أسماء خليل تكتب: زواج من نوع آخر
هناك قواميس ثابتة لبعض المصطلحات التي عهدنا سماعها في حياتنا وأصبحت متوافقة والفهم البشري مثل الزواج والطلاق، فهما عرفان لا يجهلهما أحد.. لكن أن يكون بينهما علاقة من نوع آخر في المنتصف !!.. علاقة بينَ بينْ!!.. هذا ما لم يعهده المجتمع من قبل.
نعم..هناك نوعٌ آخر من العلاقات لا يتم تصنيفه على أنه زواجٌ ولا تصنيفه على أنه طلاقٌ، وإذا سألت أحد الشريكين ما نوع العلاقة التي بينكما؟!.. تُراه يقول : انفصال عاطفي..!!
ما هذه العلاقة بحق الله؟!.. اثنان تأويهما نفس الجدران ويفرقهما الفكر واختلاف المشاعر!! .. اثنان لا يعرف كل منهما ماذا تمثله كلمة زوج للآخر. ويصبح لسان حالهما قائلًا : نحن هنا لنربي العيال.. وبما أنَّ كلمة عيِّل من أصل اللغة العربية الفصحى ومعناها الذي يعوله غيره؛ فإنه من الأولى أن نعيد الجملة لتصبح : نحن هنا لنعول العيال.
لابد من تصحيح المفاهيم، إن الانفصال العاطفي لا يقدم للمجتمع أبناءًا على درجة عالية من التربية، بل سيقدم أبناءًا فاقدي الإحساس بالآخر لا يعرفون معنى الألفة ولا يلتمسون المعنى الحقيقي للحياة.
للأسف أنتم مصنع ذخيرة موقوتة.. تُنتج للمجتمع أبناءًا يحملون نفس الانفصال.. انفصال عن الواقع.. انفصال عن الحنو والعطف ولين الكلام، بل انفصال عن ماهية الحياة..
إن الزواج سُكني ومحبة ومودة..إنهم يحولون بيت الزوجية إلى دارٍ يستبد بها الهم ما بين رجلٍ عابس الوجه وامرأةٍ تئن..
ما بين امرأة حضورها عابر أمام رجلٍ لا يراها.. ما بين اثنين لا يترك وجود أيًّا منهما بصمة داخل الآخر..
إن تلك الحياة التي هي معشوقة البعض.. تُضحي كذلك لدي البعض الآخر سائرة بركب تلك الجملة الشهيرة “آهي أيام وتعدي”..
وهل أرسلنا الله للأرض لنعُد الأيام كي تمر؟!
هذا باطلٌ.. إنه سبحانه أرسلنا لنعمر الأرض ونعبده بالمحبة والسلام.. فحينما سأل محمد – صلي الله عليه وسلم – عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – عن مقدار محبته في قلبه!!.. قال عمر- رضي الله عنه- : أحبك يا رسول الله ولكني أحب نفسي أولا.. فرد صلى الله عليه وسلم لن تنل الجنة حتى أكون أنا أحب إليك من نفسك وأبيك وأمك..
كان بإمكان الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول له لن تدخل الجنة حتى تطيعني.. بل قال حتى تحبني..
هذا الرسول الكريم الذي كان يُدلل عائشة بعائش يرسخ بالبشرية معني الحب..
أيُّها الرجل بلِّغ عن رجولتك لكل العالم بالتغاضي عن سفاسف زلَّات المرأة..
أيَّتُها المرأة بلِّغي العالم عن ألوان أنوثتك بالتعامل مع زوجك.. ليس بالخصلات الكحيلة والوجه الصبوح فحسب.. بل بحديث القلوب الذي يكادُ يُحس من كلمة واحدة..
ادعوا أنفسكم لترك سياج الأحزان.. وإذا حاول طرف والآخر يأبى حتى باستمرار المحاولة فبالإمكان اتباع الأساليب الأخرى التي ليس منها بُد..
تغاضوا.. أحبوا الحياة.. أسعدوا أنفسكم ولو بفنجال قهوة أمام شاطئ الحياة؛ من أجل أنفسكم وليس من أجل أولادكم فحسب؛ ففاقد الشيء لا يعطيه،،
هيا نُغير تلك الحكمة القائلة : “إذا رأيت زوجين سعيدين فاعلم أن أحدهما مُتنازل عن حقه للآخر” .
عزيزي الرجل.. عزيزتي المرأة.. الحياة ليست قطعة حلوى نتنازل عنها بكل سهولة.. الحياة أن تحي في تفاهم وحب ووئام وعدم إعراض طرف كلما رأي الآخر..
الوصال بين الزوجين يستحق مزيدًا من البحث والتعلم والتفنن في إسعاد الآخر وإبلاغه بشتى الطرق بما ينبغي أن يفعله حتى تتجانس النفوس بأصوات الحياة.