أمل أمين تكتب: قبل فوات الأوان
من المؤسف أن نرى ونسمع يوميا عن جرائم قتل بين المراهقين بسبب قصص حب فاشلة، أو وحالات انتحار نتيجة التنمر أو الرسوب، وفي نفس السياق امهات تقتلن أبنائهن أوأباء يزهقون أرواحهم لعدم القدرة على التكفل بالإنفاق على عائلاتهم، لماذا يؤذي الإنسان نفسه أو يسلب حياة أغلى من يحب، كيف لم يلاحظ المحيطين بهذا الشخص المريض ألمه وصراعه الداخلي ؟
كيف وصل المجتمع إلى هذه الدرجة من الهشاشة النفسية.
تحكي لي إحدى السيدات كيف خرجت ابنتها صباحا على أساس أنها ستذهب إلى العمل، لكن المؤسف أن يصلها هاتف في منتصف النهار يبلغها أحدهم أن ابنتها قفزت أمام إحدى السيارات لتتركها بين الحياة والموت، وعرفت فيما بعد أن الفتاة فُصلت من العمل بسبب عدم قدرتها على التركيز ويبدو انها خافت من ان تخبر امها وتفاقم حزنها ومرضها والإحساس باليأس لتحاول الانتحار.
طبعا ليست قصة استثنائيةبل تحدث كثيرا، فلقد أصبح من المعتاد أن نرى الأب يعمل ليل نهار ليوفر المال الكافي لإعالة أولاده وتنشغل الأم بدراستهم وتمارينهم الرياضية، لكن نادرا ما يلاحظ الآباء الاعتلال النفسي الذي يصيب أولادهم، او بدايات الذهان او التوحد فهناك ضعف شديد في الثقافة الصحية وخاصة النفسية، وتحتار عائلة المريض النفسي كيف يتعاملون معه ويلجأ البعض إلى المشعوذين والدجالين، والقليل يذهب إلى المعالج النفسي وأحيانا يتركون المريض بدون علاج فيهيم على وجهه في الطرقات مشردا لا يعرف أحد من هو ولا يجرؤون على الاقتراب منه.
لماذا لا يخصص خط ساخن يتصل به من يشعر بالاضطراب النفسي، أو من تضغط عليه الحياة و تتزاحم الأفكار في داخله ولا يستطيع التحدث؟!
لماذا لا يوجد معالج نفسي في كل وحدة رعاية نفسية يلجأ إليها من يتألم، من يسمع صوتا في رأسه ولا يعرف مصدره، من تصيبه الهلاوس وغيرها؟!
لماذا تعالج الدولة الاسنان والمعدة والعيون والعظام ولا تحاول مساعدة المريض النفسي او توجهه إلى المستشفى المناسب؟!
اتمنى ان يصبح هناك معالج نفسي في كل وحدة طبية وكل مركز رعاية أولية فالروح أولى بالشفاء والرعاية قبل فوات الأوان.
ختاما أضع مقطع كامل من موقع الأمم المتحدة يوضح خدمات الصحة النفسية التي يجب أن تُدمج في الرعاية الصحية العامة، ويتم ذلك عادةً في المستشفيات العامة ومن خلال تقاسم المهام مع مقدّمي خدمات الرعاية غير المتخصّصين في قطاع الرعاية الصحية الأولية؛ وذلك على النحو التالي:
خدمات الصحة النفسية المجتمعية التي قد تشمل مراكز وفرق الصحة النفسية المجتمعية، والتأهيل النفسي الاجتماعي، وخدمات دعم الأقران، وخدمات المعيشة المدعومة؛ الخدمات التي توفّر رعاية الصحة النفسية في إطار الخدمات الاجتماعية وفي السياقات غير الصحية، مثل خدمات حماية الطفل، وخدمات الصحة المدرسية، وخدمات السجون.
إن الفجوة الكبيرة في رعاية اعتلالات الصحة النفسية الشائعة مثل الاكتئاب والقلق تعني أنه يجب على البلدان إيجاد طرق مبتكرة لتنويع الرعاية المقدمة للمصابين بهذه الاعتلالات وتوسيع نطاقها، وذلك من خلال المشورة النفسية المتخصصة أو المساعدة الذاتية الرقمية مثلا وغيرها.