باكستان أسقطت طائرات “هاروب” الإسرائيلية.. تصعيد عسكري يكشف تحالف نيودلهي وتل أبيب

مصادر – بيان
أعلنت السلطات الباكستانية أنها اعترضت وأسقطت 12 طائرة مسيّرة هجومية من طراز “هاروب” تابعة للهند، خلال عمليات جرت بين ليل الأربعاء وصباح الخميس في مناطق متعددة من البلاد.
وأوضح المتحدث باسم الجيش الباكستاني، الفريق أحمد شريف شودري، أن الطائرات المسيّرة كانت مزودة بالذخيرة، وتم إسقاطها فوق مواقع حساسة، منها روالبندي حيث مقر القيادة العامة للجيش، إضافة إلى مناطق قرب كراتشي ولاهور.
الهجوم أسفر عن مقتل مدني في إقليم السند وإصابة أربعة جنود باكستانيين في لاهور، ما أثار مخاوف من تصعيد عسكري بين الجارتين النوويتين.
وتُعد الطائرات المسيّرة “هاروب”، التي تُنتجها شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية، أحد أبرز نماذج “الذخائر الطائرة” المستخدمة في المهام الانتحارية، حيث تنفجر عند ارتطامها بالهدف.
اتفاقيات تسليح
وكانت الهند قد حصلت على هذا النوع من الطائرات ضمن اتفاقيات تسليح مع دولة الاحتلال، في إطار تعاون عسكري آخذ في التوسع بين الطرفين.
ويأتي هذا التصعيد بعد تقارير موثقة أشارت إلى تورط الهند في دعم آلة الحرب الإسرائيلية خلال العدوان على غزة عام 2024. فقد كشفت تقارير عن العثور على قذائف تحمل ختم “صنع في الهند” في أحد ملاجئ الأمم المتحدة التي تعرضت للقصف في النصيرات، بينما أفادت مصادر عبرية، بينها صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أن شحنات أسلحة هندية أُرسلت إلى الاحتلال عبر ميناء تشيناي، وقد منعتها إسبانيا من الرسو في موانئها لاحتوائها على مواد متفجرة.
من التعاون السري إلى التحالف الإستراتيجي
رغم اعتراف الهند المبكر بدولة الاحتلال عام 1950، إلا أن العلاقات بينهما ظلت محدودة لعقود، بسبب التزام نيودلهي بسياسة داعمة للفلسطينيين وانتمائها لحركة عدم الانحياز. كما أن الاعتبارات الداخلية، خصوصًا وجود جالية مسلمة كبيرة، والمصالح الاقتصادية مع الدول العربية، حالت دون تطوير علاقات علنية مع تل أبيب.
لكن منذ مطلع التسعينيات، وتحديدًا بعد نهاية الحرب الباردة، بدأت الهند في إعادة رسم سياستها الخارجية، ما فتح الباب أمام تعزيز التعاون مع دولة الاحتلال، خاصة في المجالات الأمنية والتكنولوجية. وبرزت الشراكة بشكل لافت خلال حرب “كرغيل” بين الهند وباكستان عام 1999، حين قدمت إسرائيل دعماً عسكريًا كبيرًا للهند.
ومنذ ذلك الحين، توسعت الشراكة لتشمل مجالات الدفاع السيبراني، تكنولوجيا الاتصالات، الزراعة، وإدارة المياه. ويبلغ حجم التبادل التجاري بين الطرفين أكثر من 7 مليارات دولار سنويًا، كما تنشط الشركات الإسرائيلية في السوق الهندية، لا سيما في قطاعات التكنولوجيا والأمن.
تحالف معقّد وسط توازنات دقيقة
ورغم التصاعد الواضح في مستوى التعاون، لا تزال الهند تحاول الحفاظ على توازن دبلوماسي دقيق، خصوصًا في علاقاتها مع إيران ودول الخليج، التي تشكل مصادر حيوية للطاقة وسوقًا رئيسيًا للعمالة الهندية.
كما لم يتم التوقيع حتى اليوم على اتفاق للتجارة الحرة بين الهند والاحتلال، ما يعكس وجود قيود بنيوية وبعض الحساسيات السياسية والداخلية.
لكن رغم هذه العقبات، يبدو أن التحالف بين نيودلهي وتل أبيب يتجه نحو المزيد من التعمق، في ظل تحولات النظام العالمي وصعود قوى آسيوية جديدة.
وقد تمثل هذه الشراكة نموذجًا لتحالفات تقوم على تقاطع المصالح الأمنية والتكنولوجية بعيدًا عن الأبعاد الأيديولوجية أو الخطابات العلنية.