قمة الناتو وتحوّلات الشرق الأوسط: ترامب يتصدر المشهد وإيران في مرمى النيران

مصادر – بيان

رغم تعدد القضايا المصيرية التي طُرحت خلال قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) الأخيرة، فإن الأضواء انحصرت مجددًا على الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي اختطف اهتمام الإعلام العالمي بتصريحات صاخبة ومثيرة، طغت على سياقات جيوسياسية معقدة، من بينها التحولات الجذرية في الملف النووي الإيراني، والانخراط الإسرائيلي غير المسبوق داخل -الأراضي الإيرانية.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه بريطانيا امتلاكها مقاتلات F-35 القادرة على حمل رؤوس نووية، وتحدّث الرئيس الأوكراني زيلينسكي عن اتفاق مع ترامب لإنتاج مشترك للطائرات المسيّرة، انشغل الإعلام الأميركي والدولي بملاحقة تصريحات ترامب وتغطيته الشخصية أكثر من تغطية مجريات القمة.

تصريحات “مهينة” لإيران

في مؤتمره الصحفي، سعى ترامب لإظهار إيران بمظهر الطرف الضعيف، مدعيًا أن طهران أبلغته مسبقًا بموعد هجومها على قاعدة “العُدية”، مما يعكس في رأيه الهيبة الأميركية.

تصريحات أعادت إلى الأذهان موقف ترامب السابق عقب استهداف قاعدة عين الأسد بعد اغتيال قاسم سليماني.

جدل استخباراتي.. ومعلومات متضاربة

لكن خلف هذه التصريحات، تتكشف “فوضى استخباراتية” داخل الأجهزة الأميركية، مع تضارب تقارير الوكالات المختلفة. فبينما أكدت الـCIA أن الضربات على إيران دمرت منشآت نووية رئيسية، خرج تقرير من وكالة استخبارات الدفاع (DIA) ليقلل من حجم الأثر، مشيرًا إلى أن البرنامج النووي الإيراني تأخر “لبضعة أشهر فقط”.

الشكوك زادت حين أُعلن عن جلسة استماع أمام الكونغرس يحضرها كبار مسؤولي الاستخبارات والجيش، ما يشير إلى رغبة سياسية بتثبيت رواية النصر قبل التحقق الميداني الكامل.

الموساد على الخط

في تطور صادم، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي إيال زامير أن قوات كوماندوز إسرائيلية نفذت عمليات داخل إيران نفسها، مؤكدًا أن هذا أول تدخل ميداني مباشر من نوعه.

عمليات التكامل بين سلاح الجو والقوات الخاصة الإسرائيلية أحدثت اختراقًا نوعيًا، يتجاوز حدود العمل الاستخباراتي المعتاد إلى “حرب ظل” شاملة.

اغتيالات متسلسلة

في المقابل، أعلنت طهران رسميًا مقتل قائد مقر “خاتم الأنبياء” اللواء علي شدماني، بعد أيام من اغتيال سلفه غلام علي رشيد، في سلسلة ضربات إسرائيلية دقيقة تستهدف بنية القيادة العسكرية الإيرانية.

المشهد يعكس انهيارًا واضحًا في الجهاز العسكري والأمني للنظام الإيراني، ما يفتح الباب لتغيرات داخلية محتملة.

أين ذهب اليورانيوم المخصّب؟

رغم تقارير تتحدث عن نقل مواد نووية من منشأة “فوردو” الإيرانية قبل القصف، نفت واشنطن علمها بذلك، مؤكدة أن نقل اليورانيوم بهذه الطريقة (عبر شاحنات مكشوفة) أمر غير منطقي تقنيًا.

في المقابل، تقول مصادر إسرائيلية إن الاستخبارات تعلم مكان التخزين الجديد، فيما تتبنى أميركا رواية أن المادة لم تُنقل أصلًا، مما يزيد الغموض حول مستقبل البرنامج النووي الإيراني.

زيارة لافتة للصين وروسيا على الحياد

في خضم هذه الأحداث، قام وزير الدفاع الإيراني بزيارة إلى الصين لحضور قمة “شنغهاي”.

ورغم تحليلات تشير إلى تنسيق عسكري محتمل، قلل مراقبون من أهمية الحدث، مشيرين إلى أن بكين لا ترغب في التورط عسكريًا، خصوصًا أنها تركز على أولوياتها الاستراتيجية في آسيا، أبرزها ملف تايوان.

في المقابل، التزمت موسكو الصمت المطبق، رغم علاقاتها الوثيقة مع إيران وحلفائها في المنطقة.

وتقول تقارير إن روسيا قررت عدم التورط في هذه الحرب، حفاظًا على أولوياتها في أوكرانيا، وتفاديًا لمواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، في ظل التوازنات الدقيقة في الشرق الأوسط.

نهاية حرب بلا منتصر

رغم إعلان كل طرف تحقيق أهدافه، يتضح أن لا أحد يرغب في استمرار الحرب. أميركا تسعى للخروج بشرف، إسرائيل أكملت نحو 90% من بنك أهدافها، وطهران تحاول لملمة ما تبقى من مؤسساتها الأمنية.

النظام الإيراني فقد قياداته ونفوذه، وربما تكون الفرصة سانحة الآن للرئيس مسعود بشكيان، الذي أبدى استعدادًا للتفاوض، بعكس المرشد الأعلى علي خامنئي الذي اختار التصعيد وانتهى بالخسارة.

طالع المزيد:

ترامب يعلن مفاوضات مرتقبة مع إيران الأسبوع المقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى