د. ناجح إبراهيم يكتب: المولد النبوي ونصر أكتوبر
كتب د. ناجح إبراهيم مقالاً بعنوان “المولد النبوي ونصر أكتوبر”وتم نشرة في جريدة الوطن، وهذا نص لمقال:
. من حسن الطالع وجميل الأقدار تواكب حدثين جليلين وجميلين معاً هذا العام، هما ذكرى مولد النبى الكريم، صلى الله عليه وسلم، وذكرى نصر أكتوبر، فمولد النبى، صلى الله عليه وسلم، كان فاتحة الخير لهذه الأمة، وهو الذى أخرجها من الظلام إلى النور، ومن التمزق إلى الوحدة، ومن اليأس إلى التفاؤل، ومن الهزيمة إلى النصر، ومن الجاهلية إلى الإسلام، وكذلك حرب أكتوبر نقلت العرب جميعاً من الهزيمة واليأس والإحباط إلى قمة النصر والتفاؤل، تحية للنبى الكريم، صلى الله عليه وسلم، وصحبه الكرام، وتحية لأبطال وشهداء أكتوبر.
. فى 6 أكتوبر تم تحطيم أسطورة الجيش الذى لا يُقهر، والجندى الإسرائيلى الذى لا يُقهر، وسلاح المدرعات والطيران الإسرائيلى، تهاوت الطائرات والدبابات الإسرائيلية على رمال سيناء، لم يعرفوا الجندى المصرى بحق حينما يؤمن بربه ووطنه وقيادته ويتدرب جيداً.
. كل شىء فى 6 أكتوبر كان مختلفاً عن 5 يونيو؛ القيادة، التدريب، الإعلام العسكرى، الإيمان واليقين، الترتيب والتخطيط، الانضباط.
. لقد ظلت مصر أيام الحرب نظيفة عفيفة طاهرة من كل سوء، حتى الأخلاق بلغت الكمال، فلم تسجل الشرطة محضراً واحداً، كل من شهد نصر أكتوبر وساهم فيه يعتبرها الحسنة العظمى فى حياته والفخر الأكبر له.
. 6 أكتوبر لحظ فارقة فى تاريخ مصر، وهى التى جلبت الغنى واليسر للخليج؛ فقد كان برميل البترول بـ4 دولارات فارتفع لأربعين، ونهضة الخليج الحديثة تعد بركة من بركات نصر أكتوبر، كادت الأمة العربية أن تموت فإذا بنصر أكتوبر يحييها من جديد.
. يحكى الجندى السيد خليل: حينما جاء الشهيد إبراهيم الرفاعى لاصطحاب مجموعة من مجموعات صواريخ الموليتكا من قاعدة الصواريخ فى ألماظة، تحركنا بالسيارات إلى منطقة الثغرة بالدفرسوار، كنت أركب خلفه مباشرة ونحن فى الطريق وجد سيدة تبكى بحرقة ومعها بعض أغراضها فوقف لها، فقالت إننى من الإسماعيلية وليست هناك سيارة تمر وكل السيارات رفضت ركوبها، فالحرب قائمة على أشدها، والطيران الحربى الإسرائيلى يدك المناطق المتاخمة للإسماعيلية، والمدفعية الإسرائيلية تدك مناطق الدفرسوار، فإذا بالشهيد إبراهيم الرفاعى يوقف قول السيارات وينزل من سيارته ويأمر إحدى السيارات العسكرية بإيصالها للإسماعيلية، وبعد وصولهم بأيام إلى منطقة الثغرة استشهد بطل الصاعقة العظيم إبراهيم الرفاعى، الذى سطر بجهاده أنصع تاريخ عسكرى مصرى وعربى، وكان يقول دوماً لجنوده: «نحن نقاتل فى سبيل الله»، وكان يتمنى الشهادة ونالها، ويومها فرحت إسرائيل فرحة غامرة، إذ كانت تعتبره العدو الأخطر عليها.
. فى ذكرى نصر أكتوبر تحية لأبطال وشهداء المعركة عامة، وتحية خاصة للأبطال من أسرتى، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر شقيقى وأستاذى الفاضل ومعلمى الأول الأستاذ صلاح إبراهيم، الذى عبر القناة ضمن تشكيلات الدبابات البرمائية فى الفرقة الثانية مشاة، وأبلى بلاءً حسناً وأصيب شرق القناة بعد إتمام العبور ودحر الهجمات المضادة الإسرائيلية وقضى سبع سنوات كاملة فى الجيش.
. وكذلك تحية إعزاز لابن خالتى الشهيد مراد سيد، بطل المظلات والحاصل على نجمة سيناء، وهو الثانى فى بلدتنا الحاصل على هذا الوسام العسكرى الرفيع مع الشهيد العظيم بطل كبريت المقدم إبراهيم عبدالتواب.
. وهناك مدرسة فى بلدتنا تحمل اسم الشهيد مراد، وتحية لأسرته الطيبة التى نفخر بها جميعاً.
. وقد أصدرت وزارة الدفاع كتيباً خاصاً عن بطولة الشهيد مراد اسمه «الحصان الأبيض الشهيد مراد سيد»، ولدى الأسرة نسخة منه حتى الآن، ويا ليت وزارة الدفاع تعيد طبع هذه الكتيبات وتوزعها على المكتبات العامة، فقد سجلت معظم بطولات الحاصلين على نجمة سيناء فى كتيبات جميلة، ولكنها غير موجودة الآن فى أى مكتبة.
. ومن أبطال أكتوبر من أسرتنا لاعب ديروط الشهير عربى سيد، الذى كان أفضل من يلعب «دبل كيك» أثناء المباريات.* كان شقيقى صلاح وأ. عربى سيد تابعين للفرقة الثانية مشاة، وهى الاحتياطى الاستراتيجى للقيادة، وعبر أ. صلاح يوم 6 أكتوبر مع فوج الدبابات البرمائية، وعبر أ. عربى يوم 8 أكتوبر، وكان ضمن فوج المدفعية المضادة للطائرات، وكلاهما أصيب شرق القناة.
. والفرقة الثانية هى التى أسرت العقيد عساف ياجورى ودمرت لواءه المدرع، وحطمت أسطورة الجيش الإسرائيلى، وكان يقود الفرقة العميد حسن أبوسعدة، الذى أسقطت فرقته فى يوم واحد قرابة 14 طائرة إسرائيلية، جُرح الاثنان فى أيام مختلفة ونُقلا إلى نفس المستشفى وزارتهما الأسرة، والآن أصبح كل منهما على المعاش منذ فترة.
. تحية لهم جميعاً، ولكل الأبطال والشهداء.