علم فلسطين يشعل جدلا سياسيا فى إيطاليا.. رقابة أم حماية للنظام العام؟

رسالة إيطاليا من: إكرامى هاشم
أثار قيام الشرطة الإيطالية بإزالة علم فلسطين من شرفة أحد المنازل في مدينة بوتينيانو التابعة لإقليم باري جنوب البلاد، جدلاً سياسيًا واسعًا وردود فعل غاضبة من منظمات سياسية ونواب برلمانيين، وسط اتهامات بانتهاك حرية التعبير والتضييق على الرموز الداعمة للقضية الفلسطينية.
وبحسب رواية صوفيا ميريزي، وهي مواطنة إيطالية تقيم في المملكة المتحدة، فإن الشرطة توجهت إلى منزل عائلتها حيث طُلب من والديها “إزالة العلم الفلسطيني المعلّق على الشرفة”، بحجة مروره ضمن مسار سباق جيرو دي إيطاليا للدراجات وظهوره المحتمل على شاشات التلفزيون الوطني.
وقالت ميريزي في منشور على صفحتها بفيسبوك، إن والديها امتثلا للطلب دون مقاومة بعد أن تحدث إليهم الشرطيان “بلطف”، لكن دون تقديم تفسير رسمي أو قانوني يمنع رفع العلم. وأضافت: “لم نكن نضايق أحدًا أو نخالف أي قوانين، كنا نمارس حقنا في التعبير على شرفة منزلنا الخاصة.”
ردود فعل غاضبة
أثارت الواقعة انتقادات سياسية حادة، حيث وصفت إليزابيتا بيكولوتي، النائبة عن تحالف اليسار الأخضر (AVS)، ما حدث بأنه “حادثة مقلقة وخطيرة للغاية”، مؤكدة عزمها تقديم سؤال برلماني للحكومة بشأن ما اعتبرته تعديًا على الحريات المدنية.
كما علّق نيكولا فراتوياني، رئيس منظمة الاشتراكية الدولية، بالقول: “لقد تجاوزنا كل الحدود. سنرفع علم فلسطين من نوافذ مقرنا الوطني في روما تضامنًا مع من رُفعت أصواتهم.”
وأدان ممثلو حركة النجوم الخمس ما وصفوه بـ”الرقابة التعسفية”، مؤكدين أن “التعبير السلمي عن الرأي لا يمكن أن يُمنع في ديمقراطية ناضجة، لا سيما خلال حدث رياضي يفترض أن يوحد لا يفرق.”
أما الشباب الديمقراطيون في بوليا، فأصدروا بيانًا شديد اللهجة جاء فيه: “إن إزالة العلم عمل رقابي ينتهك دستورنا. لا يوجد أي قانون يمنع رفع علم فلسطين من شرفة خاصة.”
رد الشرطة الإيطالية
من جانبها، أصدرت قيادة شرطة باري بيانًا قالت فيه إن عناصر الشرطة تلقوا بلاغات من بعض المواطنين بخصوص “وجود اضطرابات” ناتجة عن رفع العلم الفلسطيني، وأن الضباط تحدثوا مع ساكني الشقة بهدوء واقترحوا إزالة العلم تفاديًا لأي مشاكل أثناء التغطية التلفزيونية للسباق.
وأضاف البيان أن العلم أُزيل طواعية، وأنه “لم يتم إصدار أي أمر رسمي، ولم تُتخذ إجراءات ضد السكان”، مشيرًا إلى أن مظاهرات مماثلة جرت في مواقع أخرى من السباق رُفعت فيها أعلام فلسطين ولافتات مؤيدة لغزة دون تدخل.
أزمة حرية تعبير أم إجراء تنظيمي؟
الحادثة، رغم بساطتها الظاهرية، فتحت نقاشًا واسعًا في إيطاليا حول حدود حرية التعبير، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، التي تشهد تفاعلاً شعبيًا متزايدًا في ظل التطورات الجارية في قطاع غزة.
وفيما ترى الجهات الأمنية أن الإجراء كان احترازيًا ضمن تنظيم حدث رياضي حساس، يرى كثيرون أن الأمر يعكس مناخًا من الرقابة المقلقة، ومحاولة لتقييد الرموز المرتبطة بالقضية الفلسطينية تحت ذرائع أمنية أو إعلامية.