عبد الغني تعليقا على مبادرة الـ 60 يوما: خيارات الفلسطينيين تضيق ومخاوف من خديعة إسرائيلية – أمريكية

كتب: على طه

قال الكاتب الصحفي عاطف عبد الغني، رئيس تحرير “موقع بيان” إن المقترحات المطروحة حاليًا بشأن حرب غزة ليست جديدة، بل تعيد تدوير صيغ سابقة لوقف إطلاق النار، دون الاقتراب من جوهر الصراع.

وأكد عبد الغني خلال استضافته في برنامج “ساعة إخبارية” على قناة النيل للأخبار مع الإعلامي عاصم أبو الغار، أن “الجانب الإسرائيلي والغربي يتحدث عن هدنة، في حين تتحدث حماس والوسيطان العربيان – مصر وقطر – عن إنهاء شامل للحرب”، موضحًا أن الفارق كبير بين مجرد وقف مؤقت لإطلاق النار، وبين الوصول إلى حل جذري يشمل إعادة إعمار غزة، وعودة الفلسطينيين إلى أراضيهم.

وأضاف: “علينا الحذر من أن تكون بعض المبادرات مجرد محاولة لاستعادة الأسرى الإسرائيليين وإنقاذ نتنياهو من أزمته السياسية، لا أكثر”، مشيرًا إلى ضرورة استشراف النوايا الحقيقية خلف كل مبادرة.

خيارات الفلسطينيين تضيق

ورداً على سؤال حول ما ينبغي أن يطالب به الفلسطينيون اليوم، قال عبد الغني: “للأسف، إسرائيل فرضت واقعًا قاسيًا على الفلسطينيين والعالم، المجتمع الدولي بات يضغط لقبول الحد الأدنى من المطالب، كوقف العدوان وإدخال مساعدات، لكنّ هذا غير كافٍ”.

وتابع: “هدنة الستين يومًا نفسها مهددة بعدم الاكتمال، لأن إسرائيل ستعود للحرب فور تحقيق أهدافها، وهو ما نلمحه في البنود الفضفاضة التي يتركها الأميركيون متعمدين داخل النصوص”، مضيفًا: “نحن أمام مشهد محفوف بالخداع السياسي، يتطلب وعيًا عميقًا من الجميع”.

 الضمانات الأميركية غير كافية

وعن موقف حماس، قال عبد الغني: “الرسائل التي أطلقتها الحركة تشير بوضوح إلى رغبتها في حل دائم، لا مجرد تهدئة تخدم إسرائيل سياسيًا”، مؤكدًا أن أي اتفاق يجب أن يتضمن ضمانات دولية ملزمة – لا أميركية فقط – لضمان وقف دائم للعدوان.

ضمانات إسرائيل ليست أمنية بل سياسية

وفيما يتعلق بالضمانات التي تطلبها إسرائيل، علّق عبد الغني: “إسرائيل ليست بحاجة لضمانات أمنية، بل تسعى لتسجيل انتصار سياسي بعودة الأسرى وتعويم حكومة نتنياهو، في حين تحاول تصوير نفسها كمن يملك زمام المبادرة، رغم أنها تعاني داخليًا من تراجع عسكري واقتصادي”.

وأكد أن “المشهد قد يبدو لصالح إسرائيل، لكنها في الحقيقة في أضعف لحظاتها التاريخية، وما تمر به الآن هو أزمة بنيوية”.

ترامب ونتنياهو.. مسرحية المصالح

وفي سياق تعليقه على اللقاء المرتقب بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، وصف عبد الغني المشهد بأنه “مسرحي بالكامل”، وقال: “العلاقة بين الرجلين تقوم على مصالح ظرفية، وترامب يسعى لحلول شكلية تُرضي الجميع، على حساب جذور الأزمة”.

وأضاف: “ما جرى في المواجهة الإيرانية الإسرائيلية نموذج لذلك، حيث بدا أن إسرائيل خرجت منتصرة، رغم أنها لم تحقق مكاسب حقيقية”.

الملف الإيراني – الإسرائيلي: تسويات وهمية واحتواء أميركي مشروط

في تحليله لمآلات التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران، رأى الكاتب الصحفي عاطف عبد الغني أن الإدارة الأميركية تسعى إلى تفريغ المواجهة من مضمونها الاستراتيجي، عبر إنتاج تسويات شكلية لا تلامس جذور الأزمة، بل تُرضي الأطراف موقتًا ضمن منطق إدارة الأزمة لا حلّها.

وقال عبد الغني:
“المشهد الذي قدّمه الإعلام الأميركي مؤخرًا حول المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية أقرب إلى سيناريو تسوية دعائية، بدا فيها أن تل أبيب خرجت منتصرة، فيما الحقيقة أن الاشتباك كان محدودًا، ولم يكن سوى استعراض من الطرفين برعاية أميركية، يهدف إلى تجنّب انفجار إقليمي واسع.”

وأضاف:
“واشنطن تدير هذا الملف بعقلية المخرج السينمائي، لا رجل الدولة. تسعى لضبط الإيقاع السياسي والعسكري بما يجنّبها المواجهة المفتوحة، لكنها تُبقي على كل عناصر الاشتعال قائمة.”

مصر… حضور دبلوماسي بلا ازدواجية

وفي حديثه عن الدور المصري الإقليمي، أكد عبد الغني أن مصر تتحرك برؤية متكاملة، هدفها تثبيت الاستقرار لا اللعب على التناقضات.
وقال: “على عكس بعض الأطراف الإقليمية التي تحاول توظيف الأزمة لتعزيز نفوذها، تتحرك مصر وفق منطق الدولة الراسخة، بلا ازدواجية، وبدافع إنساني – استراتيجي واضح: استعادة السلام واستعادة الحقوق الفلسطينية.”

الضغوط الغربية تتآكل

وأشار عبد الغني إلى أن بعض العواصم الأوروبية بدأت تعيد تقييم مواقفها، مدفوعة بالرأي العام الداخلي، لكنه استدرك بالقول:
“رغم التحولات في المزاج الغربي، فإن الفاعلية السياسية تظل محكومة بالفيتو الأميركي، ما يُضعف فرص تحويل هذه المواقف إلى سياسة ملموسة على الأرض.”

بين التطبيع والمقايضة… مخاوف من موجة تفاهمات جديدة

وحذّر عبد الغني من أن بعض أطراف المنطقة قد تُستدرج مجددًا نحو مسار تطبيعي مغلف بالوعود الاقتصادية، في إطار ما يُسوّق له أميركيًا باعتباره “موجة ثانية من التفاهمات الإبراهيمية”، وقال: “أي تحالفات جديدة تتجاوز جوهر القضية الفلسطينية ستكون كارثة سياسية، لأنها ستعيد تأهيل إسرائيل عربيًا، دون أن تقدّم شيئًا حقيقيًا للفلسطينيين.”

المساعدات والضغط الإنساني

وفيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية لغزة، أشار عبد الغني إلى أنها تحوّلت إلى أداة ضغط ومساومة، موضحًا:
“لم تعد المساعدات مجرّد استحقاق إنساني، بل باتت مشروطة سياسيًا.

إسرائيل والولايات المتحدة تديران هذه الورقة بدقة، وتحاولان من خلالها ضبط ردود الفعل الفلسطينية، وتمرير اتفاقات مجتزأة.”

الواقع العسكري الإسرائيلي… توازن الردع ينهار

وفي ختام حديثه، شدد عبد الغني على أن صورة الجيش الإسرائيلي تعرّضت لاهتزاز كبير، قائلًا:
“ما كشفته الحرب الأخيرة، ليس فقط قدرة المقاومة على الصمود، بل أيضاً عجز إسرائيل عن الحسم، وتآكل ما كان يُسمى بتوازن الردع. إسرائيل تبدو اليوم كقوة نووية تخشى الانزلاق في معركة برّية مع فصيل محدود الإمكانيات.

وهذا في حد ذاته يعكس تحولًا استراتيجيًا عميقًا.”

جدير بالذكر أن حلقة “ساعة إخبارية” ليوم الأربعاء جاءت تحت إشراف رئيس القناة أسامة راضي، ونائبته أمل رشدي، وإدارة البرامج برئاسة علي عبد الصادق، ورئاسة التحرير لـ نهى سعيد

شاهد الحلقة كاملة:

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى