“بيان” تُحاور د. عبد المنعم سعيد: إعمار غزة سيتم على الشروط المصرية (الجزء الأول)
حاورته: نادية صبره- وتصوير: حسام عبد المنعم
• الحرب على غزة هل كانت من أجل القضية الفلسطينية أم حرب إقليمية ؟
• مصر نجحت في وقف إطلاق النار وصعد نجمها عال جداً في قضية غزة.
• الصواريخ التي استخدمت في ضرب إسرائيل هي نفس الصواريخ التي إنضربت بها الفجيرة وأرامكو وأبها في السعودية.
• البداية كانت مستقلة تماماً عن تحركات حماس وأشبه بانتفاضة فلسطينية ثالثة في القدس.
• الإسرائيليون خسروا جوانب أخلاقية وسياسية في المعادلة الموجودة في المنطقة.
• إعمار غزة سيتم على الشروط المصرية لأن مصر أخذت الطليعة.
- قراءة سريعة من حضرتك دكتور عبد المنعم لأحداث الحرب الأخيرة على غزة؟
- القراءة الأخيرة هي: هل كانت حرب من أجل القضية الفلسطينية؟ أم حرب إقليمية؟ ولكى أفسر الحكاية هي بدأت على أنها قضية فلسطين في القدس، ولها علاقة بموضوع اللاجئين، ولها علاقة بالمسجد الأقصى، ولها علاقة بسكان القدس الشرقية.
موضوع القدس ككل في الصراع العربي الإسرائيلي والصراع بين الفلسطينين والإسرائيليين. وعندما ظهر فى الرب موضوع صواريخ الفصائل الفلسطينية، بدأ يدخل عامل ثاني عامل إقليمي.. إن هذه الصواريخ التي استخدمت في ضرب إسرائيل أصلاً تصنيع إيراني، وهي نفس الصواريخ التي إنضربت بها الفجيرة وإنضربت بها أرامكو وإنضربت بها أبها في السعودية. فدخل فيها عنصر إقليمي وهو إيران.
وهذا العنصر الإقليمي مشتعل بالفعل بمعنى أن هناك عمليات بين إسرائيل وإيران خلال الشهور الماضية منها ما له علاقة بالهجمات السيبرانية على المفاعل النووي الإيراني (نطنز)، وفيه أيضاً هجمات موجودة على السفن الإسرائيلية والسفن الإيرانية متبادلة في البحار، وفيه ضرب إسرائيل لقواعد إيرانية داخل سوريا وأيضاً قواعد لحزب الله وهو تسليحه إيراني.
وأثناء الحرب حصل إطلاق صواريخ من سوريا واضح إنها بتقول نحن هنا… هي ليست صواريخ مقصود بها ضرب إسرائيل وإنما لأجل أن تقول لإسرائيل إن إيران موجودة وصواريخ خرجت من لبنان لنفس الهدف، فهنا دخل فاعل جديد في هذه المعادلة، وأعتقد أنه سيكون له نصيب في المستقبل القريب للموضوع نفسه، ولذلك كان فيه سرعة ومصر نجحت بأنها تعمل موضوع وقف إطلاق النار بشكل مبكر (بعد 11 يوم).. بينما الصراعات التي وقعت بين إسرائيل والفلسطنيين في سنوات 2008 و 2009 و 2012 و 2014 كلها زادت عن بضعة أسابيع، وفي آخر واحدة كانت خمسة أسابيع.
وفى محاولة لتقدير للدور المصري أنه أوقف نوع من التصعيد في الأزمة، كان من الممكن أن يؤدي إلى مواجهات إقليمية.
هذه هي القراءة الموجودة أنه كان فيه بداية مستقلة تماماً عن تحركات حماس لها علاقة أشبه بانتفاضة فلسطينية ثالثة في القدس، وهنا كان الرأي العام العالمي كله تقريباً مع الجانب الفلسطيني، وعندما تدخلت حماس بالصورايخ وبقى فيه جانب إيراني في القضية حدث إنقسام بين دول العالم، دول مثل ألمانيا والنمسا وجمهورية التشيك ومعظم دول أوروبا الشرقية بدأت تأخذ موقف متحفظ ومساند لإسرائيل.
- من ربح، ومن خسر من الحرب في غزة ؟
- أنا من أنصار أنه فى كل الحروب كل الناس تكون خاسرة، لكن من الواضح أن فيه ناس بتدعي أنها انتصرت، يعني مثلاً حماس بتعتبر نفسها فائزة لماذا؟ لأنها تحدت الأمر الواقع الموجود عن طريق إطلاق صواريخ تجاه إسرائيل فهي بذلك تمنح نفسها مكسب داخل فيه الدعاية، وداخل فيها التعبئة الشعبية، وداخل فيها الصراع بين حماس والسلطة الوطنية الفلسطينية.
فمن ناحية الصورة حماس كسبانة وإسرائيل والسلطة الوطنية خسرانين.
أعتقد – أيضا – أن مصر طلع نجمها عال جداً في هذه القضية.. والإسرائيليون خسروا جوانب أخلاقية وسياسية في المعادلة الموجودة في المنطقة، إنما لا بد أن يكون عندنا نظرة أكثر حول مصداقية الأطراف المختلفة حول الذي جرى في هذه الحرب، بمعني أن الذي حدث أن حماس أطلقت 4339 صاروخا على الأراضي الإسرائيلية، في الحقيقة ثلثى هذه الصواريخ لم تصل إلى أي مناطق مأهولة فى إسرائيل، وما تبقى وعدده حوالي 1500 صاروخ وصلت إلى مناطق مأهولة، لكن 90% منها جرى التصدي لها عن طريق القبة الحديدية.. وتبقى 10% وعددها حوالي 150 صاروخا، أدت إلى قتل (12 إسرائيليا) ، ومعنى هذا إن كل واحد إسرائيلي مات انضرب عليه عشرة صواريخ، وهو معدل ليس فيه كفاءة عالية، لكن أيضاً هؤلاء الذين ماتوا من الإسرائيليين، مازلنا محتاجين معلومات عنهم، وأغلبهم في المناطق التي ليس فيها فقاعات أو ملاجىء، فنظام الدفاع الإسرائيلي قائم على فكرة وجود فقاعة (مثل التي يقولون عنها في موضوع الكورونا) في كل بيت أو عمارة بيتم إنشاء فقاعات خرسانية لكن يمكن أن تواجه قصف جوي أو قصف مدفعي وبيكون الناس محمية داخل هذه الفقاعة ملجأ يعني.
المناطق التي لا توجد بها مثل هذا الملجأ أو هذه الفقاعات الخرسانية هي المناطق الفقيرة اللي فيها اليهود الأفارقة والآسيويين، والعرب وغيرهم، فمن الممكن أن يكون الـ12 الذين ماتوا من هؤلاء الأخيرين.
الوضع أدى – أيضاً – إلى تغييرات داخل إسرائيل، وكان ممكن يكون نتيجة هذه الحرب أن يكون فيه انتخابات جديدة إنما الواضح أن الميزان يتجه إلى أن يبقى فيه تحالف يميني جديد في إسرائيل.
- هل تتوقع أن ينجح هذا الإئتلاف في إنهاء حقبة نتنياهو.. أم ينجح نتنياهو في إفشال وتفكيك هذا الإئتلاف؟
- ليس بالضرورة أن يفشل نتنياهو، لأن فيه جزء هنا له نفوذ عليه ليس بقليل.. يعني مصر تدخلت بوقف إطلاق النار، واضح أن الإسرائيليين راضون على إنقاص حجم حماس التسليحي بحيث تستغرق فترة زمنية حتى تستعيد قوتها مرة أخرى، أو تبني الأنفاق وتحفرها تحت أرض غزة.
وبالطبع هناك معادل جديد الآن دخل الساحة الغزاوية، ألا وهو عملية التعمير التي بدأت فيها مصر فورا، وبسرعة، وعلينا أن ننتظر ونرى حجم هذا العامل الجديد، لأنه سوف يكون صعباً على الرأي العام العالمي والدولي أن يكون فيه حاجة بتبني وتدمر.
على الأقل نحن انتظرنا سبع سنوات دون حرب، بعد حرب غزة 2014 فيصبح أمامنا الآن سنتين أو ثلاثة هادئة في هذه القصة، لأن إسرائيل في هذه المرة كانت حريصة جداً أنها لا تدخل غزة، والأسرائيليون فقط أطلقوا مناورة في منتصف المدة بأن أشاعوا أنهم سيدخلوا غزة لأجل أن تذهب قيادات حماس تحت الأنقاض فيستطيع الإسرائيليون أن يصيبوا بعضهم.
- وهل تتوقع هدنة طويلة الأمد؟
- ليست طويلة الأمد، واعتقد أن الدبلوماسية المصرية ستعمل لأن هذا الكلام دار بين الحمساويين وإسرائيل، قال الحمساويون ب لسنا موافقين على (أوسلو) وبيرددوا نحن نريد أن نعيد فلسطين كلها، وكلام من هذا القبيل، لكن من كلامهم مع الإسرائيلين إنهم لا يوافقون على سلام، ولكن على هدنة طويلة الأمد (25) سنة.. (30) سنة.
أنا في تصوري أ هذا النوع من الهدنات ما لم يكون متفق عليه أن تكون فيه عملية سلام مصاحبة له لن يكون ممكن.. لكن الإخوان مرنيين أيضاً يجب أن أقول أن الإخوان في إسرائيل نفسهم بيتحالفوا مع أكثر الأحزاب السياسية صهيونية فهم كانوا متداخلين في هذا الموضوع لكن طبعاً فيه معدل كبير من عدم الثقة بين الأطراف كلها وبعض وطبعاً عندنا أيضاً الحالة الفلسطينية منقسمة أكثر من أي وقت سابق. - بما تفسر غياب السلطة الفلسطينية أثناء الحرب على غزة؟
- السلطة الوطنية الفلسطينية، بدأت بتشجيع ما حدث في القدس وهذا كان عمل سياسي جماهيري على أساس أن الرئيس عباس قال إنه لا يريد إجراء إنتخابات بدون القدس، فهنا السبب الفلسطيني مع السبب الموجود (الداخلى) وهو القدس جعل سلوك السلطة الوطنية الفلسطينية متسق.. لكن لما دخلنا بالصواريخ وبدأت معركة كبيرة مع إسرائيل؟ لأنه حدث خفوت ولأن فيه كم كبير من الغضب الفلسطيني.
وعلى الجانب الإسرائيلي مع المستوطنين خاصة حدث انفلات، بمعنى أن المدن المزدوجة بين اليهود والعرب حدث فيها صراع (في إسرائيل) مثلما حدث في غزة.. وغزة بها (11 تنظيم مسلح) حماس والجهاد هما الأقوى ومعروفان لكن هناك تنظيمات صغيرة كثيرة، وإسرائيل مليئة بتوجهات صهيونية من هذا القبيل، ناس متعصبة وناس فاشية.
بالمعنى ده هؤلاء جميعا بيشعلوا قضية الإستيطان وقضية علاقة الصهيونية بالمكان اللي فيه المسجد الأقصى اللي هو حكاية الهيكل اليهودي وأشياء من هذا القبيل. - هل إعمار غزة سيتم على الشروط الحمساوية؟ أم الشروط الإسرائيلية؟
- لا هذا ولا ذاك.. سيتم على الشروط المصرية لأنه مصر أخذت الطليعة بمعنى أنه الأول طبعاً عندك حوالي (72 ألف) فلسطيني داخل غزة وهم أصلاً لاجئين لكن نتيجة أن الضرب بينزل عليهم ويخترق الخنادق والأنفاق، فالناس لجأت مضطرة إلى مناطق فيها البعثات الدولية والأنروا.. فيها المدارس والمساجد.
.. هناك 72 ألف محتاجين أكل وشرب وغذاء ودواء وأول قافلة مصرية ذهبت هناك كانت تحمل هذه الإمدادات..
ثانيا : مصر أدخلت بلدوزرات وأدوات كبيرة من أجل أن تبدأ فى إخلاء الطريق لإمكانيات التعمير، ونحن هنا نتكلم عن 17 ألف منزل أو وحدة سكنية ثم تدميرها، وهذا طبعاً رقم مهول وخاصة أنه كان هناك نوع جديد من التسليح تجعل المباتى تنهار.. ولو رأينا الصور نجد كل سقف فوق الثاني استخدموا القادة فيها قذائف ذكية جديدة حتى أن رئيس حماس (السنوار) بيتكلم أن فيه (90 قيادي) في حماس أصيبوا فى هذه الضربات الجوية.
ما أريد أن أقوله هو إنه لا بد إخلاء المكان أولاً من الدماء وبقايا المخلفات نتيجة القذف في الجو، بعد ذلك اعتقد أن مصر بدأت تتكلم مع السلطة الوطنية والمسئولين في غزة لإستكمال عملية الإعمار ومثلما هو واضح، مصر لديها خبرة كبيرة جداً في التعمير، ولديها بعض الأمور الخاصة يعني مصر مثلاً تربد أن تبني مدينة تستوعب عشر آلاف وحدة سكنية فهذا يعني شيء ذكي من ناحيتنا أن نعمل شىء يبقى وتراه الناس والغزاويين أيضا “يشوفوه”.