ترامب يصعّد سياساته الاقتصادية ويثير قلق الأسواق الأمريكية

كتب – ياسين عبد العزيز:

أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حزمة من السياسات الاقتصادية التي زادت من مخاوف المستثمرين وهزت الأسواق المالية، بعد يوم واحد فقط من موافقة الجمهوريين في مجلس النواب على حزمة تخفيضات ضريبية ضخمة أثارت اضطرابًا واسعًا.

ترامب يثير جدلا دوليا باستخدام صورة مضللة

وتصاعدت التوترات الاقتصادية مع تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية مرتفعة على الاتحاد الأوروبي وشركة آبل، مما زاد من قلق المستثمرين حول احتمالات ارتفاع الأسعار وتأثير ذلك على المستهلكين الأمريكيين.

تجاهل ترامب تحذيرات متعددة خلال الأسبوع من أن سياساته قد تؤدي إلى زيادة الدين الوطني وتضر بالعديد من ناخبيه، خاصة الأسر ذات الدخل المنخفض، كما قد تحقق نموًا اقتصاديًا أقل مما تعلنه الإدارة الأمريكية.

استمرت الأسواق في الرد بفاتر، لكن الرئيس الأمريكي لم يتراجع، بل اختار تعزيز حالة عدم اليقين من خلال التهديد برسوم جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي و25% على شركة آبل، مع إشارة إلى إمكانية تطبيق رسوم مماثلة على شركات تكنولوجيا أخرى.

منذ توليه منصبه، سعى ترامب إلى تنفيذ رؤيته الاقتصادية التي تجمع بين تخفيضات ضريبية كبيرة وتحرير شامل للوائح التنظيمية، مؤكداً أن هذه السياسات ستسهم في توسيع الاقتصاد الأمريكي.

يرى ترامب أن الرسوم الجمركية أداة لتعزيز التصنيع المحلي وزيادة العائدات وتحسين العلاقات التجارية، لكن المستثمرين، خصوصاً المشترين للدين الحكومي، ما زالوا غير مقتنعين بجدوائية هذا النهج.

أظهرت الأسواق المالية تحفظاً واضحاً، حيث ارتفعت تكاليف الاقتراض والتضخم، وزادت المخاوف من تباطؤ اقتصادي، في الوقت نفسه، أبدت شركات كبرى مثل وولمارت مخاوفها من ضرورة رفع الأسعار بسبب الحرب التجارية التي أشعلها ترامب، أدى هذا الموقف إلى حالة جمود لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، الذي يواجه صعوبة في تحديد الوقت المناسب لخفض أسعار الفائدة، مما أبقى تكاليف القروض مرتفعة.

رغم كل هذه المؤشرات السلبية، واصل البيت الأبيض بث التفاؤل معلناً أن التخفيضات الضريبية قد ترفع الناتج المحلي بنسبة تصل إلى 5.2% على المدى القصير، لكن خبراء الاقتصاد يرون أن هذه التوقعات تتناقض مع دراسات تظهر أن حزمة ترامب الضريبية قد تزيد الدين الوطني بأكثر من 3 تريليونات دولار، وتزيد من ثروة الأثرياء على حساب الفقراء، خصوصاً ملايين الأمريكيين الذين قد يفقدون قريبًا الدعم الغذائي والتأمين الصحي.

تمتد التخفيضات الضريبية الحالية من إجراءات مشابهة أقرت عام 2017، وتوقع اقتصاديون أن تؤدي إلى تراجع دخل الفئات ذات الدخل المنخفض بحوالي 1,300 دولار في المتوسط بحلول عام 2030 بسبب تقليص برامج الدعم الفيدرالية، وأثارت هذه التطورات مخاوف من دخول الاقتصاد الأمريكي فترة من المعاناة الاقتصادية رغم التفاؤل الرسمي.

انخفض مؤشر “إس اند بي” بنسبة قربت 1% في تداولات الجمعة، وتراجع الدولار مقابل العملات العالمية بعد حالة من الحيرة في واشنطن و”وول ستريت” بشأن نوايا ترامب الحقيقية، إذ لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الرئيس جاداً في تنفيذ تهديداته الجمركية أو يستخدمها كورقة ضغط للتفاوض.

يواجه الاحتياطي الفيدرالي تحديًا متزايدًا في التوفيق بين الحفاظ على تضخم منخفض وضمان سوق عمل نشطة في ظل هذه الظروف الاقتصادية المعقدة، التي يفرضها التصعيد المتزايد لترامب في سياساته الاقتصادية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى