إيران على بُعد أسابيع من امتلاك القنبلة النووية.. تقرير وكالة الطاقة الذرية

مصادر – بيان

في تصعيد جديد يُنذر بمزيد من التعقيد في المفاوضات النووية، عادت طهران لتتهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتسييس عملها، والخضوع لضغوط أمريكية وإسرائيلية وغربية، وذلك على خلفية تسريبات لتقرير صادر عن الوكالة عبر وسائل إعلام غربية، بينها “رويترز”، قبل مناقشته رسميًا.

ومن جانبها فقد كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير حديث لها أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60% بلغ نحو 408 كيلوجرامات، وهو ما يقترب من العتبة المطلوبة لصناعة سلاح نووي.

كما أكدت الوكالة أن طهران لم تفصح عن أنشطتها النووية في ثلاثة مواقع غير معلنة، ووصفت تعاون إيران بأنه “أقل من مرضٍ”، داعيةً طهران إلى تعزيز التعاون بشكل فعال وكامل.

الوضع فى تل أبيب وواشنطن

في المقابل، اعتبر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن التقرير يُثبت أن برنامج إيران النووي ليس سلميًا، محذرًا من أن طهران تسعى إلى استكمال برنامجها لتصنيع الأسلحة النووية. ودعا المجتمع الدولي إلى تحرك فوري وحازم ضدها.

من واشنطن، أوضح مراسل “سكاي نيوز عربية” أن التقرير يأتي في وقت حساس، حيث تجري مفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، لكنها تواجه جمودًا سياسيًا و”تفاؤلًا حذرًا”.

وأشار المراسل إلى أن استمرار التخصيب بهذا المستوى يضع إيران على مسافة أسابيع قليلة فقط من امتلاك سلاح نووي، بحسب تقديرات الوكالة، بينما تشير استخبارات أمريكية إلى أن المدة قد تمتد لعدة أشهر.

وفي القدس، تتابع إسرائيل التقرير بقلق بالغ، إذ يراه نتنياهو دليلًا على أن إيران تعمل على خداع المجتمع الدولي وتُخفي نواياها الحقيقية. وتُفضّل إسرائيل الخيار العسكري، حسب قوله.

في حين ترى الإدارة الأمريكية أن اتفاقًا نوويًا محكمًا قد يكون السبيل الأفضل لمنع طهران من تطوير سلاح نووي.

إيران تصر على النفى

من جانبها، جددت إيران رفضها امتلاك أسلحة نووية، واعتبرت ذلك أمرًا “غير مقبول”، لكنها أكدت على حقها السيادي في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية.

وتحدثت تقارير عن تفاؤل أمريكي بإمكانية التوصل لاتفاق قريبًا، إذ عبّر الرئيس السابق دونالد ترامب عن رغبته في صفقة “قوية جدًا”، ملوحًا في الوقت نفسه بخيار قصف المنشآت النووية الإيرانية.

الرئيس الإيراني عباس عراقجي شدد على أن بلاده ترفض أي تقييد لحقها في التخصيب، مطالبًا باحترام القانون الدولي، فيما تربط طهران أي اتفاق مستقبلي بـ رفع العقوبات، والاعتراف بأنشطتها النووية السلمية، ووقف التهديدات الأمريكية.

ويثير هذا المشهد تساؤلات كبيرة حول ما إذا كانت إيران باتت فعليًا “دولة عتبة نووية”—تمتلك القدرة التقنية لصناعة سلاح نووي، ولكنها لم تتخذ بعد القرار السياسي بذلك، مثل حال دول كألمانيا واليابان.

وفي حال تم الاعتراف الضمني بهذا الوضع، فإن إيران قد تتمكن من فرض نفسها كقوة نووية غير معلنة، تكسب الردع دون أن تتحمل العقوبات، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديدًا استراتيجيًا يجب منعه بأي ثمن.


“اتهامات متبادلة  

 المحلل السياسي سعيد شاوردي، في حديثه لقناة الجزيرة، أكد أن طهران ترى في هذا السلوك “تجاوزًا غير مهني” وخرقًا لمبدأ السرية الذي يُفترض أن تحافظ عليه الوكالة، متهمًا إياها بتسريب معلومات حساسة – من بينها مواقع أنشطة نووية – إلى جهات معادية لطهران، ما يشكل خطرًا مباشرًا على الأمن القومي الإيراني.

وأشار شاوردي إلى أن الوكالة كثيرًا ما تغيّر لهجتها بحسب مستوى التقدم في المفاوضات، مما يرسّخ الانطباع الإيراني بأنها تتحرك بدوافع سياسية لا تقنية.

وعلى الرغم من ذلك، فقد شدد على أن إيران مستمرة في التعاون مع الوكالة، مستشهدًا بما كشفه محمد إسلامي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، من أن 25% من عمليات تفتيش الوكالة على مستوى العالم تجري داخل إيران.

رد طهران

وعلى الرغم من أن التقرير الأخير يزعم أن إيران زادت من وتيرة تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 60%، وأن تعاونها مع الوكالة بات “غير مرضٍ”، ردّت طهران بأنها مستعدة لتقليص مستوى التخصيب والسماح بتفتيش شامل – بل حتى بدخول مفتشين أمريكيين – في إطار مساعٍ لبناء الثقة، لكن “المشكلة تبقى في تعنّت الموقف الأمريكي”، على حد تعبيرها.

نشاط استخباراتي إيراني

في سياق موازٍ، كشف تقرير لجهاز الاستخبارات النمساوي عن نشاط استخباراتي إيراني في أوروبا، وأكد أن طهران لم تتخلَ عن طموحها لامتلاك سلاح نووي، مشيرًا إلى محاولات للحرس الثوري زرع جواسيس في شركات ومصانع أوروبية، وإنشاء شركات وهمية بغرض الحصول على تكنولوجيا عسكرية حساسة.

وخلص التقرير إلى أن إيران تملك ترسانة صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية لمسافات طويلة.

الرد الإيراني لم يتأخر، إذ اعتبرت وزارة الخارجية التقرير النمساوي “مفتقرًا للمصداقية”، وطالبت الحكومة النمساوية بتوضيح رسمي.

تعزيز المخاوف

لكن تزامن هذا التقرير مع تصريحات أوروبية متزايدة الشكوك حيال نوايا طهران، عزز المخاوف من أن المفاوضات الجارية قد تُدفع إلى طريق مسدود، تمامًا كما حدث في جولات سابقة خلال عهد إدارة بايدن والحكومة الإيرانية الحالية.

وسط هذه الأجواء المشحونة، تواصل إيران التأكيد أنها لم تعد تملك ما يمكن أن تقدمه أكثر لإثبات سلمية برنامجها، وأن على الغرب، وتحديدًا واشنطن، أن يظهر مرونة مقابلة إذا كانت هناك نية حقيقية لإنجاح أي اتفاق مستقبلي.

طالع المزيد:

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى