رحلة داخل أعماق القاتل.. هل هو مختل عقليا ؟!.. د. إيمان عبد الله تجيب (1من2)
كتبت: أسماء خليل
ويظل السؤال مشروع: ما هى الحالة التى كان عليها القاتل حين واتته جرأة الإجهاز على ضحته، ذبحا، أو طعنا، أو رميا بالرصاص.. أو دفعا فى بئر أو مياه عميقة أو أمام مركبة.. هل كان القاتل فى هذه اللحظة “سيكوباتي” تطبيقا للفكرة الأزلية التي فسرها علم النفس؟!.. أم أنها لحظة جنون نزعت عنه إنسانيته؟!..
وفي الحين الذي يخشى فيه البعض جرح إصبع غيره؛ هناك هذا الشخص الذى يقتل إنسانًا مثله!.. وهناك من يدفعه الانتقام إلى إلى التمثيل بجثة الضحية، ليثبت هذا القاتل أن القتل لم يكن لحظة وليدة غضب مجنون، أو تعصب أعمى، إنه يقوم بتخبئة جثة القتيل أو تقطيعها وهو بكامل قواه العقلية، هل ذلك القاتل “سيكوباتي” تطبيقا للفكرة الأزلية التي فسرها علم النفس؟!.. أم أنه “مختل عقليًّا”؟!..
وما بين السيكوباتية إلى المعارك الجسدية أو المشاجرات على الإرث والغيرة القاتلة، والانتقام؛ تُبحر دكتورة “إيمان عبد الله” أستاذ علم النفس وخبيرة الإرشاد النفسي، فى رحلة داخل نفس القاتل، وهى تجيب على سؤال “بيان” لماذا يقتل الإنسان؟! وتقول الآتى:
الموضوع برمته معقد ويحمل أبعادا اجتماعية وأسباب كثيرة جدا، للوصل إلى إجابة عن سؤال: لماذا يقتل الإنسان؟.. هل هو سويّ أم لا؟!.. والإجابة : لا.. الإنسان القاتل في أغلب الأحوال ليس سويًّا، فلا يمكن لإنسان سوي ان يرتكب تلك الفعلة الشنيعة في حق نفسة والإنسانية بأكملها، فمن قتل نفسا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا..
عمل إجرامي إرادي ولا إرادي
تستكمل د. إيمان طرحها بأن هناك فئة قليلة من الناس تقتل بشكل إرادي، وأولئك يُخططون لما يفعلون، وعلي النقيض فهناك من يقتلون بصورة لا إرادية ويعد ذلك سلوكًا انحرافيًّا، مثل الوقوع تحت طائلة تناول المخدرات بشكل متقطع أو الإدمان لفترة زمنية طويلة، أو التعرض لحدث مفاجئ يفقده السيطرة على أعصابه، ويذكر علماء النفس أن هناك استعدادا بيولوجيا يدفع بعض الشباب وخصوصا الطائشين أو المراهقين إلى أن يقتل، هنا أصبح ذلك الفعل من المسلمات، فمن الوقائع الاجتماعية وما نراه بشكل يومي لابد أن نتساءل لماذا القتل؟..
دوافع وأبعاد
تشير أستاذ علم النفس، إلى أن البيئة الخصبة من أهم الدوافع التي تخلق الإجرام داخل الطفل في مراحل التنشئة المبكرة، حيث يتعلم الطفل العنف منذ الصغر وذلك القصور التربوي يزرع العنف والعدوان بكل أنواعه داخل عقل الطفل الصغير، وبالتالي يكون هذا الطفل مهيئًا لاكتساب الأحقاد وعكسها على المجتمع من حوله، ربما يحاول الشخص أن يقتل أولاده بسبب الفقر أو يقتل زوجته،،
الجنون اللحظي
تعرض استشاري العلاج النفسي، أن هناك دافع آخر للقتل، وهو “الجنون اللحظي”، وهو سبب من أهم أسباب القتل، وقد يتعرض له أي شخص في العالم، ينفصل حينها العقل وقت حدوث مشكلة ما، حيث يمر الفرد باضطرابات عصبية شديدة جدا في الأعصاب، يفقد على إثرها السيطرة على نفسه، وعلى الرغم من أنه أمر قصير جدا من حيث المدة الزمنية، ولكن ما يحدث فيه من توتر نفسي وضغط عصبي، يجعله يدمر كل شيء، كذلك ربما يكون الدافع هو“ نوبة هستيرية شديدة”، وهي تخرج أيضا عن تصنيفها بأنها طبيعية، حيث يفقد الشخص شعوره وأحاسيسه، وقد يكون أيضا تأثير الكحول او المخدرات، وكذلك “ المؤثرات العقلية” أو “الانفعالات الشديدة جدا” حيث يكون باستطاعتها تعطيل إعمال العقل والتفكير،،
الثأر والسرقة والاستفزاز
تستطرد أستاذ علم النفس رؤيتها لدوافع القتل، وتشير إلى الحالة التي قد تنتاب البعض وهي “الوهم والخيال” الذي يجعل الشخص يشعر بشعور تصوري وتخيلي، تجعله يتخيل أوضاع بعينها لم تحدث في الحقيقة فيقتل، وقد يكون الشخص لديه “اضطراب في الشخصية”، فيكون في تلك الحالة اللاوعي ضعيفا جدا، فبالإمكان تحريض الغير له، وكذلك من أهم الشخصيات التي تقتل بسهولة “العدواني السيكوباتي”؛ فذلك الشخص ربما يحتسي كوبا من القهوة بعد قتلها بينما هو يجلس جوارها، إنه لا يشعر بالندم أو تأنيب الضمير، وقد يسعد لرؤية الدم،،
وتؤكد د. إيمان، أن علماء النفس حصروا سن الجريمة التي دافعها “الانتقام والأخذ بالثأر”ما بين سن التاسعة عشر والأربعين، وكذلك يُعد “الاستفزاز” من أهم أسباب القتل، وأيضا “الغيرة الشديدة”، و“الرفض العاطفي”، حيث أن الشاب يكون لديه كبرياء شديد في تلك المرحلة العمرية؛ فلا يتقبل رفض الآخر له بأى شكل من الأشكال، فلا يستطيعون السيطرة على مشاعرهم،،
البواعث الظرفية
تدعو استشاري الإرشاد النفسي المسؤولون، إلى الالتفات لهؤلاء الناس، الذين هم أكثر عرضة للقتل، حيث أنهم يعانون من اختلالات نفسية ولا يستطيعون السيطرة على مشاعرهم وانفعالاتهم، ويخضعوهم للعلاج النفسي والسيطرة المجتمعية لتوقف هذه الجرائم، وكذلك تقوية الوازع الديني هو ما يضبط سلوك الإنسان، فالهدف من القتل إذن ربما تلك اللحظه الجنونية وربما الأخذ بالثأر أو السرقة او الاستفزاز وتلك هي الاكثر شيوعا، وكذلك مرض “الفصام في الشخصية” أو “الذهان” فذلك يهيئ للفرد ما لا يراه غيره، كما يوجد ما يُسمى ب“البواعث الظرفية”، وفيها يمر المرء بضغوط وظروف قاسية، وربما يحدث لديه ضلالات سمعية وبصرية، وقد يكون القاتل مصابا ب“ العجز” أو “اليأس” هو “الاكتئاب” أو “الخوف الشديد” ما تجعله أكثر عرضة لارتكاب الجريمة.
وللحديث بقية