د. محمد الزغول: ” إيران فى مفترق طرق بين العودة للنظام الدولي أو تبقى دولة مارقة “

بيان
في تحليله لمستقبل إيران بعد التصعيد العسكري الأخير، أكد الدكتور محمد الزغول، الباحث في مركز الإمارات للسياسات، أن النظام الإيراني لم يشهد حتى الآن تغيرًا بنيويًا جوهريًا، لكن الواقع الجديد الذي فرضته الضربات الإسرائيلية والأمريكية قد يدفعه نحو مراجعات استراتيجية داخلية.
وأوضح الزغول فى تصريحات إعلامية أن الضربات العسكرية الأخيرة أضعفت قدرات إيران الردعية بشكل واضح، وأظهرت هشاشة اعتمادها على ثلاثة أركان رئيسية: الميليشيات والوكلاء الإقليميين، البرنامج الصاروخي، والطموح النووي.
ولفت الباحث إلى أن إيران، رغم ذلك، لا تزال تحتفظ بقدرات كامنة في ميليشياتها مثل الحشد الشعبي والحوثيين، بينما أثبت برنامجها الصاروخي فاعليته في نظر قادتها، وقد يشهد استثمارات أكبر مستقبلًا.
واعتبر الزغول أن التحدي الأكبر لإيران اليوم هو الإجابة عن سؤال جوهري: هل تريد أن تكون جزءًا من النظام الدولي القائم أم تستمر في موقع الدولة المارقة؟ مشيرًا إلى أن مصطلح “الدولة المارقة” لا يحمل حكماً أخلاقيًا، بل يعكس موقفًا رافضًا لقواعد النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة.
وأضاف أن إيران خاضت خلال العقود الماضية حروبًا ضد خصوم نظرت إليهم كوكلاء للولايات المتحدة، بدءًا من صدام حسين وصولًا إلى تنظيم داعش وإسرائيل، ولم تخرج من هذا الإطار العقائدي إلا قليلاً. أما اليوم، فالمعادلة تغيرت؛ إذ لم تتدخل أي من أذرع إيران في الرد على الضربات، ما كشف تراجعًا في قدرتها على الحشد والردع.
وأشار الدكتور الزغول إلى أن الموقف من البرنامج النووي سيظل محل جدل داخلي، إذ لا يبدو أن هناك قبولًا سياسيًا أو شعبيًا بإلغاء التخصيب بشكل كامل، رغم وجود انفتاح محدود على حلول وسط، كأن يتم التخصيب خارج الأراضي الإيرانية ضمن ترتيبات تضمن لطهران الحصول على الوقود النووي.
أما على صعيد التغيير السياسي، فرأى الزغول أن إيران قد تشهد تحولًا في استراتيجيتها الدولية دون أن يتغير جوهر النظام أو عقيدته الحاكمة. وقد يتمثل هذا التحول في تحييد العداء مع واشنطن والاحتفاظ بإسرائيل كخصم استراتيجي، ما قد يسمح لإيران بالبقاء ضمن النظام الدولي مع الحفاظ على عداء إقليمي، على غرار النموذج القائم بين الهند وباكستان.
وفيما يتعلق بخطاب المرشد الإيراني الأخير، قال الزغول إنه كان موجهاً بالدرجة الأولى إلى الداخل الإيراني، مثلما كان الخطاب الأمريكي موجهًا إلى منتقدي إدارة بايدن، مؤكدًا أن خامنئي لم يبلور بعد تقييمًا دقيقًا لحجم الضرر الذي طال البرنامج النووي، وهو ما يفسر تعليق التعاون مؤقتًا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لحين إجراء تقييم داخلي شامل.
واختتم الدكتور الزغول تحليله بالإشارة إلى وجود تيار داخلي في إيران، خاصة بين الإصلاحيين والمعتدلين، يرى أن الضربات الأخيرة ربما تكون فرصة للتخلص من عبء البرنامج النووي الذي أعاق التنمية، وأبقى إيران معزولة عن الاقتصاد العالمي.