عاطف عبد الغنى يكتب: إبراهيم عيسى
نجح المضروب أن يشغلنا.. أن يغيظنا، وأن يدفعنا لشتمه وسبه، ونحن لا نعرف أن كل شتمة وسبة فى التعليقات المصاحبة لفيديوهات قناة الحرة تتحول إلى رصيد من الأرباح، تضاف إلى حسابه (الشتمة بسنت، والدولار 100 سنت)، واحسبها، وشوف كام مليون مصرى وعربى ومسلم أضافوا لرصيد “أبو حمالات” بعد أن شاهدوا “الفيديوهات” المختلف علي فحواها وعليه، والتى لن تنتهى عن بثها قناة “الحرة” الأمريكانية، خلال الشهور القليلة الماضية، التى كثف فيها الدعى نشاطه، وكثفت “خوارزميات “اليوتيوب” نشرها، وانتقل فيها المؤدى الرخيص، من سب الصحابة والدعاة إلى مهاجمة الأساسات والقواعد يظن أنه يستطيع أن يساهم كمقاول هدم من الباطن، فى إصابة البنيان الذى بناه ربه، ورب أربابه الذين يعبدهم من دونه.
إبراهيم عيسى يضع نظارة على عينية ليس لأنه ضعيف البصر، فهو فى الحقيقة أعمى.. القلب.. وهو تجسيد حى على صدق الوحى الذى ينكره، “إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور”.
من مقهى شارع القصر العينى، ومن بعده مقهى الكلاب التى كان يجلس عليها، وهو يرأس تحرير جريدة “الدستور” فى أول شارع رمسيس (استوحى اسم المقهى فيما بعد فى أحد سيناريوهاته الرديئة)، انطلق الصحفى الطامح ابن شبين الكوم، الذى لم يكن فى طفولته يجد حتى الجلسرين ليعالج به شقوق قدميه، حين أدماها السير خلف أحد أقاربه، يقال أنه خاله، سارحان يبيعان العسل فى نجوع المنوفية، وقراها، طفل أو صبى نبيه دق الجوع عظامه، فألهمه شيطانه عندما شب عن الطوق أن يوظف نباهته، فى الوصول.. إلى جهنم.
الجهل والهوى والرغبة الجامحة في هدم الموروث، والخروج عن طبيعة التفكير السائدة، من المظهر إلى الجوهر، هذه الصفات التى منحت إبراهيم عيسى، الاختلاف، ومن ثم الدولارات.
على خطى أستاذه الملهم سعد الدين إبراهيم، أدرك الصحفى الشاب – وقد وهبه الله منحة التعبير فحولها إلى محنة حياته – أنه لابد له من أمير أو صاحب سلطة، وصاحب مال، يتبناه وكما كان يحدث قديما يدفعه للمجالس والمنتديات، حدث هذا مع شعراء العصور الأولى مثل المتنبى، إلى المطرب محمد عبد الوهاب الذى تبناه فى شبابه أحمد شوقى بك أمير الشعراء، وسعد الدين إبراهيم تنقل من القصر الجمهورى فى عابدين، إلى قلعة الأمريكان فى جاردن سيتى، سعد الدين الذى أشرف على رسالة الدكتوارة للسيدة الأولى جيهان السادات، انقلب على الأخير وهاجمه، وتحول إلى رمز للمعارضة، ملبيا نداء سفير “الستيت” فى مصر، ومعلنا الجهاد الليبرالى المقدس لتثوير شعوب العرب، وتحويل بلادهم عبر الثورات إلى كانتونات، ومضى سعد شاهرا باسبوره الأمريكانى فى وجه سلطة مكسورة العين، معدومة الحيلة، وهى تسعى إلى التوريث، ولتحقيقه كانت مستعدة أن تعري حتى….
باختصار سعد الدين هذا كان المثال، والتمثال الذى تعبد له عيسى، واتبعه، وتاجر حتى معه فى مشاريعه التجارية، وفى قول أخر شارك زوجته بربارة الأمريكانية فى مصنع للمياه المعدنية، او نحو من ذلك، ليس هذا بيت القصيد، لكن فقط للتدليل على أن سعد وعيسى تاجران بالسليقة.
ومازال عيسى يبحث عن التماثيل ليتعبد لها، بداية من سلمان رشدى، إلى سيد القمنى، ويوسف زيدان، وليس انتهاءا بالسورى فراس السواح.. المهم أن يجد لدى الأصنام، ما يُختلف عليه، ويهدم الثوابت التى يسميها صنوه زيدان “الكوابت”، ويشوش الأذهان، ويشكك فى الحقيقة، ولا أقصد هنا ما نظن أنها حقائق فى كتب العلوم، أو السير، وعند الرواة الثقات، أو حتى نصوص الكتب المقدسة، ولكنه يزحف ليشكك فى الحقيقة المطلقة التى هى الذات الإلهية.
هو وهم من مدعى الحداثة، وورثة الليبرالية فى نسختها الجديدة أو الأخيرة، التى تجاوزت إنكار وجود الله إلى ما يظنونه فى أنفسهم من قدرة على منافسته سبحانه فى الخلق، عبر تشويه الخلق، والفطرة، من اللعب فى الجينات، إلى إنكار الفروق البيلوجية بين الذكر والأنثى، وتحويلها إلى مجرد أدوار اجتماعية، وبغرض البلبلة والتشويش، يتم تدوير مليارات الدولارات، واليورهات، وغيرها من العملات الصعبة، لترويج ثقافة الإيروتيكا الجندرية، والفيمنيزم، والترويج لمجتمع الميم، ورعاية تجارة “البورنو” التى تنفجر بها الشبكة العنكبوتية التى استحكمت من عقل العالم، وتزحف الآن لتلتف حول روحه وتعصرها حتى الموت.
إبراهيم عيسى المبتز الذى تنقل بين خزائن عصام إسماعيل فهمى، وساويرس وأحمد بهجت، يقبض الآن بالأخضر من “الحرة”، وكما بدأ حياته جائعا فهو مازال لم يشبع، ولن يشبع، فلا تندهش حين تراه ينكر بعثة الأنبياء، أو يخوض في طبيعتهم البشريّة أو يشكك في حجية السنة، أو يقرأ النّص المقدس حسب هواه، فوجود مثل هذا الكائن فى الوجود حكمة، وكيف نميز المؤمن إذا لم يكن هناك منكر؟!.
وأخيرا أذكركم وأذكر نفسى أنها الدنيا التى لو كانت تساوى عند الله جناح بعوضة ما سقى إبراهيم عيسى وأمثاله منها شربة ماء.