إسرائيل تبرّر تدخلها في سوريا: حماية الدروز أم توغل استراتيجي؟
(وجهة نظر إسرائيلية كما وردت في تقرير مركز ألما للدراسات الأمنية)

سوريا من: أشرف التهامي
في تحليل حديث نشره مركز “ألما” الإسرائيلي على موقعه الرسمي، قدّمت إسرائيل تبريرات لما وُصف بأنه “تدخل في سوريا”، وذلك في سياق ما تزعم أنه واجب أخلاقي واستراتيجي لحماية الطائفة الدرزية جنوب سوريا، القريبة من مرتفعات الجولان المحتلة.
وبحسب ما جاء في التقرير، فإن “إسرائيل لم تتدخل لمساعدة الدروز إلا بعد أن طُلب منها ذلك”، على حد زعم المركز، مشيرًا إلى وجود “رابط عميق” يربط بين إسرائيل والدروز، لا سيما أن هناك نحو 150 ألف درزي يعيشون داخل إسرائيل، بمن فيهم سكان الجولان السوري المحتل.
“دراما ضارية”
وأضاف التقرير أن الأسابيع الأخيرة شهدت “دراما ضارية” في المناطق الدرزية جنوب سوريا، والتي لا تبعد سوى عشرات الكيلومترات عن الحدود الشمالية لإسرائيل. وأكد أن هذه المجتمعات تعاني توترات أمنية شديدة بسبب تنامي نشاط المسلحين التابعين لما وصفه المركز بـ”النظام السوري الجديد”، في إشارة إلى القوى الموالية للحكومة السورية.
ويرى المركز أن الطائفة الدرزية، على خلاف العديد من الأقليات، أظهرت ولاءً مستمرًا لإسرائيل، حيث يشارك أبناؤها في “جيش الدفاع الإسرائيلي” ضمن نظام التجنيد الإجباري، إلى جانب الجنود اليهود. واعتبر التقرير أن “تجاهل طلبهم للمساعدة لم يكن مطروحًا على الطاولة قط”.
وراء الاعتبارات الأخلاقية.. حسابات استراتيجية
ومع تأكيد إسرائيل على “البعد الأخلاقي” لتحركها، يشير التقرير إلى أن هناك بعدًا استراتيجيًا لا يقل أهمية. إذ يحذّر من أن “إضعاف الأقليات القريبة من الحدود” قد يجعلها فريسة سهلة للجماعات الجهادية المعادية، أو حتى حليفة لها، ما يهدد أمن إسرائيل، خاصة في الجولان.
ويسلط التقرير الضوء على الاشتباكات الأخيرة بين مقاتلين دروز وفصائل مسلحة موالية للشرع (الحكومة السورية)، ويقول إن هذا التوتر يشكّل خطرًا كبيرًا، حتى وإن لم تقع “مجزرة حتى الآن”، على حد تعبيره.
رسائل جوية وقصف استباقي
بحسب رواية المركز، كان رد إسرائيل “واضحًا ومدروسًا”، حيث تم إيصال رسائل متعددة عبر قنوات مختلفة، من بينها غارات جوية قرب القصر الرئاسي السوري في دمشق، إضافة إلى ضربات مباشرة استهدفت قدرات عملياتية تابعة للقوى الموالية للشرع. ويزعم التقرير أن هذه الضربات لم تكن مجرد رد فعل، بل جاءت في سياق رؤية أمنية إقليمية أشمل.
كما يشير إلى أن الواقع السوري المتشظي، حيث تنشط الميليشيات حتى ضمن وحدات الجيش النظامي، يجعل من الصعب ترك المجتمع الدرزي بدون حماية، سواء من طرف إسرائيل أو من أي جهة أخرى.
دروس من 7 أكتوبر
يربط التقرير بين التحرك الإسرائيلي في سوريا وما تصفه إسرائيل بـ”الدرس الصعب” المستفاد من هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حين تعرّضت إسرائيل لهجوم غير مسبوق من قبل فصائل فلسطينية، ويقول التقرير:
“إن السماح لوحش جهادي بالنمو دون رادع على الحدود أمرٌ غير مقبول”.
وبناءً عليه، تعتبر إسرائيل أن استقرار القرى الدرزية جنوب سوريا، رغم بُعدها الجغرافي النسبي، أمر حيوي لأمن الجولان. ويشير التقرير إلى وجود “إجماع واسع في إسرائيل على ضرورة منع وقوع مجزرة ضد الدروز”، وإن كان الجدل لا يزال قائمًا حول كيفية القيام بذلك: هل عبر غارات جوية؟ أم مساعدات إنسانية؟ أم وسائل دعم أخرى؟
الوضع الآن هادئ.. لكن إسرائيل متأهبة
يختم التقرير الإسرائيلي بالقول إن الوضع على الأرض يبدو الآن أكثر هدوءًا، إلا أن إسرائيل تظل في حالة تأهب دائم، مستعدة للتحرك إذا ما تجددت التوترات في أي لحظة.
من جهة غير إسرائيلية
إذا كانت هذه هي الرواية التي تسوقها إسرائيل لتبرير تدخلها العسكري في سوريا، فإن السؤال المشروع الذي يطرح نفسه:
هل بالفعل تتحرك إسرائيل بدافع حماية الأقليات، أم أنها تستغل هذه الذريعة لتعزيز نفوذها الأمني والتغلغل في العمق السوري؟
وسؤالنا الآخر يُوجّه إلى “الدولة السورية الجديدة”، كما يصفها التقرير الإسرائيلي:
كيف سترد دمشق على هذا التدخل السافر الذي يتذرّع بحماية الأقليات بينما يحمل في طياته مشروعًا استراتيجيًا طويل الأمد؟
الأيام القادمة وحدها ستكشف مدى صدق هذه الادعاءات، وإلى أي مدى ستتطور المواجهة على الأرض.