جروسي هو البرادعي.. ولكن بدون بتلر
- يكذب ويزيف ليكافئ بمنصب أمين عام الأمم المتحدة - مدير وكالة الطاقة الذرية هو الذي أعطي إسرائيل الذريعة لضرب إيران إرضاءا لأمريكا - هل توافق ايران علي (صفر تخصيب) بعد كل هذه الخسائر والمليارات؟

تقرير يكتبه: عادل أبوطالب المعازي
مراجعة سريعة للتاريخ الأممي الأسود لصالح أمريكا في الملفات النووية للدول:
مستحيل أن ينسى أحد “محمد البرادعي” .. المحامي! الذي أصبح بقدرة قادر مديرًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية دون أي مؤهل يناسب عمله! .. وهو الذي حصل على جائزة نوبل للسلام سنة 2005، كمكافأة له على تدمير العراق، وتجويع وقتل ملايين الأطفال العراقيين، ولولاه لما تم ذلك! وهو (العميل) الذي جاءت به أمريكا لكي يشغل المنصب، وليوقّع لهم على بياض على قراراتهم بامتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل، دون تردد أو تكاسل أو تأنيب ضمير!
وقد شغل (البرادعي) منصبه لمدة 12 عامًا بدأت من الأول من ديسمبر عام 1997 حتى 30 نوفمبر 2009. أما بتلر.. فهو “ريتشارد باتلر” الأسترالي، رئيس لجنة التفتيش على الأسلحة الكيميائية والنووية في العراق، وكان يشغل سابقًا منصب رئيس لجنة الأمم المتحدة الخاصة بنزع ومراقبة برنامج أسلحة الدمار الشامل في العراق (يونسكوم).
وقد تسبب بتقريره المزيف الذي قدمه لمجلس الأمن في سبتمبر 1998، والذي اتهم فيه العراق بامتلاك برنامج للتسلح، في تدمير العراق، حيث اتهمه بمنع مفتشي اللجنة من أداء دورهم في التفتيش، وهو ما يفعله اليوم (رافائيل ماريانو جروسي) مع إيران!
وهي الذريعة التي جعلت (أمريكا وبريطانيا) تشنان غارات جوية على العراق، قُتل فيها الكثير من المدنيين العراقيين. وفي سنة 1997، اتهم العراق (ريتشارد باتلر) بالتجسس لصالح الولايات المتحدة الأميركية، ورفض متابعة لجنة باتلر (يونسكوم) لعمليات التفتيش على الأسلحة العراقية، وطلب من الأمم المتحدة استبداله، وقد تبنّت روسيا والصين موقفًا موحدًا بضرورة استبداله، في حين أصرت أمريكا وبريطانيا على بقائه، إلى أن قدّم استقالته في النصف الثاني من عام 1999.
وكان بتلر والبرادعي الفتيين المطيعين لمدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (جورج تينيت)، ووزير الخارجية الأمريكي (كولن باول)، الذي اصطحب معه قارورة مملوءة بالجمرة الخبيثة أثناء عرضه أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في 5 فبراير 2003، لكي يثبت أن العراق لديه أسلحة جرثومية. رغم أن لجنة (باتلر) قامت بتفتيش حتى القصور الرئاسية العراقية، ورغم تيقن العالم أن صدام حسين سيرفض هذا الإجراء، لكنه قبله ووافق لكي يجنب شعبه ويلات الحرب، ولكن دون جدوى، فقد تم التفتيش وتمت الإدانة وتمت إزاحة صدام حسين رغم قيامه بتنفيذ جميع مطالب أمريكا وخلفها هيئة الطاقة الذرية (الأمريكية).
من البرادعى إلى رافائيل جروسي
أما رئيس هيئة الطاقة الذرية الحالي (رافائيل جروسي)، فيتطوع في تزوير التقارير ضد إيران، ويأمل أن تمنحه أمريكا مكافأة المساعدة على التخلص من إيران، وأن يصبح الأمين العام للأمم المتحدة القادم، وهو ينتهج نهج “كوفي عنان”، الأمين العام للأمم المتحدة، الذي جرى في فترته غزو (العراق) بالتحالف الأعمى الذي قادته الولايات المتحدة في مارس 2003. ولكن بعد مرور ثمانية عشر شهرًا فقط، توفرت لديه الشجاعة، وخرج عنان ليعترف علنًا بأن ذلك الغزو كان غير قانوني!!
وقد شغل (عنان) منصب الأمين العام السابع للأمم المتحدة من يناير 1997 إلى ديسمبر 2006، في نفس العام 1997 الذي تم فيه تنصيب البرادعي!! بعد أن التزم الصمت على كل الجرائم التي وقعت على الشعب العراقي، بدءًا من الاحتلال العسكري، مرورًا بمشروع التجويع الدولي (النفط مقابل الغذاء) الذي أدارته الأمم المتحدة بقيادته لإذلال العراق، فكان (عنان) خامس مجرم شارك في دمار العراق، ليصبح الكوماكسي (الغاني) حليف جورج دبليو بوش الأميركي، وتوني بلير البريطاني، وجون هوارد الأسترالي، وليزيك ميلر البولندي، الذين مضوا قدمًا في العمل العسكري ضد العراق.

كما العراق: إسرائيل تعمل بـ”الطوق النظيف” لنزع سلاح إيران وتغيير النظام وتدمير القوة العسكرية!
في 2 أكتوبر عام 2003، وبعد تسعين يومًا من البحث المكثف في العراق شارك فيه أكثر من 1200 خبير وتكلفت مهمتهم 300 مليون دولار، لم يعثر المفتشون على أي من تلك الأسلحة التي اتخذها الرئيس بوش ذريعة لشن الحرب، وكشف أول تقرير أمريكي عن فضيحة مدوية للإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس جورج بوش، وهو أن العراق لا يمتلك أي أسلحة دمار شامل.
وبعد هذه الفضيحة، أرادت الإدارة تغطيتها بأخرى، فكانت “أم الفضائح”، حيث خرج (جورج بوش) الابن بعدة تصريحات صبيانية يقول فيها: إن “صدام حسين كان يشكل خطرًا على العالم”، وأكد أن نتائج تقرير ديفيد كاي تعزز الموقف الذي اتخذه بضرورة شن الحرب على العراق، وتثبت أن (صدام حسين) كان يخدع العالم وانتهك بوضوح قرار مجلس الأمن رقم 1441 الذي دعاه إلى نزع أسلحته.
دور وكالة الطاقة الذرية في الحرب على إيران!
وكما أن عصابة (كوفي عنان) و(البرادعي) بلجنة (ريتشارد باتلر) شاركوا فعليًا في إعطاء الشرعية والذريعة لضرب العراق، فإن (رافائيل ماريانو جروسي)، المدير العام الحالي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي تسلَّم مهام منصبه في 3 ديسمبر 2019، يطمح أن يكون الأمين العام القادم للأمم المتحدة، بعدما أظهر الولاء التام لأمريكا وإسرائيل، وأكد لهما أنه ضامن أمين لمصالحهما في العالم، لكي يحل محل الأمين العام الحالي (أنطونيو جوتيريش)، الذي فضح جرائم إسرائيل في (غزة) من أمام معبر رفح المصري.
(جروسي) هو من أعطى إسرائيل المبرر لضرب إيران بتقرير أولي كاذب:
بدون أي أدلة صريحة، أو إدانة دولية، أو استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي أو الأمم المتحدة. مع أن كل ذلك تحصيل حاصل، حيث إن أمريكا هي القاضي والجلاد في العالم، وهي التي فرضت عقوبات على قضاة المحكمة الجنائية الدولية، فعن أي مجتمع دولي نتكلم؟
تصريح كبير خبراء وكالة الطاقة الذرية الأسبق:
وبحسب تصريح الدكتور (يسري أبو شادي)، كبير خبراء وكالة الطاقة الذرية الأسبق، حيث قال:
“إن تقرير وكالة الطاقة الذرية (مُسَيَّس) ويخدم إسرائيل وأمريكا، فقد أعلن رئيس الوكالة الذرية (جروسي) زورًا أن إيران منعت (8) من مفتشي الوكالة الدولية من دخول إيران لمتابعة عملهم في التفتيش على المنشآت النووية، مع أن إيران وافقت على دخول (130) مفتشًا، وهم نصف المفتشين في الوكالة!!”
ويضيف أبو شادي: “إن (جروسي) لم يقل إن إيران أكبر دولة في العالم متعاونة مع الوكالة في عدد أيام وعدد مرات التفتيش، هذا غير الميزانية الضخمة المعدة للصرف على التفتيش، وهي 56%، أي أعلى من ميزانية التخصيب نفسه”.
وأضاف أبو شادي: “إن (جروسي) خرج بتقرير هو الذي جعل إسرائيل، وخلفها أمريكا، تقرران ضرب المنشآت النووية الإيرانية، حيث سجل في التقرير أنهم وجدوا (جزيئات) من اليورانيوم، وهو ما يعادل (واحد ميكروغرام) من اليورانيوم، وهو شيء لا يُذكر نهائيًا ووارد حدوثه”.
وهذه ادعاءات متكررة مع الدول، فقد ظهرت في بعض العينات التي كان آخرها سنة 2003، وهي حجج استخدمتها الوكالة أيام البرادعي مع العراق، ومع سوريا، ومع كوريا الشمالية، وحتى مع مصر!!
وكل التقارير التي كان يُعدها (محمد البرادعي) هي الآن التي يعمل بها (جروسي)، ومن المفروض أن يُحاسب هذا الرجل دوليًا، بسبب خروج هذا التقرير المُزيف، الذي يقول إن إيران غير متعاونة، وإنه تم رصد جزيئات من اليورانيوم، وتستطيع صنع 15 قنبلة نووية خلال 6 شهور!!
ليصبح لدى إسرائيل ذريعة، في ثاني يوم لتقريره (وكأنه أمر مدبّر)، لضرب إيران واتهامها بأنها تقوم بعمل برنامج نووي عسكري، مع عدم وجود أدلة حقيقية.
رد إيران على صلف أمريكا وإسرائيل والدول الغربية
ردّ الرئيس الإيراني على بيان دول السبع، التي قالت فيه إن إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها، فقال (مسعود بزشكيان): إن إيران “تمارس حقها الأصيل في الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وقد نفذت عمليات دفاعية متناسبة، موجهة حصرًا ضد الأهداف العسكرية والبنية التحتية ذات الصلة في الأراضي المحتلة الواقعة تحت الاحتلال غير الشرعي للكيان الصهيوني”، وهو نص ما جاء في البيان الصادر من الجمهورية الإسلامية.
موقف حلفاء إيران
مع تواتر أخبار غير مؤكدة عن دعم صيني ووصول طائرات عملاقة تحمل صواريخ إلى إيران، فهذا خير مؤكد غير وارد من إيران، التي أعلنت اليوم، الإثنين، الخامس من أيام الحرب، أنها تستخدم أنواع صواريخ جديدة.
ورغم أن الصين وروسيا استفزتهما أمريكا في ملف (تايوان)، ودعمت أوكرانيا ضد روسيا، فعلى الأقل لن يتم التدخل حاليًا أو مستقبلًا، إلا إذا تعرضت مصالح الصين وروسيا للخطر المباشر، وهم وحدهم من يقدّر نوع وحجم هذه المصالح.
موقف الدول العربية والإسلامية
أصدرت أمس، الإثنين، 20 دولة عربية وإسلامية، من بينها مصر والأردن والإمارات وباكستان والبحرين وتركيا والجزائر والسعودية والسودان والعراق وسلطنة عمان وقطر والكويت، إلى جانب عدد من الدول العربية والأفريقية، بيانًا مشتركًا أعربت فيه عن إدانتها الكاملة للهجمات الإسرائيلية على إيران، محذّرة من التداعيات الخطيرة للتصعيد الراهن على أمن واستقرار الشرق الأوسط.
وأكد البيان على رفض الدول الموقعة لأي ممارسات تمثل خرقًا للقانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة،
مُشددًا على ضرورة احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها ومبادئ حسن الجوار، واللجوء إلى الوسائل السلمية لتسوية النزاعات.
وأعربت الدول عن قلقها العميق إزاء التصعيد الخطير في المنطقة، ودعت إلى وقف الأعمال العدائية الإسرائيلية ضد إيران فورًا، والعمل على خفض التوتر وصولًا إلى وقف لإطلاق النار وتهدئة شاملة.
أيضًا شدد البيان على أهمية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، وعدم استهداف المنشآت النووية الخاضعة لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لما يمثله ذلك من انتهاك صارخ للقانون الدولي.
وأكدت الدول الموقعة أن العودة إلى طاولة المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني تمثل السبيل الوحيد للتوصل إلى اتفاق مستدام، داعية في الوقت ذاته إلى احترام حرية الملاحة في الممرات الدولية وعدم تعريض أمنها للخطر.
واختُتم البيان بالتأكيد على أن الحل الوحيد للأزمات المتصاعدة في المنطقة يجب أن يقوم على الدبلوماسية والحوار والالتزام بمبادئ حسن الجوار، مؤكدًا أن الحلول العسكرية لن تحقق الاستقرار المنشود.
فهل يفي هذا البيان بحجم المشكلة وطموحات المرحلة، ولا نقول طموحات إيران؟.
هل توافق إيران مُضطرة؟
وباختصار، هل توافق إيران مُضطرة على الشروط الأمريكية التي وافق عليها حلفاؤها حتى قبل طرحها!!
بالوصول بالبرنامج النووي الإيراني إلى (صفر تخصيب)، بعد كل المليارات التي أُنفقت، وقد قُدرت في عام 2021، بحسب تصريح (روحاني)، بأنها لم تتعدَّ 7.5 مليار دولار، بينما رأى المحللون وقتها أن مجمل المصروفات والخسائر تبلغ 2000 مليار دولار.
وهذا قبل 12 يونيو، والضربة الاستباقية الإسرائيلية، وقبل إهدار مليارات أخرى للرد على العملية، بالإضافة إلى مصاريف التدمير الذي لحق بالبنية التحتية المدنية والعسكرية، والطامة الكبرى هي تصفية كوادر الدولة من القيادات الفاعلة.
وإلى أي مدى يمكن أن تستفيد إيران من دعم الدول المتعاطفة والصديقة والحليفة؟ الأيام ستثبت.