شريف عبد القادر يكتب: جريمة – للأسف – غير مخلة بالشرف

الحقيقة أن التهرب الضريبى عندنا ليس جريمة مخلة بالشرف ولكن عكس ذلك ويرتكبها الأغلبية باعتبار أن ذلك أمر طبيعى.

وأتذكر أنه عندما التحقت بعمل فى شركة قطاع خاص بقسم الحسابات بعد منتصف سبعينيات القرن الماضي أن طلب منى رئيس القسم أن أكتب فى دفترى اليومية والأستاذ بالقلم الرصاص، وعندما استفسرت منه عن السبب، أجاب، أن السبب لكى يراجعها بعد ذلك المحاسب القانوني ويكتب مايراه بعد تقليص الأرباح وزيادة مصروفات وهمية حتى لا نسدد ضرائب أو نسدد قيمة ضئيلة منها.

وفى حالة عدم تحقيق ما يصبو إليه نحو الضرائب يلجأ للمحكمة ليتولى المرافعة محام متخصص فى هذا الشأن.

ومع مرور الزمن وانتقالى للعمل فى شركات أخرى اتضح أن التهرب الضريبى أمر طبيعى عند أغلب الشركات.

والتكالب دائما نحو مكاتب المحاسبه المعروف شطارتها فى تقليص الأرباح وقيمة الضرائب، وغالباً ما يكون أصحاب هذه المكاتب يعملون بالضرائب واستقالوا ليقيموا مكاتب أو لهم علاقات نافذة فى الضرائب أو يعمل لديهم مأمورى ضرائب بالفترة المسائية.

ولذلك لدى قناعة أن من أسباب إضعاف الاقتصاد مكاتب المحاسبة، وأنه لو كان أصحاب الأنشطة يسددون الضرائب عن أرباحهم الفعلية لما احتاجت الدولة أن تقترض من الخارج.

لكن للأسف المشرّع لم يصدر قانونا يجرّم التهرب الضريبى واعتبار التهرب جريمة مخلة بالشرف نظراً لأن الكثير من النواب من أصحاب الأعمال الذين انفقوا ملايين الجنيهات على ترشحهم ليصبحوا نوابا ولذلك لم يكن بالأمر الغريب إصدار قوانين ماءعه فى هذا الصدد إبان تغول ال،حزن الوطنى الديمقراطى على كل شىء وخاصة الاحتكار.

أين نحن من دولة مثل إيطاليا فعندهم التهرب الضريبي جريمة مخلة بالشرف.

ولا ننسى إلقاء القبض على الممثلة العالمية صوفيا لورين عقب نزولها من سلم الطائرة بمطار روما لتهربها من الضرائب.

وفى إيطاليا (وغيرها) لا يجروء أى نشاط تجارى على عدم إعطاء فاتورة بمبيعاته لأن العقاب رادع وموجع فلم أتعجب فى تسعينيات القرن الماضى عندما أشار لى بيده سائق التاكسى فى ميلانو بإيطاليا لكى أنتظر ليعطينى الفاتورة لأعرف بعد ذلك أنه لو غادرت التاكسى بدون حصولى على الفاتورة، وتصادف مرور شرطة المرور أو الضرائب فيتم تغريم السائق ما يعادل ٢٠٠ جنيه، ويغرّم الراكب١٠% من قيمة الفاتورة.

ولو كانت الواقعة الثانية للسائق يحرم من هذا العمل مدى الحياة.

ولا أنسى صديقى الذى كان مقيما هناك وقام سباك بعمل إصلاحات فى شقته ففوجئت به يقدم فاتورة بالقيمة التى حصل عليها موضحا بها الأعمال التى قام بها.

ولا أنسى كذلك عندما ذهبت مع صديقى لمحام ليقيم له دعوى قضائية وبعد أن أوضح له ما يريد استخرج المحامى كتيب وفى إحدى الصفحات أشار له بأصبعه وأتضح أن الكتيب خاص بقيمة أتعاب قضايا وعندما وافق صديقى قام المحامى بكتابة عقد وأثبت به القيمه وما تم سداده مقدما.

وهذا العقد بمثابة توكيل للتعامل به أمام المحكمة.

كما قام بإعطاء صديقى إيصال المبلغ المسدد مقدماً.

إن المواطن هناك يستفيد من الفاتورة ليقدمها ضمن مصروفاته عند محاسبته ضريبيا.

فهناك القانون واضح وصارم والمحاسب القانونى هناك يبلغ عن موكله لو حاول تضليله ولا يشاركه فى تقليص حق الدولة كما يحدث عندنا.

اقرأ أيضا للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى