قناة فرنسية تكشف خيوط تمويل الإخوان.. ماكرون يوجّه رسالة تحذير لأمير قطر

مصادر – بيان
وسط تصاعد الجدل حول أنشطة تنظيم الإخوان في فرنسا، سلطت قناة RTL الفرنسية الضوء على ما وصفته بـ”أزمة التمويل” التي تواجه التنظيم، في ظل تضييق الخناق داخليًا وخارجيًا على مصادره المالية، وتبدّل في مواقف داعميه التقليديين.
وحسب تقرير القناة الفرنسية، كشفت تحقيقات جارية في فرنسا عن تراجع حاد في قدرة تنظيم الإخوان على مواصلة أنشطته المالية والتنظيمية، وسط ضغوط حكومية متزايدة ورفض دولي متصاعد للدعم الخارجي.
وبينما تتخذ باريس مواقف أكثر صرامة تجاه التنظيمات الدينية ذات الطابع السياسي، تتلاشى الخيارات أمام الإخوان، في ظل انكشاف مصادر تمويلهم وتقلص شبكة دعمهم التقليدية.
تمويل يتآكل.. وميزانية تنهار
بحسب التقرير، يعاني التنظيم من تراجع حاد في ميزانيته، حيث انخفضت موارد منظمة “مسلمو فرنسا” – الواجهة الرئيسية للإخوان في فرنسا – بنسبة 50% خلال السنوات الخمس الماضية، لتستقر عند 500 ألف يورو فقط، وهو مبلغ يُعد ضئيلًا بالنظر إلى حجم وطموحات التنظيم.
وتعتمد جماعة الإخوان جزئيًا على تبرعات المسلمين داخل فرنسا، خاصة خلال صلوات الجمعة والمناسبات الدينية.
وفي مسجد النور بمدينة ميلوز، أحد أكبر المساجد في البلاد، يتم تنظيم حملات تبرع منتظمة، تشمل وسائل تقليدية ورقمية عبر أجهزة الدفع الإلكتروني، حيث يُجمع ما بين 4 آلاف إلى 10 آلاف يورو أسبوعيًا.
لكن هذه التبرعات – رغم انتظامها – لا تغطي سوى جزء بسيط من النفقات، خاصة في ظل توقف مصادر التمويل الخارجية.
ماكرون يوجّه رسالة مباشرة لقطر
يشير التقرير – أيضا – إلى أن التمويل الأجنبي، الذي كان يُشكّل عصبًا حيويًا للتنظيم، بدأ في الجفاف تدريجيًا، خصوصًا بعد موقف فرنسي صارم تجاه الدعم القطري.
وفى هذا الصدد أبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أن باريس لم تعد تقبل باستمرار تمويل التنظيمات الإسلامية – وعلى رأسها الإخوان – من خلال الأموال القطرية.
ويصف التقرير أمير قطر بأنه “الراعي السياسي” للتنظيم، ما يضع هذه الرسالة في سياق سياسي حازم ورسالة دبلوماسية واضحة.
حيلة “صناديق الأوقاف”.. الدولة تتدخل
وفي محاولة للالتفاف على القوانين، استخدم الإخوان ما يُعرف بـ”صناديق الأوقاف”، وهي كيانات قانونية كان يُفترض أن تخدم المصلحة العامة، لكنها استُخدمت لتمويل مشروعات في مدن فرنسية مثل ستراسبورغ ومرسيليا وفيلنوف داسك.
وبعد رصد الانحراف عن أهدافها، أقدمت الدولة على حل معظم هذه الصناديق. بل لجأ بعض المساجد إلى دعم بعضها البعض، كما حدث عندما منح مسجد في منطقة الألزاس قرضًا بقيمة 100 ألف يورو لمسجد آخر في مولهاوس.
انقسامات داخلية.. وانسحابات من التنظيم
كشفت القناة أيضًا ما وصفته بـ “مؤشرات على تآكل وحدة التنظيم”، إذ انسحب أحد المساجد مؤخرًا من تحت عباءة الإخوان، بعد تصويت أعضاء جمعيته العمومية.
ويُعزى ذلك إلى الضغوط المتزايدة منذ صدور قانون “مكافحة الانفصالية” عام 2021، الذي شدد الرقابة على الجمعيات الدينية، وحد من التعليم المنزلي، واستهدف بشكل مباشر ما يُعرف بـ”الإسلام السياسي”.
رقابة مالية مشددة.. والبنوك تغلق الأبواب
أدى تشديد الرقابة المالية إلى تجفيف قنوات التمويل، حيث باتت البنوك الفرنسية أكثر حذرًا في التعامل مع الجمعيات الدينية، بينما يتولى جهاز الاستخبارات المالية “تراكفين” مراقبة تدفق الأموال ومصادرها عن كثب.
وتحت هذا الضغط، أوقف التنظيم مؤتمره السنوي الشهير في “لو بورجيه”، والذي كان يستقطب أكثر من 100 ألف مشارك من مختلف أنحاء أوروبا، ويُعد أحد أبرز مصادر التمويل عبر التبرعات.
ولجأ الإخوان إلى بنك إسلامي في ألمانيا، يُدعى KT Bank، بعد أن أُغلقت أمامهم الأبواب داخل فرنسا. كذلك، واجه صندوقهم الاستئماني الأوروبي في لندن، المتخصص في إدارة العقارات، صعوبات أجبرته على تقليص عملياته.
مشروع مسجد ستراسبورغ.. متعثر
وعلى الرغم من الدعم التركي المتبقي عبر منظمة “رؤية الملة”، يواجه الفرع الفرنسي لتلك المنظمة صعوبات في سداد القروض.
ويؤثر ما سبق بشكل مباشر على مشروع مسجد “أيوب سلطان” في ستراسبورغ، الذي كان يُفترض أن يكون الأكبر في أوروبا بتكلفة 40 مليون يورو، حيث يشهد المشروع الآن تباطؤًا شديدًا في التنفيذ بسبب نقص التمويل.