بيلوسي تزور أرمنيا لتشعل مزيدا من الحرائق حول موسكو
تقرير: على طه
وصلت أمس الأحد رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي إلى أرمينيا بعد أيام من الاشتباكات الحدودية الدامية مع أذربيجان لتدعم ياريفان ضد باكو، في خطوة اعتبرتها أذربيجان أنها تزيد من التوترات.
وصرّحت بيلوسي إن زيارتها “إشارة قوية لالتزام الولايات المتحدة الراسخ بأرمينيا آمنة ومزدهرة وديموقراطية ومنطقة قوقاز مستقرة وآمنة”، وهي أعلى مسؤولة أمريكية تزور أرمينيا منذ استقلال الدولة الصغيرة عن الاتحاد السوفياتي عام 1991، حسب قولها.
من جهته، قال رئيس البرلمان الأرميني ألين سيمونيان للصحفيين قبيل وصول بيلوسي إن الزيارة التي تستغرق ثلاثة أيام “ستؤدي دورا كبيرا في ضمان أمننا”.
تأتى هذه الزيارة بعد تجدد المعارك بين الجارتين أذربيجان وأرمينيا، وقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية دعمها للدولة الأخيرة، الحديقة الخلفية لروسيا والتي تعتبر امتداد طبيعي لنفوذها.
وأعلنت أمريكا الآن دعمها لأرمنيا، على عكس ما حدث في الحرب الأرمينية – الأذرية التى اندلعت عام 2020، وفى هذا الوقت تلقت الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب، انتقادات كثيرة لعدم التدخل المباشر بشكل سريع دبلوماسياً واقتصادياً في المعركة.
طالع المزيد:
-
أمريكا: روسيا سيطرت على منشآت نووية في أوكرانيا
-
وزير الخارجية الأمريكي يرحب بوقف الاشتباكات بين أذربيجان وأرمينيا
تأتى أيضا الزيارة، بعد زيارة بيلوسى لجزيرة تايوان الشهر الماضي، والتي تعتبرها الصين أرضاً تابعة لها
وتأتى الزيارة – أيضا – في وقت تخوض روسيا فيه وساطة بين أذربيجان وأرمينيا، وفى ذات الوقت تخوض حرباً في أوكرانيا ضد الغرب، وحلف الناتو، وكلها أمور تثير الشكوك حول نوايا واشنطن في المنطقة.
وعلى هامش الزيارة أدانت بيلوسي الهجمات التي اعتبرتها قد بدأت من قبل الأذريين، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تنصت لأرمينيا فيما يتعلق باحتياجاتها الدفاعية، مضيفةً أن واشنطن تريد مساعدة ياريفان.
وبسلوكها هذا تدفع أمريكا، نحو انسحاب أرمينيا عضوية أرمينيا في منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها روسيا، ، خصوصاً أن هذه الزيارة سبقها إبداء مسؤول أرميني الأسبوع الماضي، استيائه من رد التحالف العسكري الذي تقوده روسيا على طلب ياريفان المساعدة، على إثر المواجهة المتجددة بين الجارين.
وكان مجلس الأمن الأرميني قد أعلن أن انتهاء أعمال العنف مع أذربيجان كان “بفضل وساطة دولية”، على عكس تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي قال يوم الجمعة إنّ موسكو عملت على وقف اشتباكات يوم الخميس. وعاد رئيس البرلمان الأرمينيّ آلان سيمونيان ليؤكّد في مؤتمر صحافيّ مشترك مع بيلوسي أنّ أعمال العنف انتهت بمساعدة واشنطن.
تغير موقف أرمنيا في معاكسة روسيا، لم يبدأ هذه الأيام، لكنه فى الحقيقة بدأ منذ شهر أبريل عام 2018، عندما اندلعت ثورة في أرمينيا أطلق عليها “الثورة المخملية”، من قبل منظمات غير حكومية، مدعومة أميركياً، وأدت بنتيجتها إلى وصول السياسيّ المعارض المدعوم من الغرب نيكول باشينيان إلى السلطة.
منذ هذا التاريخ، تغيرت معايير العلاقة بين الدولتين، بعدما أرادت أرمينيا الابتعاد عن السياسة السابقة التي تقضي بالبقاء في الفلك الروسي، والتوجه نحو الأميركيين والأوروبيين، على قاعدة اعتماد سياسة خارجية متعددة التوجهات.
أدى كل هذا إلى تقليص العلاقات مع روسيا، عما كانت على أيام رئيسها ساركيسيان، وذلك بعد أن حاولت معاندة تاريخ الجغرافيا السياسية، وارتباطها بروسيا عضوياً.
ولكن تنويع الخيارات الاستراتيجية لأرمينيا، سيلقى رداً من الطرف الروسي، شبيهاً بعدم تدخلها عسكرياً في المعركة الأخيرة، وعليه، ستحمل أرمينيا تبعات خسائرها الاستراتيجية المقبلة، وخسارة المزيد أمام باكو أراضٍ ومكانةً بين دول المنطقة، وتزداد خسارتها، مع التأكيد على خيار الدعم الغربي، الذي يتجدد مع بيلوسي التي تعتبر أرفع مسؤول أميركي يزور أرمينيا منذ استقلال البلاد عام 1991، وفي وقت مشحون عالمياً، فيما تحمل زيارة بيلوسى محاولةً للتغيير في مشهد التحالفات داخل منطقة القوقاز، وسعياً من قبل الإدارة الأميركية إلى زيادة حجم التوترات حول موسكو.
وفى المقابل، فأن روسيا عازمة وأكثر من أي وقت مضى، على اتباع خط أكثر تشدداً مما كانت عليه قبل الأزمة الأوكرانية. وفي مجال نفوذها الجيوسياسي، وحول محيطها، ستسير لتأمين حلقة آمنة.