اختراق أمني غير مسبوق: عملية “الأسد الصاعد” تضرب العمق الإيراني

مصادر – عمان

 في تصعيد غير مسبوق للصراع الإقليمي، أعلنت إسرائيل فجر الجمعة تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق ضد أهداف إيرانية داخل العمق الإيراني تحت اسم “الأسد الصاعد”، معلنة أن هدفها الرئيسي هو “إزالة التهديد الإيراني للوجود الإسرائيلي”. وشملت العملية ضربات جوية مكثفة متزامنة مع عمليات استخباراتية سرية نفذها جهاز “الموساد” استهدفت منشآت نووية وعسكرية إيرانية.

  قاعدة للموساد في قلب إيران

وفق تسريبات إعلامية إسرائيلية، تمكنت وحدات خاصة تابعة للموساد من التسلل إلى الأراضي الإيرانية قبل أسابيع من بدء الهجوم الجوي، حيث أنشأت قاعدة سرية للطائرات المسيّرة الانتحارية داخل إيران. واستخدمت هذه الطائرات لاحقاً لتدمير منصات صواريخ أرض-أرض قرب قاعدة “أشفق آباد” جنوبي طهران، والتي تعتبرها إسرائيل تهديداً مباشراً لأمنها.

وبحسب مصادر أمنية إسرائيلية، قامت فرق كوماندوز الموساد بزرع أنظمة تسليح دقيقة قرب بطاريات الدفاع الجوي الإيراني، حيث تم تفعيلها مع بدء العمليات الجوية، بالإضافة إلى زرع معدات هجومية داخل مركبات إيرانية، استُخدمت لاحقاً في استهداف مواقع دفاعية حساسة.

ضربات دقيقة

أسفرت الضربات عن مقتل عدد من كبار القادة الإيرانيين، بينهم رئيس هيئة الأركان اللواء محمد باقري، وقائد الحرس الثوري حسين سلامي، وقائد “مقر خاتم الأنبياء” اللواء غلام علي رشيد. كما أشارت وسائل إعلام إيرانية إلى تقارير عن إصابة مستشار المرشد الإيراني علي شمخاني ونقله في حالة حرجة إلى المستشفى.

وفي ضربة نوعية استهدفت البرنامج النووي الإيراني، أكدت وكالة “تسنيم” الإيرانية مقتل ستة من أبرز العلماء النوويين، بينهم عبد الحميد مينوشهر، وأحمد رضا ذو الفقاري، وأمير حسين فقهي، ومحمد مهدي طهرانجي، وفريدون عباسي.

أهداف استراتيجية:

شملت الغارات الإسرائيلية استهداف منشأة نطنز الرئيسية لتخصيب اليورانيوم، إضافة إلى منشآت تصنيع الصواريخ الباليستية ومراكز عسكرية في مناطق متفرقة داخل إيران. وتزامن ذلك مع سماع دوي انفجارات عنيفة في عدد من المدن الإيرانية، فيما أعلنت إسرائيل حالة الطوارئ القصوى وأغلقت مطار بن غوريون تحسباً لهجمات إيرانية انتقامية باستخدام طائرات مسيّرة أو صواريخ.

عقيدة “انهض واقتل أولاً”

يأتي هذا التصعيد في إطار عقيدة الموساد المستندة إلى التلمود “إذا جاء شخص ليقتلك، فانهض واقتله أولاً”، والتي تحولت إلى سياسة ممنهجة منذ تولي مئير داغان قيادة الجهاز عام 2002. أطلق داغان يد الموساد في تنفيذ عمليات نوعية تستهدف البرنامج النووي الإيراني بشكل مباشر، سواء عبر الاغتيالات أو التخريب أو دعم المعارضين في الداخل الإيراني.

وبناء على خطة سرية أعدها تامير باردو، الرئيس اللاحق للموساد، جرى إعداد قائمة ضمت 15 عالماً نووياً إيرانياً كأهداف تصفية مباشرة، بدأت في عام 2010 مع اغتيال الفيزيائي مسعود علي محمدي بعبوة ناسفة أمام منزله في طهران.

سلسلة طويلة من الاغتيالات الدقيقة

  • اغتيال مجيد شهرياري بعبوة مغناطيسية لُصقت بسيارته.

  • محاولة فاشلة استهدفت فريدون عباسي دواني بنفس الطريقة.

  • تصفية مصطفى أحمدي روشان المشرف على منشآت التخصيب بالطريقة ذاتها.

  • اغتيال داريوش رضائي نجاد بإطلاق نار أمام منزله.

كما امتدت عمليات الموساد إلى القيادات العسكرية الإيرانية، إذ اغتيل حسن طهراني مقدم، مهندس البرنامج الصاروخي الإيراني، في انفجار غامض عام 2011 داخل قاعدة “بيد غنه”.

وفي نوفمبر 2020، نفذ الموساد عملية نوعية معقدة استهدفت محسن فخري زاده، أحد أبرز العلماء النوويين الإيرانيين، عبر استخدام رشاش يتحكم به عن بُعد بواسطة الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي، في كمين محكم قرب طهران.

وفي مايو 2022، اغتيل العقيد حسن صياد خدايي، القيادي في “فيلق القدس”، أمام منزله بطهران عبر إطلاق نار نفذه شخصان يستقلان دراجة نارية، في أسلوب أصبح علامة مميزة لعمليات الموساد في الداخل الإيراني.

إلى أين يتجه التصعيد؟

يرى مراقبون أن عملية “الأسد الصاعد” تمثل أخطر مواجهة مباشرة بين تل أبيب وطهران منذ عقود، ما يفتح الباب أمام سيناريوهات تصعيد واسعة تشمل الجبهات الإقليمية المختلفة، في وقت تترقب فيه المنطقة رد فعل إيراني قد يتجاوز حدود الحسابات التقليدية، في ظل استمرار الغموض حول المدى الذي قد تذهب إليه المواجهة في قادم الأيام.

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى