بسبب اتهامات بمعاداة السامية: إدارة ترامب تقطع علاقاتها مع جامعة هارفارد

كتب: على طه
في خطوة تُعدّ الأشد حتى الآن، أمرت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بقطع جميع العلاقات الفيدرالية مع جامعة هارفارد، بما يشمل إنهاء عقود قائمة تُقدّر قيمتها بنحو 100 مليون دولار، متهمةً الجامعة بتشجيع معاداة السامية ومخالفة سياسات المساواة.
في المقابل، نفت هارفارد تلك الاتهامات، واعتبرتها تدخلاً سياسيًا يُهدد حرية الأكاديميا ومستقبل الطلاب الدوليين.
وجاءت التعليمات في رسالة من هيئة الخدمات العامة الأمريكية (GSA) صدرت الأسبوع الماضي، طالبت فيها وكالات حكومية مثل وزارة الأمن الداخلي (DHS) والمعاهد الوطنية للصحة (NIH) بإلغاء تعاقداتها مع هارفارد وتحويلها إلى جهات بديلة. تشمل العقود الملغاة برنامجًا تدريبيًا بقيمة 25,800 دولار لمسؤولي وزارة الأمن الداخلي، وعقدًا بحثيًا بقيمة 49,858 دولار لدراسة تأثير استهلاك القهوة، بتمويل من NIH.
بحسب إدارة ترامب، تشمل الإجراءات حوالي 30 عقدًا بين هارفارد وتسع وكالات فيدرالية، منها وزارة الطاقة ووكالة حماية البيئة ووزارة النقل، إلى جانب مؤسسات طبية.
وأوضحت أن بعض العقود كانت قد جُمّدت مسبقًا، وستُمنح استثناءات محدودة لتسهيل التحوّل التدريجي إلى مزوّدين آخرين. ووصفت الإدارة هذه الخطوة بأنها “قطع كامل للعلاقات التجارية بين الحكومة الأمريكية وجامعة هارفارد”.
وقال ترامب عبر منصته الخاصة للتواصل الاجتماعي إنه يدرس إعادة توجيه تلك الأموال إلى المدارس المهنية في أنحاء الولايات المتحدة، واصفًا هارفارد بـ”المؤسسة المعادية للسامية”، ومشيرًا إلى أن هذا الاستثمار سيكون “أكثر نفعًا”.
جذور النزاع: احتجاجات مؤيدة لفلسطين
يرتبط التصعيد بين إدارة ترامب وهارفارد بجُزأين رئيسيين:
-
الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين والمناهضة لإسرائيل في الحرم الجامعي بعد هجمات 7 أكتوبر واندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، حيث تتهم الإدارة الجامعات بعدم اتخاذ إجراءات حاسمة ضد المتظاهرين، ما سمح بنمو معاداة السامية، وأدى لبيئة معادية للطلاب اليهود والإسرائيليين.
-
برامج “التنوع والإنصاف والإدماج” (DEI) التي تعطي الأولوية للأقليات المهمشة في التعليم والقيادة، وتراها الإدارة بمثابة تمييز عكسي متطرف ضد غير المنتمين لهذه الفئات.
وقد وردت هذه الانتقادات صراحةً في رسالة GSA، التي قالت إن القرار جاء بسبب “افتقار هارفارد للالتزام بالقيم الوطنية للمساواة وعدم التمييز”، واستمرارها في استخدام معايير عرقية في القبول، رغم قرار المحكمة العليا في 2023 بحظر ذلك. كما استشهدت الرسالة بحالة من عام 2023، حين حصل طالب في اللاهوت على منحة رغم اتهامه بالاعتداء على طالب إسرائيلي في مظاهرة مؤيدة لفلسطين، وهي قضية حُسمت بصفقة قضائية دون إدانة جنائية.
رد هارفارد
رفض رئيس جامعة هارفارد، البروفيسور ألان غاربر، تلك الاتهامات، واعتبر الإجراءات محاولة واضحة لتسييس التعليم العالي والتدخل في استقلال الجامعة.
وقال في بيان علني:
“هذا تصرف غير قانوني يُهدد مستقبل آلاف الطلاب والباحثين، ويمثل تهديدًا مباشرًا لحرية التعبير والأكاديميا في الولايات المتحدة”.
وأضاف:
“إذا أُعيد توجيه التمويل إلى المدارس المهنية، فإن هذا يعني إلغاء المشاريع البحثية الممولة بهذه المنح بالكامل، ليس لأنها غير ضرورية، بل لأن الإدارة تريد معاقبة المؤسسة التي تنفذها”.
تصعيد قانوني
في مواجهة التصعيد، أطلقت هارفارد إجراءات قانونية اتحادية، أحدها لاستعادة التمويل المجمد، وآخر للطعن في قرار منع قبول الطلاب الدوليين. وقد حصلت على إيقاف مؤقت للقيود المتعلقة بالتأشيرات بقرار من القاضية الفدرالية أليسون بوروغز، ذات التوجهات الليبرالية، إلى حين جلسة استماع أخرى تُعقد هذا الأسبوع في بوسطن.
ويأتي التصعيد بالتزامن مع أسبوع تخرج نحو 9,000 طالب، بينهم حوالي 6,800 طالب دولي يشكلون 27% من طلاب الجامعة. وتواجه هذه الفئة حالة من القلق وعدم اليقين بشأن قدرتهم على البقاء في الولايات المتحدة، ويُقدر أن من بينهم نحو 160 طالبًا إسرائيليًا.
شهادات من الواقع
قال عمري عطار، طالب إسرائيلي في برنامج تنفيذي بكلية كينيدي في هارفارد:
“أنا هنا مع أولادي الثلاثة، ومش عارف إذا كنت أسجّلهم للعام الجاي ولا لأ… الوضع مرهق جدًا. حتى مع اقتراب تخرّجي، تأشيرة العمل غير مضمونة، والخطط كلها تتفكك.”
وأضاف:
“المسألة مش بس مغادرة… إحنا بنتكلم عن بيع أثاث، سيارات، فسخ عقود إيجار، وكل ده تحت ضغط. مش إحنا المستهدفين من القرار، لكن إحنا أول من بيتضرر.”
وختم بقوله:
“لو ترامب فعلاً عايز يحارب معاداة السامية، فأنا معاه، لكن لازم نسأل: هل ده الأسلوب اللي هيحل المشكلة؟ ولا مجرد وسيلة لإلهاء الناس عن لبّ القضية؟”
طالع المزيد: