هل يخرج الغرب من عباءة الأمريكان والبداية تكون من أوكرانيا؟
بعد اتصاله بـ"بوتين".. هل يستمر تواصل "ماكرون" أم يقطعة "ترامب".. وهل تضغط أوربا علي أوكرانيا لتوقع لـ "بوتن"معاهدة شبيهة بـ " ميونخ " !!

سردية يكتبها: عادل أبوطالب المعازي
وسط متغيرات أمريكية مُقزِّزة، يُصبح فيها “ترامب” مؤمنًا ويمسي كافرًا، وبعيدًا عن “تورانية” من “التور” حين يدخل محل الخزف، وهو ترامب أيضًا، جرى اتصال بين “بوتين” قيصر روسيا و”ماكرون” إمبراطور فرنسا!! الذي غدا يبحث لبلاده في كل فجٍّ عميق عن مخرجٍ سلميٍّ يحفظ ماء الوجه والودّ لبلاده مع الروس، خارج سيطرة أمريكا التي جلست لجمع فواتير الحماية.
ويبدو أن “ماكرون” أيقن أن نار الروس أفضل من جنّة أمريكا، الحليف الانتهازي الكذّاب في ملف صلح باكستان والهند، والغادر الذي يمد يده اليمنى بالسلام، وفي يده اليسرى قنابل الـ”بي يو” الهزلية التي جعلتهم أضحوكة العالم! هذا الذي هاج وماج بعد تسريب قناة CNN، وما قدمته الصحفية الأمينة ناتاشا.
و”ترامب” لا يقل بلادة وهطلًا عن سلفه فاقد الوعي “بايدن”، الذي يُدار بالريموت مثل لعب الأطفال، والذي ورّط ـ ومن خلفه ـ أوكرانيا في مستنقع روسيا، ليس فقط لكسر واستنزاف روسيا، بل لكسر الحلف الغربي نفسه، حتى يظل تابعًا وتحت رحمة أمريكا، بحجة الدفاع عنه ضد العدو الوهمي الأمريكي الصنع، وهم الروس!
لكن، بعد هبّات ترامب الجنونية، التي تريد استعباد الدول ويتعامل حتى مع رؤساء ومسؤولي الدول وكأنهم أطفال أمامه في حضانة، دون بروتوكول أو احترام، ثم تخبّطه وتراجعه في قراراته الكثيرة مثل فرض رسوم وضرائب تعجيزية على الحلفاء كما الأعداء، في صورة لم يشهد لها التاريخ مثيلًا، مع ترديده ـ أي ترامب ـ لكل حكام دول العالم: إن أمريكا هي التي تحميكم وتأويكم. ولم يتبقَّ إلا أن يقول لهم: }وأنا ربكم فاعبدون{. حتى وصل به الكذب إلى الادعاء بأن أمريكا كان لها دور في حماية قناة السويس المصرية!!
إذن، أمام طبيعة هذا الكائن، كان لا بد أن يبحث الغرب، خاصة الدول التي لديها فرص أن تكون مؤثرة دوليًا ولها تاريخ يدعمها ويزكيها، عن التحرك والخروج من جلباب ترامب ودولته التي لا فرق فيها بين جمهوري وديمقراطي، بل هناك جهة أعلى تدير وتدبّر أمر الجميع.
إذن، فقد جاء الاتصال الذي تم بين “بوتين” و”ماكرون”، والذي يمثل كلٌّ منهما إمبراطورية لها تاريخ ومبادئ إذا ما قورنت بأمريكا اللقيطة!
ولا يهم من اتصل على من، كما يُثار في قنوات الإعلام المُغرضة، بأن “ماكرون” اتصل على “بوتين”، وأن الأخير وبّخ الأول، وتعمد التشدد في مكالمته مع “ماكرون” كما علقت مذيعة سخيفة في “سكاي نيوز”، ولكن الضيف قصف جبهتها وردّها خائبةً عن فتنتها.
إذن، “ماكرون” يعي جيدًا أنه مهما كان عنف “بوتين”، فلن يكون كبذاءة “ترامب” الذي يتعمد إهانته، وينصب نفسه إمبراطورًا على العالم، وفق معتقد ديني ونبوءة يروجها الصهاينة المسيحيون واليهود عن ضرورة الإسراع في العمل لإخراج “المسيخ الدجال”، الذي سيكون مجيئه هو خلاص اليهود من المآسي والهوان عبر الزمان.
لقد جاء “ترامب” في هذه الفترة الرئاسية، التي يترأس فيها هو أكبر دولة مسيحية في العالم، وأمامه “نتنياهو” الذي يترأس الدولة اليهودية، ويتصارع كلٌّ منهما ليقدّم نفسه كمبعوث إلهي لهذا الكون.
أما “بوتين” و”ماكرون”، فالموضوع الديني عندهم غير موجود بالأساس، هم حكّام يريدون حماية الأمن القومي لبلادهم مهما كلّف ذلك.
والمهم في الأمر أنهم، أي “الطرفان”، لديهم الجرأة على فتح الحوار بعد انقطاع دام ثلاث سنوات. وهذا يذكرنا أيضًا بجرأة الرئيس السادات مع إسرائيل بعد حرب أكتوبر، حين فتح ملفات التفاوض بنفسه دون وسطاء، بل بضامنين.
وأظن أن “ماكرون” لو عمل بهذا الذكاء وأخرج أمريكا من المعادلة نهائيًا، فسيصل إلى حل “مقبول” إلى حدٍّ ما مع الروس، لأنه حتى الآن لم يحدث صدام مباشر بين فرنسا وروسيا، وكل ما حدث مجرد تصريحات إعلامية سرعان ما تُنسى مع بدء المفاوضات، ويمكن أن تُحل مشكلات كبرى.
منع ترامب الصواريخ عن أوكرانيا.. تخَلٍّ عن الغرب أم فعلاً نقص في المخزون؟
نُشر هذا الخبر أمس الثلاثاء 2 يوليو 2025، حيث يقول:
(أوقفت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) شحنات بعض صواريخ الدفاع الجوي والذخائر الدقيقة الأخرى التي كانت في طريقها إلى أوكرانيا، بسبب مخاوف من انخفاض مخزونات الأسلحة في الولايات المتحدة بشكل كبير).
وهذا يُفسِّر أن إسرائيل وأمريكا استهلكتا عددًا كبيرًا من الصواريخ الاعتراضية لصدّ الهجمات الإيرانية،
أو أن أمريكا تُعِدّ نفسها لحرب جديدة قد تطول، بعد درس إيران التي كانوا يظنون أنها يومان.
وقال البيت الأبيض إن البنتاغون أوقف تسليم أسلحة لأوكرانيا، من بينها صواريخ باتريوت PAC3، وقذائف مدفعية عيار 155 ملم، وصواريخ GMLRS، وستينغر، وAIM-7، وهيلفاير.
وأضاف البيت الأبيض أن “القرار اتُّخذ لوضع مصلحة الولايات المتحدة أولاً، وذلك بعد مراجعة أجرتها وزارة الدفاع للدعم والمساعدات العسكرية التي تقدمها بلادُنا لدول أخرى حول العالم”.
وأفادت مجلة “بوليتيكو”، نقلاً عن ثلاثة أشخاص مطلعين، بأن هذا القرار، الذي قاده رئيس السياسات في البنتاغون إلبريدج كولبي، تم اتخاذه بعد مراجعة مخزونات الذخائر، وهي العملية التي أثارت قلقًا من تراجع العدد الإجمالي لقذائف المدفعية وصواريخ الدفاع الجوي والذخائر الدقيقة.
وقد اتُّخذ القرار الأولي بحجب بعض المساعدات في أوائل يونيو، وفقًا للمصادر نفسها، ولكنه دخل حيّز التنفيذ الآن، بينما تتصدى أوكرانيا لبعض من أكبر الهجمات الروسية بالصواريخ والطائرات المسيّرة.
هل يتفق “بوتين” و”الغرب” على معاهدة مثل “ميونخ” تتنازل أوكرانيا عن أراضيها مقابل وقف الحرب ويبقى “زيلينسكي” رئيساً؟
بداية، نوضح ما هي معاهدة ميونخ أو أزمة (السوديت) التشيكوسلوفاكية، لأن الحديث عنها قليل جدًا في أحاديث الساسة، رغم أنها إحدى شرارات الحرب العالمية الثانية. فهي اتفاقية تمت في ميونخ بتاريخ 30/9/1938، ووقعت بين ألمانيا النازية، وبريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا.

وكما تقول المصادر، فإنها كانت تسوية تسمح بضم ألمانيا النازية لمنطقة (السوديت) التابعة لدولة “تشيكوسلوفاكيا”، والتي يعيش فيها مواطنون ناطقون بالألمانية، وتُعد منطقة ذات أهمية إستراتيجية لتشيكوسلوفاكيا، حيث توجد فيها معظم دفاعاتها على الحدود، وبنوكها، بالإضافة إلى المناطق الصناعية الثقيلة، وهو ما أسال لعاب هتلر عليها.
وفي محاولة لاحتواء الزعيم “أدولف هتلر” لتجنّب اندلاع حرب عالمية بعد الأولى بعام، كان الهدف من عقد مؤتمر “ميونخ” هو مناقشة مطلب زعيم ألمانيا “هتلر” لإجراء استفتاء شعبي بين سكان إقليم (السوديت) ليقرروا فيه إما البقاء مع “تشيكوسلوفاكيا” أو الانضمام إلى ألمانيا، حيث كانت منطقة (السوديت)، التي يقطنها مواطنون ناطقون بالألمانية، يشكل الألمان فيها 95% من السكان عقب هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى.
غير أن رئيس “تشيكوسلوفاكيا” رفض طلب هتلر بإجراء الاستفتاء، واعتبره تدخلاً في شؤون بلاده، فهدد “هتلر” باستخدام القوة لتحقيق هدفه. ولأن “تشيكوسلوفاكيا” كانت قد وقّعت اتفاقيات تحالف مع فرنسا، وخلفها بريطانيا، ومع الاتحاد السوفيتي، فإذا قام “هتلر” بالهجوم على “تشيكوسلوفاكيا”، فإن ذلك يعني تدخلهم مضطرين للوقوف إلى جانب حليفتهم “تشيكوسلوفاكيا”. الأمر الذي أحدث تعقيدات دولية، وهكذا ازداد الخوف من اندلاع حرب عالمية ثانية بسبب هذه الأزمة.
وللخروج من هذه الأزمة، دعت الدول العظمى في أوروبا لعقد مؤتمر لتسوية هذه المسألة، وعُقد هذا المؤتمر في ميونخ، وحضر المؤتمر رئيس بريطانيا “نيفيل تشامبرلين”، ورئيس مجلس الوزراء الفرنسي “إدوار دلادييه”، ورئيس ألمانيا النازية “أدولف هتلر”، ورئيس إيطاليا “موسوليني”.
والعجب العُجاب أنه لم يتم دعوة أصحاب الشأن، وهم “تشيكوسلوفاكيا” أو الاتحاد السوفيتي، للمؤتمر، من أجل إتاحة الفرصة للوصول إلى اتفاق.
واستمر المؤتمر ثلاثة أيام، وتم التوقيع على اتفاقية أو معاهدة بتقسيم “تشيكوسلوفاكيا” بين ألمانيا وبولندا والمجر، وحصلت ألمانيا على منطقة (السوديت) ذات الأهمية الإستراتيجية.
نصوص معاهدة ميونخ التي كانت بنودها كما يلي:
-
ضم إقليم السوديت إلى ألمانيا خلال 10 أيام.
-
منع تشيكوسلوفاكيا من هدم التحصينات العسكرية الموجودة في الإقليم.
-
رسم الحدود الألمانية–التشيكية وفقاً للمصالح الإستراتيجية الألمانية.
-
مقابل ذلك، يتعهد هتلر بالتخلي عن أية مطامع إقليمية أخرى.
صدمة رئيس تشيكوسلوفاكيا من خيانة حلفائه
كان رئيس جمهورية تشيكوسلوفاكيا “إدوارد بينش” يظن، كما توهَّم “زيلينسكي”، أن اتفاقية الدفاع المشترك التي تربطه بفرنسا، والتي تربط فرنسا ببريطانيا، سوف تعزز موقف بلاده في النزاع الدائر حول (السوديت)، غير أن موقف الحلفاء جاء مغايراً لتوقعاته.. وكل أصدقاؤك باعوك يا “إدوارد”، لأنهم لم يستطيعوا في الأساس ردع “هتلر” أو إثنائه عن موقفه. ولأن (تشيكوسلوفاكيا) لم تُدعَ إلى المؤتمر، بالإضافة إلى أن التحالف العسكري الذي أُقيم بين تشيكوسلوفاكيا وفرنسا لم يُنفّذ، فقد عبّرت “تشيكوسلوفاكيا” عن شعورها بالخيانة من قِبل بريطانيا وفرنسا.
واضطرت تشيكوسلوفاكيا للرضوخ لتلك الشروط، فدخلت القوات الألمانية إقليم السوديت في الأول من أكتوبر 1938.
وكما يقول السياسيون، فقد كان اجتماع “ميونخ” المسمار الأخير في نعش السلام الأوروبي والعالمي بشكل عام، لأنه أعطى دليلاً لهتلر على ضعف فرنسا وتردد بريطانيا في الوقوف بوجه أي عمل يقوم به، مهما كان. فقرر ضم تشيكوسلوفاكيا بأكملها إلى ألمانيا في مارس 1939، وكانت تلك مقدمة لاندلاع الحرب العالمية الثانية.
وقد عارض “تشرشل” الاتفاقية في مجلس العموم، ووصفها بأنها وُقّعت فقط لاسترضاء “أدولف هتلر”، وأنها ستفتح شهية هتلر للمزيد من الأراضي في أوروبا الشرقية ثم أوروبا الغربية، مما سيسبب حرباً عالمية أخرى. وأن بريطانيا وفرنسا ستدفعان ثمن توقيعهما الاتفاقية. وقد كان.
ولكن مع نهاية الحرب العالمية الثانية وهزيمة ألمانيا، استعادت تشيكوسلوفاكيا منطقة (السوديت)، وطُرد معظم السكان الناطقين بالألمانية إلى ألمانيا مرة أخرى.
طالع المزيد:
– الجيش الروسي يسيطر على إقليم لوغانسك شرقي أوكرانيا