عاطف عبد الغنى يكتب: مقال قديم جديد يصلح لشهر يناير
هذا مقال قديم جديد يصلح لشهر يناير، مع اقتراب العد التنازلى لذكرى 25 يناير، الثورة المؤامرة أو المؤامرة الثورة.. وكتبت هذا المقال قبل ما يزيد على 3 أعوام تحت عنوان: “المعارضة شريكة فى الحكم”، وبالصدفة قفز المقال أمامى على شاشة الحاسوب، وأنا أبحث عن موضوع أخر فلما أعدت قراءته، وجدته يصلح مجددا للنشر هذه الأيام.. هذا إذا لم يكن لك عزيزى القارىء رأى أخر.. وأليكم نص المقال:
البحث عن نموذج مصرى، وطنى، خالص، مخلص، لممارسة السلطة والحُكم كان هذا الهاجس يؤرقنى أنا شخصيًا بعد 25 يناير 2011.
(1)
وجاء الإخوان وسعوا إلى تأسيس نموذجهم فى الحكم على أساس عنصرى أشبه بالموجود فى إيران الفارسية المتمثل فى ولاية الفقيه، ونظيره فى الإخوان ولاية المرشد، ولاحظ أننى قلت عنصريًا ولم أقل دينيًا لأن الإخوان أغلقوا الدائرة على أنفسهم، فخلقوا ما يشبه الجنسية الإخوانية مستبعدين العناصر ذات الخلفية الدينية الأخرى مثل السلفيين، والصوفيين وغيرهم من الحركات والتنظيمات والأحزاب.
كان سعى الإخوان يؤسس لنظام شمولى بغض النظر عن شكله ومضمونه، لم يكن هذا ليسمح بأن يشاركهم أحد الحُكم، لا قوى ولا أحزاب مدنية ولا حركات أو تنظيمات سياسية منسوبة للإسلام، كما أسلفنا.
ولما أسقطهم المصريون من على كرسى الحُكم وانتخبوا الرئيس عبد الفتاح السيسى، لم يكن على الساحة من الأحزاب ما هو مؤهل بشكل حقيقى للعب دور مؤثر، وكانت الأحداث التى تلت 25 يناير 2011 قد أثبتت أن الجسد الديناصورى للحزب الوطنى مجرد شكل وهيكل خاو من القواعد الشعبية المؤمنة حقيقة به، والتى يمكن أن تؤهله لإعادة بناء نفسه مرة أخرى، ولم يكن الشعب ليقبل من جديد أن يعود تحالف المصالح والفساد الذى انفجرت عنده الجماهير فى يناير 2011.. وبات السؤال لدى النخبة: وما الحل؟!
(2)
الحل كان لدى الرئيس السيسى وهو أن تتغير قواعد اللعبة تمامًا.. أن نخلق قواعد حزبية جديدة من أسفل إلى أعلى، ومن القاعدة إلى القمة، ونؤهلها لممارسة السياسة بشكل عملى، وليس شعاراتى، وعلى قاعدة وطنية، تعى مصالح الدولة العليا، ولا تتبنى أجندات غربية نابعة من أيدلوجيات تخدم مصالح أجنبية، وربما معادية للدولة الوطنية، والقوميات، شريطة أن يتم إعداد الأفراد المكونة لهذه القواعد بمنأى عن ثقافة الماضى تمامًا، وأن نؤهلها، ونكسبها المهارات اللازمة للتفكير الخلاق، والإدارة الحديثة، وقد حدث وتم إعداد هذه النخبة فى معملى البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة والأكاديمية الوطنية للتدريب.
(3)
.. وجوه شابة مبشرة شملتها حركة المحافظين الأخيرة، عرفت بعضهم عن قرب فى لقاءات مع «تنسيقية شباب الأحزاب»، وفى مؤتمرات الشباب، ورأيت فيهم الفهم والوعى والحماس والمستقبل الذى ينتظر مصر..
وغالبًا سوف يضاف إلى من تم تعيينهم عدد آخر من الشباب سوف يشملهم التغيير الوزارى المرتقب، هذا غير من تولوا بالفعل من قبل مناصب قيادية فى هيئات ووزارات مختلفة من شباب الأحزاب، وغير الحزبيين، كانوا جميعهم يتلقون مع قرارات التكليف رسالة «رئاسية» واضحة ملخصها كلمتين: «العمل والنجاح» فلا بديل عنهما.
(4)
وبقى أن نعيد التأكيد على أن التنفيذيين من الشباب الجدد ليسوا مجرد مدراء لكنهم كوادر سياسية مؤهلة لخلق مشاركة حزبية حقيقية فى الحُكم والسياسة وليس ممارسة العمل الحزبى على قاعدة الماضى، التى كانت مجرد «شعارات جوفاء وأحزاب معارضة عرجاء»، وفئة ذات مصالح مادية، مسيطرة طوال الوقت على خشبة المسرح السياسى لا تسمح لغير أهل الثقة من المنتفعين، بمشاركتها العرض.