شريف عبد القادر يكتب: «حاتجن ياريت يا اخوانا مارحتش لندن ولا باريس»
فى تسعينيات القرن الماضى وما بعدها كلما سافرت دولة من دول غرب أوربا كلما شاهدت إيجابيات تخدم المواطن هناك تنتابنى غيرة حميدة واتمنى أن اشاهدها عندنا.
فقد لاحظت أن النظافة من الإيمان عندهم حيث تجد الشوارع نظيفة ولا تجد من يلقى بشىء بالطريق وتجد سلال القمامة متوفرة بالطرقات، وبجانب المحال وسيارات إفراغ صناديق وسلال القمامة تأتى فى مواعيد ثابتة، وأصحاب المحال عندما ينظفون محالهم لا يلقون مخلفاتها بنهر الطريق أمامها.
وتجد الأرصفه ارتفاعها متساو، ولا يرهق كبار السن عند صعودهم أو عند النزول، والبلاطات موحدة، ولا توجد أمام المحال إشغالات خاصة بها على الرصيف، و لا تجد من يسير على الرصيف ينظر أسفله خوفاً من التعثر سواء كان من كبار السن أو صغيرا.
أما نهر الطريق فتجده مرصوفا بتقنية عالية، فلا توجد به إعوجاجا، أو حفرا أو نقر(بضم النون) أو غطاء بالوعة بوسط الطريق.
ولو استمرت الأمطار لساعات وإن كنت شاهدتها مستمرة لثلاث أيام ورغم ذلك لاتوجد تجمعات مياه حيت تصرف على الفور ولا يتأثر الأسفلت من مياه الأمطار ليصبح سنترافيش مثلما يحدث عندنا.
وفى ميلانو شاهدت عمال يقومون بحفر الأسفلت وبجانبهم مينى وابور زلط صغير الحجم ولا أعرف سيقومون بأعمال تتبع الكهرباء أو المياه أو الغاز أو التليفون الأرضى.
وعندما عدت من نفس الطريق بعد حوالى خمس ساعات لم أجد أثر للحفر ولكن لون الأسفلت الحديث أوضح لى مكان الحفر.
وتمنيت إلزام شركات المرافق عندنا أن تقوم برصف أماكن حفرها بحرفية عالية دون الإعتماد على الأحياء التى تحصل على قيمة رصف الحفر ولا ترصف إلا بعد عمرا طويل.
وكان صديقا لى يستأجر شقة فى عقار تم بناؤه فى ثلاثينيات القرن الماضى، وعندما أراد إدخال تليفون أرضى جاء العامل واتجه لحائط فى الشقه وقام بفتح جزء صغير ليتضح وجود سلك تم توصيله بسلك التليفون ونفس الأسلوب تم اتباعه بمدخل العقار ليتضح أنه عند بناء العقار تم وضع مسار الغاز والكهرباء والمياه والتليفون وموضح ذلك برسومات العقار.
وفى أحد الأيام أحتاج صديقى لإصلاحات فى السباكة فأحضر سباكا وعاين المطلوب واتفق معه على التكلفة التى تستدعى العمل لمدة ساعتى زمن ولأن صديقى لن يكون متواجدا وقت حضور العامل لظروف عمله، طلب منى استقباله وإعطائه الأتعاب المتفق عليها وعندما سألته عن المشروبات التى تقدم له فضحك وقال لى لا مشروبات ولا سجائر.
المهم جاء السباك ثيابه عادية وحقيبة “العدة” كذلك وقام بإنهاء عمله بعد ساعتين ولم يترك أى أثر لعمله وعندما أعطيته المبلغ المتفق عليه فوجئت به يكتب فاتورة بالقيمة ويقدمها لى.
وهناك عند شراء أى شىء تقدم لك الفاتورة دون أن تطلبها لأن من يتصادف عند خروجه من المحل أو سيره وتقابلة مباحث الضرائب ولم يكن معه فاتورة يعتبر سارقا لما يحمله ولو أتضح أن المحل لم يعطه فاتورة فالعقاب صارم ورادع حتى سائق التاكسى يعطى فاتورة.
ولا ننسى سجن الممثلة العالمية صوفيا لورين لتهربها من الضرائب.
وهناك مكاتب المحاسبة لا تساعد موكليها على التهرب من الضرائب بل تبلغ عن موكلها لو قدم مستندات كاذبة.
أما المترو فهم يقدمون اشتراكا اسبوعيا (أبونيه) شامل استخدام الأتوبيس والترام الذى اندثر من عندنا.
وتجد كتيب خاص بالمترو موضح فية وقت الوصول والمغادرة لكل محطة والجميل أنه يصل ويغادر فى التوقيت المدون بالكتيب وكذلك الأتوبيس والترام.
ومنذ عودتى من السفر وإلى اليوم تطن فى أذنى كلمات بيرم التونسى التى يقول فيها: “حاتجن ياريت يا اخوانا مارحتش لندن ولا باريس”.