القس بولا فؤاد رياض يكتب: 30 يونيو ثورة شعب عظيم

بيان

ستبقى ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ واحدة من أكثر اللحظات الفاصلة في تاريخ الدولة المصرية الحديثة.
واحدة من أعظم الثورات الشعبية التي شهدها التاريخ، لحظة انتفض فيها شعب بأكمله.
٣٠ مليون مصري نزلوا إلى الشارع ليستردوا وطنهم، شعب حقيقي قرر أن يكتب بيديه مسار وطن، وينقذ دولة كانت على شفا الانهيار.
لم تكن مجرد احتجاجات، بل كانت استعادة وطن. إن التحركات الشعبية التي خرجت في ٣٠ يونيو لم تكن مجرد رفض لحكم جماعة، بل كانت استياء من انهيار وتسيّب كان يمكن أن يحول مصر إلى ساحة اقتتال داخلي، ودولة فاشلة تنهشها الصراعات من كل جانب. كانت الأجندات تتسابق والمخططات تُنفذ على الأرض، وكانت الدولة تُفرّغ من مضمونها.
كانت هناك أجهزة مخابرات العالم أجمع، ومنظمات إرهابية عالمية، وتنظيم دولي من أبشع من عرفتهم البشرية من قتلة ومأجورين، على أرض مصر، بفعل شرعية مزيفة من خونة. ولكن الله سبحانه وتعالى، قبل كل شيء، ثم رجال صدقوا ما عاهدوا عليه. استطاعوا في تلك اللحظات التي اختلط فيها الحابل بالنابل، وأصبحت مصر ملعبًا كبيرًا لكل المتآمرين والمأجورين، أن يفرضوا سيطرتهم على الجميع بلا استثناء، وأخرجوا مصر سالمة من قلب الجحيم.
قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة كان هو اللحظة التي أنقذت مصر.
وسط هذا المشهد القاتم، تحرك المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقرار لا يمكن وصفه إلا بأنه إنقاذ تاريخي.
تدخل لم يكن رغبة في الحكم، بل التزامًا أخلاقيًا وتاريخيًا لحماية هوية الدولة المصرية ومؤسساتها الوطنية العريقة.
لم يكن هناك ترف الانتظار أو المجاملة.
كان القرار حاسمًا: الدولة أولًا، الشعب أولًا، مصر فوق الجميع.
عبد الفتاح السيسي، هذا الرجل الذي امتلك عين الصقر، وقلب أسد، وروح مقاتل، العقل الهادئ والمتزن في لحظة الانفجار، كانت له الكلمة النهائية… نهاية المؤامرة والخيانة.
لم يكن وقتها رئيسًا، بل وزيرًا للدفاع، لكنه تحمّل ما لا يُحتمل، جلسات مغلقة، مشاورات حاسمة، تهديدات داخلية وخارجية، ضغوط من قوى دولية كبرى، لكنه اختار الانحياز للتاريخ لا للمصالح، للوطن لا للمناصب، للشعب لا لخونة الأوطان والعملاء.
اختار أن يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، مدركًا أنه سيدفع الثمن، لكنه قبل أن يضع رأسه على كفه.
من كان يتصور أن مصر كانت على بُعد خطوات من مشروع تفكيك شامل؟
سيناريوهات تهجير، تقسيم، ميليشيات مسلحة، انهيار اقتصادي ممنهج، استهداف للجيش، تفكيك للشرطة، ضرب للهوية الثقافية والدينية… كل ذلك كان يُعد ببطء، ولكن بثبات.
ثورة ٣٠ يونيو أجهضت كل ذلك في لحظة تاريخية حاسمة من عمر الوطن العظيم. ومنذ تلك اللحظة، ووسط حصار اقتصادي دولي غير معلن وغير محدود، وأجهزة إعلامية عملاقة تعمل على تشويه الصورة، انطلقت الدولة المصرية في أكبر مشروع بناء وتحديث شامل منذ تأسيس الجمهورية الجديدة.
بنية تحتية، جيش حديث، أمن قومي مستقر، مشاريع قومية عملاقة، قيادة موحدة، مؤسسات قادرة على الصمود، خطوط حمراء لم تستطع أي قوة في العالم تجاوزها، نفوذ أمني وعسكري خارج حدود الوطن لحماية دوائر الأمن القومي، وتعاظم في قدرات الدولة الشاملة.
ثورة ٣٠ يونيو لم تكن فقط نهاية لحكم جماعة إرهابية عميلة لقوى أجنبية ودول عظمى، بل كانت بداية لاستعادة مصر.
من كان يراهن على سقوطها خسر، ومن حاول أن يُفرغها من مضمونها فشل.
مصر لم تنكسر، بل وقفت لتبني.
٣٠ يونيو ثورة شعب، حماها جيش عظيم وقادته.
حقًا، قيادة تستحق أن تُحترم، ويُكتب لها المجد.
وسوف يسجل التاريخ بأحرف من نور ما قام به فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث حرر البلاد من أيدي جماعة إرهابية، وبنى الجمهورية الجديدة.
وحدتنا الوطنية سر قوتنا، ولا ننسى عبارة قداسة البابا تواضروس الثاني، عندما قام أعداء الدين والوطن بحرق أكثر من مائة كنيسة ومبنى، حينما قال:
“وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن.”
عاشت مصر بقائدها العظيم، وجيشها الباسل، وشعبها العظيم، ومؤسساتها الوطنية العريقة.
كل عام ومصر دائمًا بخير.
تحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر.

……………………………………………………….

كاتب المقال: كاهن كنيسة مارجرجس بالمطرية

اقرأ أيضا للكاتب:

القس بولا فؤاد رياض يكتب: مبارك شعبي مصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى