واشنطن ترفض: تبادل رهينة إسرائيلية فى العراق بسجين إيرانى قتل أمريكى انتقاما لسليمانى

كتب: أشرف التهامي
لا تزال صفقة الإفراج عن الأكاديمية الإسرائيلية الروسية إليزابيث تسوركوف، المختطفة في العراق منذ مارس/آذار 2023، معلّقة في انتظار موافقة الولايات المتحدة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية اليوم السبت.
وذكرت الوكالة أن الصفقة تشمل أحد الشروط الرئيسية وهو إطلاق سراح محمد رضا نوري، وهو عنصر في الحرس الثوري الإيراني، محتجز في العراق لدوره المزعوم في اغتيال عامل الإغاثة الأمريكي ستيفن ترويل في بغداد عام 2022.
وبحسب الادعاء الأمريكي، فإن عملية الاغتيال نُفذت بدافع الانتقام لمقتل قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني، الذي اغتالته واشنطن في غارة بطائرة مسيّرة قرب مطار بغداد الدولي عام 2020.
ورغم موافقة جميع الأطراف الأخرى ودفع الفدية، إلا أن واشنطن لم تعطِ الضوء الأخضر بعد لإتمام الصفقة، مما يعرقل تنفيذها ويؤجل الإفراج عن تسوركوف.
واشنطن لم توافق على الشروط
صرح مسؤولون عراقيون لوكالة فرانس برس بأن واشنطن لم توافق على الشروط، ولا سيما إدراج نوري، المتهم بقتل مواطن أمريكي. ولم تستبعد بعض المصادر العراقية والدبلوماسية احتمال نقل تسوركوف إلى إيران منذ اختطافها.
في المقابل، صرّح ثلاثة مصادر، بينهم مسؤول حكومي، لصحيفة الشرق الأوسط السعودية الصادرة في لندن بأن مفاوضات إطلاق سراح تسوركوف قد وصلت إلى مراحلها النهائية، ولم يتبقَّ سوى إطلاق سراحها، وقال أحد المصادر: “كانت المفاوضات طويلة ومرهقة للغاية، لكنها انتهت بصفقة تضمنت دفع فدية”.
وقال مصدر مشارك في المحادثات إن الخاطفين وافقوا على إطلاق سراحها كجزء من اتفاق أوسع يشمل إطلاق سراح الأفراد الذين هاجموا المصالح الأميركية في المنطقة، بما في ذلك نوري.
“الصفقة مُبرمة، وتم الاتفاق على جميع تفاصيلها”
وأضاف المصدر: “الصفقة مُبرمة، وتم الاتفاق على جميع تفاصيلها، ولم يتبقَّ سوى إطلاق سراح تسوركوف”.
كما أفادت الصحيفة بأن مسؤولاً في الأمن الوطني العراقي نفى علمه بالصفقة، ورفض التعليق على تقارير إطلاق سراحها.
نوري، الذي ورد في لائحة الاتهام الأمريكية كعضو في الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، يُزعم أنه العقل المدبر وراء الكمين الذي أودى بحياة ترويل في نوفمبر/تشرين الثاني 2022. أُلقي القبض عليه في العراق في مارس/آذار 2023.
ووفقًا للائحة الاتهام، لعب نوري دورًا محوريًا في التخطيط للهجوم، وجمع المعلومات الاستخبارية عن روتين ترويل اليومي، وشراء الأسلحة والمركبات، وتوفير ملاذات آمنة للعناصر.
تعرض ترويل، الذي كان يقيم في بغداد ويعمل في معهد للغة الإنجليزية، لكمين أثناء عودته إلى منزله مع زوجته. أجبر مسلحون الزوجين على التوقف بالقرب من منزلهما، وسدوا جميع طرق الهروب، وأطلقوا النار على ترويل أمام زوجته فأردوه قتيلًا.
ترويل جاسوس للولايات المتحدة وإسرائيل
بعد عملية القتل، كان نوري على اتصال بأحد المهاجمين، الذي أبلغه بإصابة أحد المسلحين. وبحسب ما ورد، تبادل الاثنان رسائل مشفرة احتفالًا بالقتل. في الليلة نفسها، غادر نوري العراق إلى إيران، وتوقف في طريقه في موقع مرتبط بسليماني.
كما فرّ عدد من أعضاء فرقة الاغتيال من العراق إلى إيران، حيث رتّب نوري لهم مسكنًا وملاذًا آمنًا. ويُزعم أن نوري وضابطًا آخر في الحرس الثوري الإيراني أخبرا المهاجمين أن ترويل جاسوس للولايات المتحدة وإسرائيل، وادعيا أنه يُشكّل تهديدًا للإسلام بتشجيعه الشباب العراقيين على اعتناق اليهودية، وهي أسبابٌ بررت، كما زعموا، قتله.
وُجّهت لائحة اتهام من قِبل السلطات العراقية إلى نوري عام ٢٠٢٣، وأُدين بالتورط في جريمة القتل. وذكرت وكالة أسوشيتد برس سابقًا أن نوري وأربعة عراقيين متواطئين معه حُكم عليهم بالسجن المؤبد لدورهم في جريمة القتل.
تكثيف الجهود لتأمين إطلاق سراح تسوركوف.
أفادت مصادر عراقية لشبكة الحدث الإخبارية السعودية يوم السبت أن “جهودًا جادة” تُبذل لتأمين إطلاق سراح تسوركوف. وأشار تقرير منفصل إلى أن صفقة إطلاق سراحها قد تُنجز في غضون ١٠ أيام.

أكد مسؤول إسرائيلي استمرار الجهود لإطلاق سراح تسوركوف. وقال: “في إطار جهودها في هذا الشأن، طلبت إسرائيل المساعدة من الولايات المتحدة ودول أخرى”.
وفقًا لقناة الحدث، قد يُطلق سراح تسوركوف في إطار تفاهمات سرية بين العراق والولايات المتحدة ، وأفادت الشبكة أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يتابع الأمر في محاولة لتخفيف الضغط الدولي، عقب زيارة سرية لمسؤول أمني عراقي رفيع المستوى إلى واشنطن.
وقالت شقيقة تسوركوف، إيما تسوركوف، ردًا على التقارير: “نأمل أن تكون التقارير صحيحة، لكن ليس لدينا أي تفاصيل في الوقت الحالي. نحن في انتظار التحديثات الرسمية”.
وتشارك إسرائيل في مفاوضات بشأن إطلاق سراح تسوركوف، ومن بين الجهات التي تتولى القضية مجلس الأمن القومي. في الأسبوع الماضي، صرّح مسؤول إسرائيلي مطلع على الأمر بأن إسرائيل ليست قريبة من ضمان عودتها، لكنه أعرب عن تفاؤل حذر بشأن التقدم المحتمل. سعى المسؤولون إلى تجنب إثارة آمال كاذبة.
من هي إليزابيث تسوركوف؟
تحمل تسوركوف، البالغة من العمر 38 عامًا، الجنسيتين الإسرائيلية والروسية، وكانت تقيم في الولايات المتحدة أثناء دراستها للدكتوراه في جامعة برينستون.
اختُطفت في بغداد في 26 مارس/آذار 2023، أثناء إجرائها بحثًا ميدانيًا. لم تُعلن أي جهة مسؤوليتها عن اختطافها، لكن إسرائيل اتهمت كتائب حزب الله العراقية القوية باحتجاز تسوركوف ، وألمحت كتائب حزب الله إلى عدم تورطها في العملية. وبحسب ما ورد، لم تكن زيارتها للعراق الأولى، ويُعتقد أنها دخلت البلاد بجواز سفرها الروسي.

في الأسبوع الماضي، التقت إيما تسوركوف بآدم بوهلر، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون الأسرى، في إطار جهود متجددة لتحقيق تقدم.
وكان بوهلر قد تعرض لانتقادات سابقة بسبب اتصالاته المباشرة مع حماس، لكنه لعب دورًا محوريًا في تأمين إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي، عيدان ألكسندر، من الأسر في غزة. وسيمثل التوصل إلى حل ناجح في قضية تسوركوف إنجازًا آخر له من وجهة نظر الإسرائيليين و الأمريكان.