مسؤولون في مرمى الاتهام ومحافظ الأقصر: لا تستر على أحد فى فضيحة قصر ثقافة الأقصر

كتبت: هدى الفقى

 في مشهد يذكّر بأفلام الإثارة والغموض، تحوّل مشروع ثقافي في قلب مدينة الأقصر إلى مسرح لجريمة أثرية صادمة. النيابة تأمر اليوم الأربعاء بحبس 5 أفراد من شركة مقاولات لمدة أربعة أيام، بعد كشف تورطهم في حفر نفق أثري بطول 9 أمتار وعمق 5 أمتار، أسفل قصر ثقافة الطفل في منطقة أبو الجود بالأقصر!

القصة بدأت بزيارة روتينية لوزير الثقافة، الدكتور أحمد فؤاد هنو، إلى الموقع لمتابعة أعمال التطوير ضمن خطة الدولة للنهوض بالبنية التحتية الثقافية، لكنه فوجئ بما لم يكن في الحسبان: حفرة للتنقيب عن الآثار خلسة، في قلب منشأة من المفترض أن تكون مركزًا للمعرفة والإبداع.

الصدمة والفضيحة

الصدمة تحولت إلى فضيحة مدوية، بعدما كشفت التحقيقات أن خمسة موظفين وعمال تابعين لشركة المقاولات المنفذة لأعمال التطوير، قاموا بالتنقيب سرًا عن الآثار، مستغلين موقع القصر وقلة الرقابة عليه.

وتم ضبط المتهمين داخل إحدى الشقق التابعة للقصر، والتي تحوّلت من مساحة للأنشطة الثقافية إلى ورشة سرية للتنقيب، في مشهد عبثي أثار غضب المسؤولين والرأي العام على حد سواء.

التحقيقات تتوسع 

الواقعة كشفت عن شبهة تواطؤ أو إهمال جسيم، ما دفع وزير الثقافة إلى اتخاذ قرارات عاجلة بإحالة كبار المسؤولين بالهيئة العامة لقصور الثقافة إلى التحقيق، من بينهم رئيس إقليم جنوب الصعيد الأسبق، ومدير فرع ثقافة الأقصر، ومديرا قصري الثقافة، بالإضافة لمسؤولي الأمن والهندسة والصيانة.

من جانبها، باشرت نيابة الأقصر تحقيقًا موسعًا، فيما أكد مصدر أمني أن النفق المكتشف كان يمتد أسفل القصر ويُحتمل اتصاله بمنازل مجاورة، في محاولة واضحة لاستخراج آثار يُعتقد أنها مدفونة في المنطقة.

محافظ الأقصر: لا تستر على أحد

محافظ الأقصر، المهندس عبد المطلب عمارة، تحرك بسرعة إلى موقع الحادث، وأمر بإغلاق الحفرة فورًا، مشددًا على أنه “لن يكون هناك تستر على أي مسؤول يثبت تقصيره أو تواطؤه”، كما وجّه بفتح تحقيق إداري عاجل بالتوازي مع تحقيقات النيابة.

هل هي مجرد بداية؟

الواقعة أثارت موجة غضب واسعة بين الأهالي والمثقفين، خاصة أنها كشفت عن ثغرات أمنية وإدارية خطيرة في منشآت يفترض أنها تخضع لأقصى درجات الحماية. التساؤلات تدور الآن حول ما إذا كانت الواقعة معزولة، أم أننا أمام نمط أوسع من الفساد، يستغل غطاء التطوير الثقافي لنهب تراث لا يقدَّر بثمن.

وأخيرا فأن ما جرى تحت قصر الثقافة ليس مجرد حفر بحثًا عن كنوز، بل هو حفر عميق في ثقة الناس بالمؤسسات الثقافية. وإذا لم يُحاسب المتورطون بشكل شفاف، فإن ثقوبًا جديدة ستُفتح، ليس تحت الأرض فقط، بل في جدران الثقة بين الدولة والمجتمع.

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى