرد في حال انفجار الوضع.
القضية حساسة للغاية:
من ناحية، المستأجرون ليس لديهم بدائل، وإمكاناتهم المالية محدودة؛ ومن ناحية أخرى، الملاك يعانون من دخل زهيد من عقاراتهم لا يتماشى مع التضخم، وهذا الوضع جعل مجلس النواب يواجه تحديات كبيرة في إيجاد حل يرضي الجميع.
وكانت المحكمة الدستورية قد أشارت إلى رفع الحد الأدنى للإيجار السكني في المراكز إلى 1000 جنيه وفي القرى إلى 500 جنيه، مع مراعاة الموقع والمساحة. لكن التحدي الأكبر يكمن في تحديد مدة زمنية للإخلاء، وهي خمس سنوات، ومن ثم تسليم العين المؤجرة للمالك، ورغم تأكيد الحكومة أنها ستقدم البديل للمستأجرين عبر توفير وحدات سكنية في المدن الجديدة وتخصيص أولوية لهم في هذا الشأن، تبقى الأسئلة الكبيرة حول قدرة وزارة الإسكان على استيعاب هذا العدد الضخم من الأسر في تلك المدن.
لذلك، من الضروري أن يتأنى مجلس النواب في اتخاذ قراراته ويُعيد دراسة الموقف بكل دقة، مع الاستماع لكافة الأطراف المعنية، لا بد من إيجاد حل متوازن يرضي الجميع قدر الإمكان، فإرضاء جميع الأطراف سيكون شبه مستحيل.
وفي هذا السياق، يجب على نواب البرلمان أن يتعاملوا مع هذه القضية بضمير وعناية، وأن يتحملوا مسؤوليتهم التاريخية. قد يرفعهم الشعب في أعين التاريخ إذا اتخذوا القرار الصحيح، أو قد يتعرضون للسقوط إذا لم يُراعوا مصالح الناس بشكل عادل.