د. ناجح إبراهيم يكتب: “مونتاج الحياة”
“ليت حياتنا كأفلامنا ومسلسلاتنا نستخدم فيها المونتاج ونقطع منها ما لا نحب وما لا نرضي” من هذه الأمنية التى تمناها مخرج الدراما السورى، حاتم على، استوحى الكاتب الكبير د.ناجح إبراهيم، موضوع وعنوان مقاله التالة “مونتاج الحياة” المنشور في جريدة “الوطن” اليوم الثلاثاء.
وقال د. ناجح إبراهيم فى مقاله:
• من أجمل ما قاله المخرج السوري العظيم حاتم علي”ليت حياتنا كأفلامنا ومسلسلاتنا نستخدم فيها المونتاج ونقطع منها ما لا نحب وما لا نرضي”فلو كان هناك مونتاج كنا اخترنا مشاهدنا ومواقفنا الجميلة فقط,نقرر البداية ونجمل النهاية,ولكن للأسف إنها أمنية مستحيلة.
• أسوأ ما في الفيس أنه يفضح لنا عورات العقول وهي أشد علي النفوس الحكيمة من عورات الأبدان حين تتبدى لنا,فقد أعطي الفيس فرصة لأرباب الجهل والجهالة والأغبياء أن يعرضوا بضاعتهم المزجاة وسخافاتهم وسقطات عقولهم علي الناس جميعاً,ويصيبوا أهل الحكمة والعقل بالحيرة في معالجة هذه السخافات,لقد ظن هؤلاء أن ما يكتبونه علماً نافعاً فنافحوا عنه وخاصموا الآخرين من أجله,وهو أشبه بالسراب”يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا”.
• كان الفضيل بن عياض يقول:اللهم إني عجزت عن إصلاح ولدي فأصلحه لي”فما زال يدعو بها الدعاء حتى انصلح ولده,وأنا أناشد كل أب أن يسعي في إصلاح أولاده وأسرته من جهة بكل السبل,وأن يستعين بهذا الدعاء من جهة أخرى.
• ترك الإعلام المصري كل القضايا المهمة والخطيرة حوله ولم يهتم سوى بقضية قائمة منقولات الزوجية,مع أن هذه القضية وغيرها من الحقوق تدور دوماً بين العدل والفضل,فكتابة القائمة عدل,والتنازل عن كتابتها فضل,والفضل لا يعطي ولا يمنح إلا لأهله لمن يصونه ويحفظه وقديماً جاء في بعض آيات الإنجيل”لا تعلقوا القلائد في أعناق الخنازير”,فلا تترك القائمة إلا للخواص ولا تزوج ابنتك إلا لمن يصونها ويرعاها,أما من لا يردعه إلا القانون فلا يستحق أن يتزوج ابنتك,فهي هدية السماء لك وقلادة ثمينة لا تمنح إلا لمن يستحقها.
• ترجو الثبات علي الحق ودوام العافية بلا ورد قرآني أو قيام ليل أو دعاء وذكر وتضرع,أو علم نافع تبذله,أو صدقات تطفئ غضب الرب هيهات,هيهات,سيهلكك الأمل بلا عمل.
• “قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ”فيها مواساة عظيمة لكل مكروب أو مريض أو مدين بحق أو مهموم لا يري لها دون الله كاشفة,إنها بشري لهؤلاء جميعاً أن الله لن ينجيك من هذا الكرب فحسب ولكن أيضاً” وَمِن كُلِّ كَرْبٍ”.
• نشرت قناة سكاي نيوز العربية تقريراً إنسانياً مروعاً عن قرية فقيرة في نيبال باع معظم سكانها إحدى كليتيهم بألف دولار بعد أن أقنعهم سماسرة الموت أن الكلي الثانية ستنمو لتحل محل الكلى المنزوعة,فاستغلوا جهلهم قبل فقرهم فصارت المأساة”كلى منزوعة وإنسانية موجوعة”وأصيب أكثرهم بعد ذلك بالفشل الكلوي,وقد صور التقرير العشرات منهم وفيهم أثر هذه الجراحة المعروفة,وسميت هذه القرية بوادي الكلى,وأغرب ما في التقرير أن بيع الكل انتشر بين اللاجئين العراقيين السوريين,والآن ينتشر بين الفقراء بيع الشعر في بلاد كثيرة,وتقوم الشركات بمعالجته ثم بيعه بعشرات الأضعاف في البلاد الغنية.
• تجار الموت لا يعجزهم شيء,رصيدهم المستمر الكوارث والحروب ورأسمالهم الدائم وجود الفقراء حيث يقنعونهم دوماً بأن في أجسادهم ثروة تغنيهم من الفقر والجوع.
• من أمضي يومه من غير حق قضاه أو فرض أداه,أو مجد حصله أو خير أسسه,أو علم درسه أو درسه,فقد عق يومه وظلم نفسه,هذه والله أعظم الحكم التي نطق بها العرب,ترى هل نحن علي هذه الجادة.
• من مآثر الشعراوي التي أعتز بها”إذا استطعت أن تكون نوراً في ظلام الآخرين فلا تتردد”.