د. ناجح إبراهيم يكتب: وداعاً أم تراجي الجنزوري

• ودعت الحياة منذ أيام واحدة من أولياء الله الصالحات اللاتي ملأن الأرض صبراً وكفاحاً وتضحية ورضا وسلام,إنها أم الشيخ تراجي الجنزوري التي تعد حياتها نموذجاً رائعاً للأم المسلمة والمصرية التي أعطت دون حساب ولا منّ, أعطت طوال عمرها عطاءً أوسع من أن يوصف, أو أن يحيط القلم به.
• سيدة مصرية بسيطة قروية ولكن حياتها تستحق أن تدرس لبنات اليوم,نشأت في أسرة متواضعة أنجبت ثمانية,5 ذكور,و 3 بنات ,الآن اللي يخلف واحد لا يحسن تربيته ,ربتهم كأفضل ما تكون التربية.
• نشأت فقيرة لا وظيفة ولا ميراث ولا فلوس , تذهب لتعمل في الحقول مع زوجها الفلاح البسيط من أجل ملاليم بلغة عصرنا, كانت تساعده في عمله.
• حياتها كلها مع زوجها وأسرتها هي مدرسة للرضا والسكينة, عمرها ما شكت ,لم يكن هناك في البيوت لا غسالة, ولا ثلاجة, ولا تلفزيون,ولا بوتاجاز, وهي راضية تصنع كل شيء بنفسها, بيتها رغم بساطته فيه كل خير, يسير تلقائياً, رغم فقرها تعطي “الماعون” وتبذل الخير لأي امرأة من الجيران, لم تكن تقول لأي جارة “لا” أبداً .
• الولادات الثمانية لم تكن هناك رعاية طبية, ولا قيصرية كانت أحياناً تلد وفي نفس الوقت ابنتها الكبرى تلد, تلد وتنزل الحقول للعمل بعدها بأيام, كفاح وصبر لا مثيل له.
• فترة اعتقال أولادها الاثنين ( تراجي ورضا) ,تنتقل خلفهم من معتقل لآخر ذهبت إلي دمنهور والنطرون والفيوم وأبو زعبل, عانت سنوات خلفهم, عمرها ما تلفظت بكلمة عتاب لأولاها رغم تعبها الشديد معهم.
• كلمتها الأثيرة المتكررة لأولادها والجميع “يا حبايبي”, عمرها ما أساءت لأحد من الجيران, ولا حدثت بينها وبين أحد مشكلة.
• 85 عاماً قضتها كلها في سلام مع الله والنفس والناس جميعاً, وفي سكينة وسلام ورضا تجيد القراءة في المصحف, لم تخطأ يوما في حق زوجها أو تقصر يومها في حق زوجها أو تقصر يومها في حق أولادها وأحفادها.
• كانت تهدي اللبن لجيرانها يومياً, وكان لها قريب فقير عزيز النفس كان لا يأخذ شيئاً من أحد إلا منها وكانت تقول له : لم يرني أحد وأنا أحمل لك الطعام.
• كانت نعم الحماة تجيد المعاملة مع جميع أصهارها بلا استثناء, بعد أن مرض زوجها وأصبح قعيداً تفانت في خدمته وتمريضه فكان يدعو لها : ربنا يسترك كما سترتيني,كانت لا تستنكف عن تمريضه وتحمله وتنظفه وترحمه,كانت تعتز بدعاء زوجها”ربنا يسترك كما سترتيني”وتعتبره وساماً علي صدرها.
• صيام الاثنين والخميس لم تتركه إلا في عامها الأخير حينما وهنت صحتها, قيام الليل لم تتركه أبداً, كانت تقبض معاشاً فتوزعه علي أولادها رغم غناهم وكأنها مازالت مسؤولية عنهم .
• يقول ابنها أ/ رضا الجنزوري عن والدته: علمتني القراءة والكتابة وأنا صغير, عندما كبر سنها طلبت مصحفاً كبيراً لتقرأ فيه,كانت نموذجاً نادراً للكرم.
• ودعها ابنها أ/ تراجي الجنزوري بقوله: ماتت أعز ما كنا نعيش في كنفه,ذهب المصباح المنير من بيتنا, ذهبت البركة العظيمة من حياتنا.
• من أشهر دعواتها :ربنا يرضي عنكم, يشهد لها الجميع بالكرم والحب والمودة.
• رحمها الله رحمة واسعة وأسكنها فسيح جناته.

اقرأ أيضا للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى