تقرير إسرائيلى: انتخابات بلدية في معاقل حزب الله تؤكد استمرار نفوذه رغم الضغوط

كتب: أشرف التهامى
مقدمة:
انطلقت الانتخابات البلدية في لبنان بين 18 و24 مايو/أيار 2025، وشملت العاصمة بيروت، ومناطق تُعدّ معاقل أساسية لحزب الله، مثل البقاع (بعلبك، الهرمل، زحلة، راشيا، البقاع الغربي) وجنوب لبنان.
وبحسب تحليل نُشر اليوم على الموقع الرسمي لمركز “ألما” الإسرائيلي للدراسات الأمنية – المعروف بقربه من الدوائر الاستخباراتية والعسكرية في إسرائيل – فإن نتائج هذه الانتخابات تشكّل مؤشرًا جديدًا على أن حزب الله لا يزال يحتفظ بنفوذ قوي في بيئته الشعبية، وأنه لم يتعرض لضعف جوهري أو شامل رغم الضغوط والحرب الأخيرة.
وأشار المركز إلى أن هذه الانتخابات، رغم أنها تندرج في الإطار المدني، تعكس بصورة واضحة استمرار سيطرة الحزب في مناطقه، ما يدحض بعض التقديرات التي رُوج لها إسرائيليًا حول تراجع حضوره بعد جولات التصعيد مع إسرائيل.
وإليكم التقرير الإسرائيلى دون تدّخل منا :
التقرير:
في الواقع، يمكن اعتبار هذه الانتخابات دليلًا على الحفاظ على قوة حزب الله المدنية – القوة التي تُمكّن قوته العسكرية. ومن المحتمل أن تُصعّب روح الانتخابات على الحكومة اللبنانية سد الفجوة بين التصريحات والحديث عن إضعاف قوة حزب الله العسكرية – وهي منظمةٌ تُمثّل أيديولوجيتها الجوهرية “المقاومة المسلحة” – وهي هويةٌ لا تقبل المساومة – وبندقيتها على علمها ليست مجرد زينة، بل بيان – واتخاذ إجراءاتٍ فعّالة لإضعاف قوة حزب الله العسكرية فعليًا.
منطقة البقاع: فوزٌ ساحقٌ للائحة المشتركة لحزب الله وأمل.
في منطقة البقاع، وتحديدًا في البقاع الشرقي، وتحديدًا في منطقتي بعلبك والهرمل، تمتع حزب الله لسنواتٍ طويلة بهيمنةٍ سياسيةٍ وتنظيميةٍ وعسكرية. وقد حققت لائحة “التنمية والوفاء”، التي تجمع حزب الله وحركة أمل تحت مظلةٍ واحدةٍ في الانتخابات، انتصاراتٍ كاسحةً في المجالس المحلية دون أي منافسةٍ حقيقية، سواءً بسبب عجز العناصر المستقلة عن التنظيم، أو بسبب الضغوط السياسية والتهديدات الضمنية.
تُرسّخ هذه النجاحات مكانة حزب الله كمركز قوةٍ إقليميٍّ لا يعتمد فقط على قوته العسكرية أو البرلمانية، بل أيضًا على الحوكمة المحلية التي تُشكّل بنيةً تحتيةً للعمل الاجتماعي والجمعي، وأحيانًا أيضًا على الإدارة المالية. بالنسبة لحزب الله، لا تُعتبر الانتخابات أداةً تقنيةً، بل فرصةً لتجديد تفويضه العام في نظر قاعدته الشيعية، مع الحفاظ على قبضته على المؤسسات الإقليمية التي تُعتبر حيويةً للحفاظ على نفوذه السياسي.
في البقاع، تراوحت نسبة المشاركة بين 30% و47%، بحسب المنطقة.
بيروت: نسبة مشاركة منخفضة جدًا مع فوز حزب الله خلف الكواليس
في بيروت، كان المشهد السياسي أكثر تشتتًا، إلا أن حزب الله حافظ في النهاية على تفوقه. ورغم أن حزب الله لم يشارك علنًا بلائحته الخاصة، إلا أنه عمل خلف الكواليس لدعم قوائم تابعة لتحالف 8 آذار.
وفازت قائمة “بيروت المتحدة”، التي حظيت بدعم حلفاء حزب الله، بأغلبية مقاعد المجلس البلدي. ويكتسب هذا الإنجاز أهمية خاصة نظرًا لانخفاض نسبة المشاركة (حوالي 20%)، مما يشير إلى أن قدرة القائمة على حشد الناخبين كانت أكثر فعالية من قدرة منافسيها.
في المقابل، حققت قائمة “بيروت مدينتي” المستقلة، المؤلفة من مهنيين وناشطين وممثلين عن المجتمع المدني، مكاسب رمزية، لكنها فشلت في اختراق جدار اللامبالاة العامة والقوة الانتخابية للقوائم التي تدعمها الكتل السياسية التقليدية.
نشرت الهيئة الانتخابية لحزب الله في منطقة بيروت ما يشبه إعلان النصر، معبرة، في جملة أمور، عن التقدير والشكر لـ”الجمهور المقاوم الوفي” الذي شارك في الانتخابات وساهم في تحقيق الأهداف المطلوبة في مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية مع الحفاظ على التوازن والاستقرار والشراكة الوطنية والعيش المشترك.
جنوب لبنان: هيمنة حزب الله
في 24 مايو/أيار 2025، أُجريت الجولة الأخيرة من الانتخابات البلدية في جنوب لبنان، في دوائر يتمتع فيها “الثنائي الشيعي” – حزب الله وحركة أمل – بنفوذ كبير وواسع. أُجريت الانتخابات على خلفية الحرب مع إسرائيل. ورغم التحديات، حضر سكان الجنوب للتصويت حتى في البلدات المتضررة بشدة.
صوّت سكان القرى القريبة من الحدود، والتي دُمرت بالكامل تقريبًا نتيجة الحرب مع إسرائيل – مثل قرية كلا في القطاع الشرقي – في مراكز الاقتراع التي أُقيمت في النبطية. كما صوّت سكان قرى حدودية أخرى (القطاع الغربي) في مدينة صور.
لا يزال حزب الله يُظهر قوته السياسية والتنظيمية في جنوب لبنان. وقد أتاح له تعاونه الوثيق مع حركة أمل السيطرة على القوائم المحلية في معظم القرى والمدن، والفوز بأغلبية المقاعد البلدية – وأحيانًا بجميعها. في حين شهدت بعض البلدات منافسة انتخابية محدودة، لم يُجرَ أي تصويت في أخرى، ولم تُقدَّم أي قوائم، وكان اختيار أعضاء المجلس البلدي يُحدَّد باتفاقات مسبقة.
على سبيل المثال، من أصل 144 بلدة شملتها الجولة الانتخابية جنوب نهر الليطاني (محافظة جنوب لبنان – التي تضم أربع مناطق رئيسية: صور، مرجعيون، بنت جبيل، وحاصبيا)، لم تُجرَ أي انتخابات في 72 بلدة بسبب اتفاقات داخلية سابقة. في 71 منها، سيطرت القائمة المشتركة لحزب الله وأمل. في بلدة واحدة فقط، سيطرت عشيرة محلية باتفاق.
في 72 بلدة جنوب الليطاني حيث أُجريت الانتخابات، 35 منها ليست شيعية أو ذات أغلبية واضحة من طائفة أخرى (مسيحية، درزية، سنية)، ولذلك لم تترشح فيها قائمة حزب الله وأمل منذ البداية.
تعكس بيانات نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية السابقة عام ٢٠١٦ اتجاهًا واضحًا نحو انخفاض المشاركة. ويُرجّح أن يكون هذا الانخفاض ناتجًا عن الإرهاق السياسي، والوضع الاقتصادي المتردي، والتداعيات الأمنية المباشرة. مع ذلك، في بعض المناطق، وخاصةً في صيدا والنبطية، حافظت نسبة المشاركة على ارتفاعها النسبي، مما يشير إلى استمرار المشاركة المجتمعية والنشاط السياسي الداخلي القوي، المدفوع بشكل رئيسي بالآليات التنظيمية لحزب الله وحركة أمل.
بيانات نسبة المشاركة الرسمية في جنوب لبنان مقارنةً بعام ٢٠١٦:

ملخص:
وفقًا لتحليل نتائج الانتخابات، نجح حزب الله، من خلال هياكله التحالفية المناطقية والتنظيمية، في ترسيخ سيطرته البلدية الكاملة في الدوائر الشيعية، مع الحفاظ على استقرار سياسي في معاقله – جنوب لبنان والبقاع. في بيروت، يُهيمن حزب الله من خلال حلفائه، وحملاته الإقليمية، ودعمه الصامت للقوائم التعاونية.
نجحت القوائم المدنية والمعارضة في اختراق المدن المركزية جزئيًا، لكنها لا تزال تكافح لكسر هيمنة القوى التقليدية، وخاصة في المناطق الطرفية.
في انتخابات جنوب لبنان – في محافظتي جنوب لبنان والنبطية – استُبعد حوالي نصف البلدات من المنافسة الانتخابية بسبب اتفاقات سابقة بين حزب الله وحركة أمل.
هذه الاتفاقات، التي تُعتبر آلية للسيطرة السياسية المنظمة، أدت إلى اختيار ما مجموعه 109 مجالس محلية دون منافسة (بما في ذلك شمال الليطاني) – منها 89 مجلسًا تابعًا لاتفاقات حزب الله وحركة أمل.
برزت العملية الانتخابية بشكل خاص في القرى الحدودية، التي دُمّر الكثير منها خلال الحرب، وصوّت سكانها في مدن مجاورة مثل صور والنبطية.
أكّد عدد من ممثلي حزب الله وحركة أمل، بمن فيهم أعضاء في البرلمان، أن التصويت يُعدّ رسالة تصميم وصمود مدني في وجه “مخطط العدو الإسرائيلي لتحويل الجنوب إلى منطقة خاوية ومُنهكة”. وبحسبهم، فإن إجراء الانتخابات، والمشاركة الواسعة، والاتفاقات السياسية التي تم التوصل إليها – كلها تُعبّر عن صمود شعب الجنوب واختياره الثابت للمقاومة أسلوب حياة.
تُمثّل الانتخابات دليلاً إضافياً على أن الحكم المحلي في لبنان ليس مجرد مجال للخدمات البلدية، بل هو أيضاً ساحة معركة سياسية تعكس علاقات قوة طائفية وأمنية وأيديولوجية أوسع.
على الرغم من الضربة القاسية التي تلقاها حزب الله، إلا أنه لا يزال بعيداً عن الزوال، ويبدو أنه لا يزال يُهيمن على المستويين المحلي والانتخابي. حتى مع وجود مشاعر إحباط لدى القاعدة الشيعية في المناطق المتضررة من الحرب، وانخفاض في نسبة المشاركة الشعبية، وخيبة أمل تجاه المسؤولين الحكوميين، إلا أن هذه المشاعر لم تُترجم بعد إلى تغيير حقيقي في ميزان القوى الانتخابي العام.
“جمعية المقاومة”
يُحافظ على محرك النمو المدني لحزب الله – “جمعية المقاومة”، وهي القاعدة الشيعية لحزب الله – ويدعمه البنية التحتية المدنية الشاملة لحزب الله. تُدار هذه البنية التحتية من قِبل المجلس التنفيذي، وتعمل بالتوازي مع البنية التحتية المنهارة وغير الفعالة للدولة اللبنانية.
رغم أن حزب الله يواجه صعوبات مالية عديدة تتعلق بإعادة الإعمار عمومًا، وإعادة الإعمار المدني خصوصًا، وهي صعوبات تؤثر مباشرةً على القاعدة الشيعية، إلا أنه لا يزال يُمثل بنية تحتية فاعلة تُدير حاليًا حملة إعادة إعمار مدنية واسعة النطاق. وهذا جانب بالغ الأهمية لبقاء حزب الله.
……………………………………………………………………………………………………………
المصدر:
The Municipal Elections in Lebanon – Hezbollah Is Here to Stay – Analysis of the Results