ميخائيل عوض يكتب: من يعيد صياغة الإقليم إيران والحوثيين أم نتنياهو وترمب؟

بيان

(1)

إسرائيل وأمريكا لم تحققا أي نصر يذكر في حرب الطوفان وجولة العصف مع إيران.

حقيقة نطق بها ترمب، وأمريكا تقود وتمول وتخطط وتشارك في الحرب ومعها بقايا عالمها الانجلو سكسوني قاطبة بكل دوله وأطرافه وأدواته.

قالها؛ “أنقذتُ إسرائيل من أن تدمرها إيران!”.

كلام لا لبس فيه.

ترمب نفسه أعلن حرب سحق الحوثيين وحشد حاملتي طائرات وكل ما في الترسانة العسكرية الأمريكية، وأمرَّ بسحق الحوثيين وبعد ٧أسابيع أعلن هزيمته وانسحبت أساطيله ووصف الحوثيين بالمقاتلين الأشداء.

(2)

نتنياهو استجدى ترمب ليدخل جولة العصف ضد إيران ولوقف النار، وكشفت الأقمار الصناعية والتسريبات للأجهزة الأمريكية المعتد بها حقيقة أن الملف النووي الإيراني واليورانيوم المخصب والملف النووي لم يدمر ولم يمس بأي أذى غير قابل للإصلاح.

ولم تنفجر إيران ولم يسقط النظام بل تماسك وازداد الالتفاف حوله وجدد بقيادته وربما بتشكيلات جيوشه.

(3)

في الحرب الحقيقية وحيث المنازلة وصياغة نتائج الحرب لم يحقق الإسرائيلي أي تقدم أو مكسب لـ٦٦ يوماً في الحافة الأمامية من جنوب لبنان. ولواحد وعشرين شهراً لم يحقق في غزة أهدافه وجلَّ ما استطاع بطائرات هي الأحدث وقنابل هي الأعنف قتل الأطفال والنساء وتدمير العمران، وبات جيشه واقتصاده ومجتمعه منهك ومأزوم وفاقد للثقة، ومئات الآلاف هاجروا عكسياً وفقدت إسرائيل سرديتها ومشروعيتها، وأيقظت

“الصهيو فوبيا” والكره والحقد على اليهود في أرجاء الكرة الأرضية واستدرجت عقوبات أوروبية على وزرائها وقرار من الجنايات الدولية بأنها وقادتها ترتكب الإبادة الجماعية.

(4)

حقق نتنياهو مكاسب بهلوانية وعنتريات فارغة بسقوط النظام السوري وتدمير مقدرات سورية العسكرية والاقتصادية وبتنصيب موالين له على إدارتها المؤقتة واحتل جبل الشيخ والأصح سورية صارت تحت إدارته عبر وكيل.

مع اليمن لم يحقق شيئاً ويتوعد وزرائه بعمليات ضده وإن فعلها قد تكون عاقبته. فاليمن أصيل وقيادته ثورية وشعبه مقاتل ومؤمن ولم تفلح جهود اختراق البنية لتفعيل الحرب السرية والاغتيالات التي يفاخر بها نتنياهو، وأعطته مكاسب في لبنان وإيران والعراق لا لقوته بل لضعف الآخرين.

والثابت منذ بدأت حرب الطوفان أنَّ الصواريخ والمسيرات اليمنية قادرة وتصل حيث تشاء والمنطقي أن النسخ التي جربتها إيران وأدت بفاعلية أصبحت بكميات ونوعيات في يمن الإيمان والحكمة.

(5)

مازال بل تثبَّت أن اليمن عاد سيد البحار والقابض على ثلث التجارة العالمية البحرية، وفرض حصاراً بحرياً على إسرائيل قاس ومكلف، وصواريخه ومسيراته تهز الأمن والاستقرار وتعطل الاقتصاد وتشعر الإسرائيليين بالخطر والعجز والقلق.

وبعد تراجع جبهات الإسناد وإذا توقفت حرب تدمير وإبادة غزة واعتدي على اليمن ستتحول الحرب من موجب الإسناد إلى واجب الدفاع وإلحاق الهزيمة بإسرائيل وحلفها العدواني والمتوحش. وفي واقع الحال ليس لإسرائيل مع اليمن ذات عناصر قوة حلف الازدهار والأساطيل الأمريكية وقد أقرَّت بالهزيمة علناً.

واليمن أصبح فاعلاً نوعياً في تقرير مصائر الخليج وسياساته وثرواته، ولن يعجز عن توحيد اليمن بعد تحريره من عملاء ومرتزقة الغزو، وقطع أذرع التدخلات الإماراتية والسعودية والقطرية وتصفية القواعد الأمريكية والإسرائيلية في المناطق الخارجة عن سلطة صنعاء. وبذلك يوجه ضربة كاسرة للسيطرة الأمريكية في اليمن والخليج وآسيا العربية.

(6)

أما بعد فاليمن قادر أن يبتز وينتزع حقوقه واستعادة المحافظات التي انتزعتها السعودية، وإطلاق دورة استكشاف وانتاج النفط والغاز المؤكد وجوده فيه إلى الكثير من الثروات الهامة. وقادر بل يجب أن يفرض على دول العدوان التعويضات لإعادة البناء والنهوض، وأن يحاص ترمب وسموتريتش على الأموال الخليجية السائبة. وعبرها يستطيع تعظيم قوته وإسناد المقاومات والتحول إلى دولة قاعدة قائدة للمحور بصيغته وصبغته الجديدة، وليس ما يمنعه من ذلك إذا حزم أمره وقرر ولم يتردد ورفض منطق الانتظارية والصبر، ومارس تجربته هو وقد ثبتت صحتها وثوريتها.

أن يتولى اليمن المهمة أقدر وأقوى وأفضل بألف مرة مما كان للنظام السوري أو تجربة لبنان والعراق أو إيران.

(7)

إذا قررت إيران الانتقال من الانفعال و ردَّات الفعل إلى الفعل الهجومي، ووضعت على جدول أعمالها استعادة مكانتها ونفوذها ومعاقبة أمريكا وحلفائها، فهي قادرة بالفتوى والتمويل وتصحيح الأخطاء من تصفية الوجود الأمريكي في العراق عبر انقلاب سلمي وتظاهرات مليونيه تقتحم المنطقة الخضراء وتطهرها من أوكار الجواسيس وأنصار وعملاء أمريكا وأدواتها، وأن تفرض انسحاباً أمريكياً مذلاً. فيتحقق وعد نصر الله بأنَّ طرد الأمريكي من العراق وسورية قد يؤدي لتحرير فلسطين دون حرب. كيف والحرب قد وقعت وتبين أن إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت إذا وجد من يقاتلها بإيمان وعقيدة وتوثب؟

(8)

ليس صحيحاً أبداً في الواقع وتوازنات القوى أن نتنياهو قادر على فرض شرقه الأوسط، وأن أمريكا قادرة على فرض إبراهيميتها و”التطبيع /التتبيع” بل العكس هو الصحيح بحسب نتائج الحرب والجولات وقد قادتها أمريكا وانخرطت بها بأعلى عناصر قوتها وهزمت واعترفت بالعجز والقصور.

أما في حرب الإعلام والتوهين والتهويل فقادرة ليس لقوتها بل لضعف وتخلف الآخرين.

إن عادت الحرب مع إيران واليمن أو أحدهما سيقرر التاريخ تصحيح مسارته والكشف عن مكنوناته وكوامنه. وكلها ليست بيد أو لصالح ترمب –نتنياهو. والأمر كله يتوقف على القرار الإيراني بقبول هزيمة سياسية على عكس نتائج الحرب أو رفضها والاستثمار بنتائج الحرب والبناء عليها والسعي الجاد لتصفية النفوذ الغربي وبينها إسرائيل.

اقرأ أيضا للكاتب:

ميخائيل عوض يكتب: فعلها ترمب.. والأمر بات طوع يد إيران

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى