أخطر من القنبلة النووية.. أسلحة الطاقة غير المرئية التى تصيب البشر بـ”متلازمة هافانا”

كتبت: أسماء خليل

شكك الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ترامب في كون فيروس كورونا COVID-19 مُخلَّقًا في أحد المختبرات الصينية، ودار جدالًا على نطاق عالمي، وأرجع بعض العلماء احتمالية حدوث الأمر إلى الحيوانات كالخفافيش.

يهمك.. الخارجية الإيطالية تستدعى سفير الإمارات فى روما.. لهذا السبب


ولكن لماذا يذهب بعض السياسيين في العالم إلى ذلك المنحى الفكري، الذى يشير إلى كون تلك الفيروسات ربما تكون مُصنَّعة؟! الإجابة: لأن شكل الأسلحة الكلاسيكية التي اعتاد العالم استخدامها مرورًا بالقنابل والصواريخ؛ لم تصبح هي تلك الأسلحة الأكثر فتكًا!!..
أسلحة الزمن القادم أسلحة من نوع مختلف، نوعٌ لا تحتاج فيه الدولة المُحَارِبَة إلى توجيه الصواريخ وإحداث ضجة.. إنها أسلحة ليس لها صوتٌ ولا شكل ولا يمكن لأحد أن يراها.. إنها الطاقة الحديثة المُبتكرة الموجهة التي ستسحق الأسلحة النووية.
وفي وقتٍ ليس ببعيد، أعلنت وكالات الأنباء أخبارًا عن قيام السلطات الاتحادية الأميركية بالتحقيق في حادثتين وقعتا بأسلوب هجوم الطاقة الموجهة؛ وهو ما أثار جدلًا واسعًا فى كل أنحاء أمريكا، وحدثت أحدى هاتين الهجمتين قرب البيت الأبيض في واشنطن في شهر نوفمبر من العام الماضي 2020.
وتم ربط ذلك الهجوم بهجوم آخر، يسبب أعراض مرضية خطيرة أطلق عليها اسم “متلازمة هافانا”، وكان هذا الهجوم الأول من نوعه، عندما حدث في عام ٢٠١٦، واستهدف لاحقًا هجوم مماثل لعشرات الجنود الأميركيين في سوريا، فأصبح هناك مدعاة لمزيد من التحقيقات حول تلك الأحداث الغامضة، التى تصيب الإنسان، وتم تفسيرها على أنها تحدث عن طريق سلاح جديد أخطر من السلاح النووى، وأطلق عليه سلاح الـ “طاقة غير مرئية”.
متلازمة هافانا
إنه الحدث الأغرب والأول من نوعه، حيث تعرض أعضاء السفارة الأميركية في كوبا لأعراض مُتشابهة وفي نفس الوقت أثناء سفرهم؛ مما فسره العلماء فيما بعد بـ “متلازمة هافانا”.
وشملت أعراض تلك المتلازمة طنينًا حادًا وضغطًا في الأذنين ودوارًا، وفقدانًا للسمع والتوازن، وتعب وصداع حاد، فيما عانى البعض من ضباب معرفي، بل وتلف طويل الأمد في الدماغ.
وقد سُميت متلازمة هافانا بهذا الاسم نسبة إلى البلد التي ظهرت فيها تلك الأعراض، لأول مرة على الدبلوماسيين الأمريكيين، وقد خلص تقرير للحكومة الأمريكية إلى أن المرض الغامض كان على الأرجح بسبب إشعاع الموجات الدقيقة “المايكروويف الموجه”.. إنه سلاح الطاقة الموجه energy weapon Directed”.
اتهامات
وأشارت الولايات المتحدة بأصابع الاتهام فى تنفيذ تلك الهجمات، إلى كوبا التي أسمتها الهجمات الصوتية، وهو الأمر نفته كوبا بشدة؛ وبالطبع أدى الحادث إلى زيادة التوتر بين البلدين.
وخلصت دراسة أكاديمية أمريكية أخرى صدرت فى عام 2019 إلى وجود تشوهات دماغية لدى الدبلوماسيين الذين أصيبوا بالمرض، لكن كوبا رفضت الاعتراف بذلك التقرير، لكن لم يمر الأمر مرور الكرام، فقد أدت تلك الأحداث إلى تفجر شكوك لدى بعض الدول؛ قلصت على أثرها كندا عدد موظفي سفارتها في كوبا بعد أن أبلغ 14 منهم على الأقل عن أصابتهم بأعراض مشابهة.
واتفقت كل التقارير في النتائج، التى خلصت إلى نفس الاستنتاج وهو وجود تأثيرات طاقة التردد الراديوي النبضي الموجه.
ولم تكن كوبا هي البلد الوحيدة التي أبلغ فيها دبلوماسيون أمريكيون عن أعراض غير عادية؛ ففي عام 2018، أعادت الولايات المتحدة العديد من المسؤولين من الصين بعد أن أبلغ الموظفون العاملون في مدينة قوانجتشو، جنوبي الصين، عن إحساس غامض، ولكن غير طبيعي، بالصوت والضغط، وبعد إجراء الدراسات كانت النتائج مشابهة أيضًا لسابقيها، حيث خلُصت إلى وجود صدمة دماغية لدى أحد المسؤولين الأمريكيين.
اتجاه آخر
وفى محاولة أخرى لتفسير ما أصاب الدبلوماسيين، الأمريكان، نحى بعض العلماء بتفكيرهم إلى وجود نسبة من المبيدات الحشرية التي تداخلت مع أنزيم الكولينستراز، حيث أظهرت بعض التحاليل الكيميائية عن احتمالية أن تكون هذه المبيدات هي ذاتها المستخدمة في رش بعوض الفيروس “زيكا” واسع الانتشار، وما جعلهم يتشككون في ذلك الأمر أيضًا هو وجود زيادة كبيرةً في معدلات التبخر داخل منازل الموظفين الدبلوماسيين خلال العام ٢٠١٧، وهذا ما أكدته سجلات السفارة الكندية.. ولم يتم التأكيد على نظرية المبيدات الحشرية، ولكنها على الأقل تقدم تفسيرًا معقولًا لما حدث.
علاقة “أوردي لي” بمتلازمة هافانا
وفجأة برز اسم “أوردي لي” وهي موظفة بالسلك الدبلوماسي الأمريكي، وواحدة ممن طالتها الإصابة بمتلازمة هافانا، وكانت لي كغيرها قد سمعت شائعات أن بعض الموظفين الدبلوماسيين قد تعرضوا لهجماتٍ صوتيةٍ غامضةٍ ولم يعرف السبب، ولم تكن تتوقع أبدًا أن يصيبها شيء، حتى شتاء عام 2017 ، وفي السفارة الأمريكية في دولة كوبا، حيث كانت “لي” قد انتهت من إجازتها بأمريكا وانتوت العودة للعمل.. دارت بعض الشكوك بداخل المرأة، هي وكل أسرتها عندما وجدوا أن ثلاجة الطعام تم فصلها عمدًا بعدما دخلوا البيت ووجدوا رائحة الطعام الفاسد تملأ المنزل.
ثم توالت الأحداث، و بينما “لي” تعد العشاء في أحد الأيام شعرت بضغطٍ مفاجئٍ في رأسها ثم ألم شديد جدًا يشبه ألم الطعن وبعدها تسارعت أنفاسها وشعرت بخوف شديد، وكانت قد علمت من خلال معلومات عابرة أن من تأتي له تلك الأعراض يحاول جاهدًا تغيير مكانه، وقد فعلت ذلك، ولكنها لم تستطع النوم من ليلتها أبدًا، بل والأكثر أنها عانت فى اليوم التالي من صعوبة في التركيز.
مرت الأيام و “لي” تسوء حالتها إلى أن وصل بها الدوار للاصطدام بالأبواب وبدأت تفقد تماما التوازن، والأكثر من ذلك بدأ العديد من زملائها الدبلوماسيين المقيمين في تجمع السكن الدبلوماسي في هافانا المعاناة من نفس الأعراض.
كان الدبلوماسيون مختلفو الجنسيات، فمنهم من كان أمريكيا ومنهم من كان كنديًا؛ وهو ما أدى إلى حدوث أزمة دولية بين كوبا وكلٍّ من أمريكا وكندا.
الخطر القادم
وشكَّلَ الموضوع خطرًا بالغًا؛ لإمكانه إحداث أزمات بين الدول؛ وهو ما دعا الولايات المتحدة إلى استدعاء كل من البروفيسور “ألون فريدمان” المختص في دراسة أمراض الصرع في جامعة دالهوزي في كندا، والدكتورة “هيلينا بوتزمان” المختصة بدراسة الأعصاب في جامعة بن غوريون بإعداد دراسة دولية لمعرفة سبب هذه المتلازمة.
وكانت المفاجأة، حيث خلصت الدراسة أيضًا إلى أزمة فيروس “زيكا” التي حدثت عام 2016 the Zika virus crisis، وقد اعترت الدهشة البروفيسور فريدمان، حتى أنه قال: “أصبنا بالدهشة عندما وجدنا تضرر منطقةً معينةً من دماغ الضحايا وأن السبب قد يرتبط بفيروس زيكا”.
وأخير، وإلى أن تثبت نظرية علمية، أو تحقيقات معمقة صحة تأثير هذا السلاح الخفى من الطاقة الموجهة والتى تسبب الإصابة بـ “متلازمة هافانا” ، لابد للانتباه من الخطر القادم، وأخذ الدول حِذرها بكل السبل الممكنة من البحث عن تقنيات حديثة تردع تلك الفيروسات؛ وإلَّا ستكون تلك الطاقة الخيفة هي الوحيدة القادرة على رسم خارطة أي طريق.

زر الذهاب إلى الأعلى