سياسيون يشتكون من خيال “الذكاء الاصطناعي”.. أمريكا تدشن عصر التزييف

كتب: على طه
“في عام 2025، لم يعد الوصول إلى الشهرة السياسية مقصورًا على الواقع.. وفي عالم الذكاء الاصطناعي، أن تكون “مزيفًا” قد يكون ذلك أكثر تأثيرًا من أن تكون حقيقيًا.
الشكوى هذه المرة قادمة من الولايات المتحدة التى دخلت عصر الكاء الاصطناعى وقد بات يسيطر على خوارزميات المحتوى، بات من الشائع أن نجد سياسيين أمريكيين يتصدرون قصصًا خيالية مثيرة، تُركّب لهم أحداثًا غير واقعية بلمسة درامية حزبية، وتُقدَّم على أنها “تقارير إخبارية” عبر يوتيوب وتيك توك وفيسبوك.
مثال بارز
أحد أبرز الأمثلة على هذه الظاهرة هي قناة يوتيوب تحمل اسم “Mr. Noah’s Stories”، والتي حوّلت النائبة الديمقراطية جاسمين كروكيت إلى بطلة خارقة في عالم سياسي بديل: تواجه إيلون ماسك، وتُسقط قضاة المحكمة العليا، وتُنهي مسيرة خصوم سياسيين مثل مارجوري تايلور غرين ولورين بوبيرت – وكل هذا في يوم واحد… لكنه يوم افتراضي بالكامل.
خيال السياسي مدفوع بالذكاء الاصطناعي
تستخدم هذه القنوات أدوات الذكاء الاصطناعي لإنشاء فيديوهات بصوت وصورة توليدية تسرد أحداثًا لم تحدث قط، لكنها مصممة لتخدم جمهورًا يبحث عن الإثارة الحزبية، خاصة في المشهد السياسي الأمريكي المستقطَب. وغالبًا ما يتم تصوير السياسيين فيها كأبطال منتصرين أو أشرار مهزومين، حسب توجه القناة.
كروكيت، التي تم توظيف شخصيتها بشكل واسع في هذه الفيديوهات، اعترفت بأن هذه القصص المضللة باتت مألوفة، وصرحت لموقع Semafor:
“بوضوح، الخوارزمية تُحب اسمي، لذلك يتم استغلاله كثيرًا… نصيحتي الآن: إذا كان الصوت مولّدًا بالذكاء الاصطناعي، فمن المحتمل أن تكون القصة ملفقة.”
شهرة سياسية
مثل هذه القصص الخيالية لا تهدف إلى الإساءة دائمًا. بعضها يُظهر الشخصيات بمظهر إيجابي، كما حدث في فيديو خيالي يصور مقدم البرامج بيت هاغسِث وهو يطهو الطعام للجنود المعاقين. الفيديو المليء بالصور المعدّلة حصد آلاف المشاركات، متفوقًا على تقارير سياسية حقيقية.
الرئيس السابق دونالد ترامب وأفراد عائلته كانوا من أوائل “نجوم” هذه النوعية من المحتوى. ظهرت له صور مولدة بالذكاء الاصطناعي وهو ينقذ حيوانات أليفة من مهاجرين “غامقين” أو من أعاصير، وشارك بنفسه بعض هذه الصور على منصته “تروث سوشيال”.
في إحدى الحالات المثيرة للجدل، نشر ترامب صورة خيالية لغزة بعد “استيلائه المفترض” عليها، في تصور سياسي رمزي مثير للقلق.
مخاوف تشريعية
النائبة إيفيت كلارك من نيويورك، تعمل على إعادة تقديم مشروع قانون يهدف إلى تنظيم ومنع استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج “الديب فيك” السياسي. وقالت لـ Semafor:
“نحن بحاجة ماسة لإعادة طرح القانون، فالتكنولوجيا تتسارع، واستخدامها ضد مجتمعات معينة، وخاصة النساء السود، أمر غير مقبول.”
نجاح مزيف
قناة “Mr. Noah’s Stories” وحدها، والتي بدأت في يناير الماضي، حصدت أكثر من 5.6 مليون مشاهدة و42 ألف مشترك خلال أشهر قليلة، باستخدام حبكات مكررة، كانت إحداها قد استخدمت سابقًا مع ميشيل أوباما قبل أن تُعاد صياغتها باسم كروكيت لتحقق نجاحًا أكبر.
وبينما يدور الجدل التشريعي حول الديب فيك التقليدي الذي يُظهر سياسيًا يقول شيئًا لم يقله، فإن هذا “الخيال السياسي بالذكاء الاصطناعي” يقدم مشكلة مختلفة: عالم بديل كامل من الصراعات السياسية المفبركة، تُغذي خوارزميات المنصات وتلبي رغبة الجمهور في الإثارة والانقسام.
ورغم أن صناع هذا المحتوى غالبًا ما يختفون خلف حسابات وهمية ولا يردون على أي استفسارات، إلا أنهم وجدوا جمهورًا متعطشًا للدراما السياسية – حقيقيًا أو آليًا – يكفي لجعلهم يستمرون.
وكشف الصحفي ماثيو غولت من 404Media عن موجة من القصص المصطنعة التي تتفوق على الأخبار الحقيقية، فيما وصفها بـ”رئاسة السخف”، حيث يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لإعادة تصوير السياسات الواقعية عبر صور وقصص زائفة لكن درامية.