شريف عبد القادر يكتب: نعتذر للحمير

بيان

(1)
من العجائب التي سمعتها بالمصادفة من مواطن كان يجلس بجانبي في المترو، أنه مع ارتفاع سعر استهلاك الكهرباء بالمنازل ترتفع قيمة الإيصال، وهذا الارتفاع يؤدي إلى إلغاء البطاقة التموينية باعتبار استهلاكه مرتفعًا، وبالتالي إمكانياته المادية مرتفعة، برغم أنه مرغم على الامتثال لارتفاع سعر استهلاك الكهرباء الذي تفرضه شركة الكهرباء، مما يستدعي مراعاة ذلك من وزارة التموين.

(2)
من المتعارف عليه أن العقد شريعة المتعاقدين، ولكن مجلس الوزراء لا يعترف بذلك، ولا يرى أن عقود إيجار الشقق القديمة كانت بعقود متفق عليها، ولم يشغلها ساكنوها طبقًا لشريعة الغاب. وما نقرأ عنه من إجراءات لتشريع قانون بخصوص الإيجارات القديمة سيدفع من باعوا عقارات وشققًا منذ سنوات للمطالبة بمعاملتهم مثل ملاك العقارات القديمة، نظرًا لارتفاع أسعار ما قاموا ببيعه منذ سنوات.
وليس من المستبعد أن تطالب بعض الزوجات بتعديل عقود زواجهن لقلة المهر والمؤخر وقت زواجهن، وبعد خمس سنوات يتم طرد الزوج من حياتهن وشقق الزوجية بناءً على قانون مجلس الوزراء.

(3)
نُشر بموقع مجلة المصور على الفيسبوك أن يوم ٨ مايو يوافق اليوم العالمي للحمار، مع تصريح لنقيب الفلاحين حسين أبو صدام بأن عدد الحمير تناقص في مصر من ٣ ملايين إلى أقل من مليون حمار في غضون سنوات طويلة، مما تسبب في ارتفاع سعر الحمار من ٥ إلى ١٥ ألف جنيه.
وأسباب تناقص عدد الحمير: لاستخدامه في الخفاء كبروتين، وتصدير جلده. وأتذكر منذ حوالى ١٥ عامًا نُشر خبر بالصحف عن ضبط كونتينر ٤٠ قدم بداخله جلود عشرين ألف حمار بميناء الدخيلة، وكانت الشحنة في طريقها إلى الصين. وفي تلك الفترة نُشر لي رسالة في باب “إلى المحرر” بجريدة الأخبار بعنوان (حمير بالهنا والشفا)، وبعد التنويه عن شحنة الجلود سألت: أين اللحوم والرؤوس والعكاوي والعفشة والكوارع؟
ثم تطرقت إلى ملاحظات على البعض، حيث نشاهد من يسير مبرطعًا، ومن يتحدث بصوت مرتفع يشبه النهيق دون أن يشعروا بذلك، مما يؤكد أنهم ضحايا ولا يعلمون أنهم أكلوا لحوم حمير أو كوارعها إلخ إلخ.
وأسباب لجوء الغشاشين لذبح الحمير: ارتفاع أسعار اللحوم المعتادة، كما أن التوابل كان لها دور رئيسي في الإقبال على أكل الحمير “بالهناء والشفا”.
والعجيب أنه منذ سنوات بعيدة أنشأ الفنان زكي طليمات “جمعية الحمير المصرية”، وكان من أوائل مؤسسيها الفنانة نادية لطفي وفنانون وآخرون، وكان العضو المبتدئ يُطلق عليه “حامل الحدوة”، والأعلى “حامل اللجام”، وأعلاهم “حامل البردعة”.
وبرغم أن جمعية الفنان زكي طليمات كانت تنادي باحترام الحمار نظرًا لتحمله الأعمال الشاقة وذكائه، حتى يقلع العامة عن تحقيره ووصف البعض لآخرين بـ”الحمار” للتحقير.
وإن كان مطرب قد غنى للحمار لتكريمه أغنية (بحبك يا حمار)، لكنها لم تلقَ اهتمامًا من العامة.

ومؤخرًا نُشر بالسوشيال ميديا أن هذه الأغنية تسببت في طلاق عروس أثناء حفل زفافها، لأنها غنّت أغنية (بحبك يا حمار)، فغضب العريس وطلقها.
وبرغم شقاء الحمار في العمل مع الفلاحين، ومعرفته خط سيره من منزل الفلاح إلى أرضه الزراعية، واستخدامه في التهريب؛ حيث علمت بذلك في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، حيث كان يُستخدم في التهريب إلى ليبيا والعودة، وكان يُحمل بالبطيخ وغيره من الفواكه والخضار إلى ليبيا، وعند العودة من ليبيا يُحمل بالراديو كاسيت والخلاطات وغيرها من الأجهزة الكهربائية الصغيرة.

وكان يسرع عندما يشاهد جنود حرس الحدود. وكان المهرب المصري يقف أمام الحمار ويعطيه التعليمات تحدثًا وبالإشارة قبل أن يتوجه عبر الحدود إلى ليبيا، حيث يسير في طرقات منزوعة الأسلاك بالحدود المصرية والليبية ويعود منها.
ورغم ذلك، يسيئون إليه، ثم أصبحوا يأكلونه ويصدرون جلده للصين.
وأخيرًا نعتذر للحمير، وعلى رأسهم “حمار الحكيم” و”حمير زكي طليمات”.

(4)
نُشر بخصوص قانون الإيجارات القديمة أن لجنة الإسكان ستستمع يوم الأحد للملاك، ويوم الاثنين ستستمع للمستأجرين. فهل من سيتم الاستماع لهم يمثلون كل الملاك والمستأجرين ومن كافة المناطق السكنية؟ إن هذا الإجراء غير مجدٍ، والأفضل إبعاد الحكومة ومجلس النواب عن إصدار القانون، والأفضل أن تصدر المحكمة الدستورية العليا حكمًا يتحول إلى قانون، لأنها ستراعي الجميع بمختلف طبقاتهم الاجتماعية.
وقد سبق أن أصدرت حكمًا نافذًا عام ٢٠٠٢ موضحًا به لمن يحق له امتداد عقد الإيجار القديم، وقد جاء في الحكم أنه في حالة وفاة المستأجر الأصلي قبل صدور الحكم، يمتد العقد للأرملة ولوالديه وأبنائه وأحفاده المقيمين في السكن، وفي حالة وفاة المستأجر الأصلي بعد إصدار الحكم، يمتد العقد للأرملة ولوالديه وأبنائه ولا يمتد للأحفاد.
ولم يشمل الحكم طرد المستأجر بعد مدة محددة، وأصبح الحكم قانونًا معمولًا به.
لا يفوتنا أن كثيرًا من القوانين التي أصدرها مجلس الشعب قبل تسميته “النواب”، تم تصويبها بمعرفة المحكمة الدستورية العليا، لمراعاتها الدائمة للبعد الاجتماعي والإنساني.
فإذا كان ولابد من إصدار قانون للإيجارات القديمة، فلابد من إسناد تشريعه للمحكمة الدستورية العليا، لأن المسودة المقدمة من مجلس الوزراء لمجلس النواب ظالمة عمدًا للمستأجرين وغير حميدة.

(5)
منذ حوالى عام، علمت بالمصادفة أن إيجار شقة مفروشة بالمهندسين وبمصر الجديدة يتعدى مائة ألف جنيه شهريًا، وإيجار القانون الجديد غير المفروش يصل إلى خمسين ألف جنيه شهريًا. ومع ازدياد توافد الإخوة السودانيين إلى مصر، ارتفع إيجار الشقق بقانون الإيجار الجديد بالأحياء الشعبية، مما أصاب بعض ملاك هذه الشقق بسُعار، حيث رفضوا تجديد عقود الإيجار الجديد للمصريين لاستبدالهم بسودانيين.
وأمام الأسعار اللامعقولة المعفاة من الضرائب، أصيب أصحاب عقارات الإيجار القديم بحالة انفلات عصبي، تسبب في رضوخ الحكومة لانفلاتهم العصبي، فأرسلت مسودة قانون جائر لمجلس النواب دون الاهتمام بأن المستأجرين سيُصابون من هذا القانون بهبوط حاد في كل شيء، بما في ذلك بنطلوناتهم.

(6)
الطرابيش اللي في سوريا وغيرها من الدول العربية المفتتة يجهلون أن الاتحاد قوة. فتفرُّق السنة والشيعة والمسيحيين والكرديين والعلويين والبلويين السوريين أدى إلى أن يكون مصيرهم أن أصبحوا نعاجًا تحت سيطرة الصهيونية الإجرامية.
وعليهم أن يبحثوا عن علاج يشفيهم من مرض حب الزعامة المزمن.

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى