منال قاسم تكتب: لا تكثروا الفضفضة فإنكم لا تدرون متى يخون المنصتون
في أحد سجون ألمانيا وفي حقبة الستينيات، كان السجناء يعانون من قسوة حراس السجن والمعاملة السيئة في كل النواحي.
ومن بين السجناء كان سجين يدعى “شميدث” والمحكوم عليه لفترة طويلة، لكن هذا السجين كان يحصل على امتيازات جيدة ومعاملة شبه محترمة من قبل الحراس، ما جعل بقية نزلاء السجن يعتقدون أنه عميل مزروع وسطهم، وكان يُقسِم لهم أنه سجين مثلهم وليس له علاقة بالأجهزة الأمنية.
لكن لم يكن أحد يصدقه، فقالوا : “نريد أن نعرف السبب الذي يجعل حراس السجن يعاملونك بأسلوب مختلف عنا”.
فقال لهم شميدث : “حسناً، أخبروني عن ماذا تكتبون في رسائلكم الأسبوعية لأقاربكم؟”.
فقال الجميع : “نذكر لهم في رسائلنا قسوة السجن والظلم الذي نتكبده هنا على أيدي هؤلاء الحراس الملعونين”.
فرد عليهم باسماً : “أمّا أنا في كل إسبوع فأكتب رسائلي لزوجتي وفي السطور الأخيرة أذكر محاسن السجن والحراس ومعاملتهم الجيدة هنا، وحتى أنني أحياناً أذكر أسماء بعض الحراس الشخصية في رسائلي وأمتدحهم كذلك”
فرد عليه بعض السجناء : “وما دخل هذا كله في الامتيازات التي تحصل عليها وأنت تعلم إن معاملتهم قاسيه جداً؟”
فقال : “لأن يا أذكياء جميع رسائلنا لا تخرج من السجن إلا بعد قراءتها من قِبل الحراس، ويطّلعون على كل صغيرة وكبيرة فيها، والآن غيروا طريقة كتابة رسائلكم.”
تفاجأ السجناء في الأسبوع التالي بأن جميع حراس السجن تغيرت معاملتهم للسجناء للأسوء، وحتى “شميدث” كان معهم وينال أقسى المعاملات.
وبعد أيام سأل “شميدث” بعض السجناء وقال : “ماذا كتبتم في رسائلكم الإسبوعية؟”
فقالوا جميعاً : “لقد كتبنا أن “شميدث” علّمنا طريقةً جديدة لكي نخدع الحراس الملاعين ونكسب ثقتهم ورضاهم”، حينها لطم شميدث خديه حسرةً.
“العبرة”
من الجميل أن تساعد الآخرين، والأجمل أن تعرف مع من تتكلم، فليس كل مستمع ناصح وحافظ للسر، فبعض من حولنا قد يسيئون التصرف وفقاً للموقف، وما يتناسب معك قد لا يتناسب مع غيرك.
نصيحتي للطيبين
لا تكثروا الفضفضة فإنكم لا تدرون متى يخون المنصتون.
ولا تبوح بأسرارك للآخرين لكي لا يقوموا باستغلالها ضدك عند اللزوم.
ولا تقل سرك لأحد ما دمت لا تستطيع الاحتفاظ به؛ فصدقني الآخرون لا يملكون صدراً كافياً للإحتفاظ بأسرارنا .
ومن طبيعة النفس البشرية “أنها ضعيفة”.
من باب أولى ان نشكي همومنا للقوي العزيز جل جلاله.
إن كان لابد أن نفضفض بهدف المشورة فلابد من اختيار الشخص المناسب الحكيم.
وفي هذا الزمان أصبح أصحاب الثقة الاوفياء من الكنوز النادرة.