قل شكوتك: « زير نساء »

المحررة: أسماء خليل

“ زير نساء.. حينما يوجد شخص لا يتحمل المسؤولية كما ينبغي، يوجد أمامه أشخاصٌ كثيرون يُعانون ويتألمون، ربما يضع في هو عراقيلًا ليتعثر بها المارون في طريقهم بالحياة، وربما ينحدرون نحو الهاوية بلا عودة”.

أعتقد أنَّ ما سبق يعكس ما تطويه حياة “أ.ل” ومعاناتها في مواجهة التحديات والعثرات، فهل ستقوى وَسط الأمواج العاتية، مُحاولة الوصول لشاطئ الحياة؟!..في تلك السطور سنحاول معها التجديف ربما نصل سويا..تلك حكايتها التي قصتها عبر البريد الإلكتروني..

“ أ.ل ”

طرقتُ بابكم بعد أن ضاع مني كل شيء، وضاقت الحياة في عيني ولم أجد مفرًّا من البوح، بعد أن ران الكتمان على قلبي، فأنا الآن مطلقة أبلغ من العمر بضع وثلاثين عاما، أعيش في كنف أسرتي المكونة من أبي وأمي وأخ عشريني يكمل دراساته العليا، أبوايا يعملان بالتربية والتعليم، ونسكن بأحد محافظات الوجه البحري،،

تم طلاقي منذ بضعة أشهر بعدما مررتُ بتجربة قاسية جدا أثرت على نفسيتي أشد التأثير، ومرورا ببداية حكايتي، فقد كنت طفلة مدللة لأب حان القلب، كنت بنتا واحدة ولي أخ واحد، فشملتنا رعاية أبوانا على أكمل وجه، أخي يصغرني ببضع سنوات واجتزنا مراحل التعليم سويًّا، في رحلة توجها حصولي على بكالوريوس التجارة، وقبل تلك المرحلة العمرية كان الخُطَّاب يدقون بابي، ولكن أبي كان مصمما على عدم ارتباطي إلا بعد إتمام دراستي،،

وبالفعل كان؛ حيث تقدم لخطبتي ذلك الشاب المهندس في نفس الشركة التي كان يعمل بها أبي، كان خاطبا -في المقام الأول -سمعة أبي الطيبة وخلقه الحسن الذي يعرفه الجميع، كان من أصول ريفية ولكنه سكن معنا في نفس مدينتنا منذ التحاقه بالعمل، وتمت خطبتنا بعد الرؤية الأولى لكلانا، فقد أعجب بجمالي ريثما رآني، وأنا لم أكن أتوقع أنه بتلك الوسامة والأناقة، حتى أن غيرتي عليه دبت في قلبي منذ أول وهلة رأته عيني..

كانت أجواء عُرسنا أكثر من رائعة ومبهجة، وكم كانت أسرته سعيدة بوجودي بينهم، لم يعكر صفو حياتي شيئا لأكثر من ثلاث أعوام، أنجبتُ خلالهم طفلتين جميلتين ملأتا علي حياتي، لم يكن الرجل حينها مشغولا ببناته ورؤيتهما والاطمئنان عليهما، فقد وكَّلَ الأمر كاملا لي، وقد كنت أتعجب حينما يظل أسبوعا بأكمله يأتي من العمل متأخرا، وأعرض عليه أن أوقظ له البنتين ليراهما، ولكنه كان يقول لي لا، بحجة عدم إزعاجهما، كنت أندهش من عدم اشتياقه لفلزات كبده، ولكنه كان يهتم بي وبما أرتدي، وكنا نقضي سويا أجمل أوقات عمرنا،،

إلى أن تغيرت أحداث الحياة، كعادتها في التقلب، وعلمتُ ما لم أكن أتوقع أنه يحدث يوما، من شدة إظهار زوجي حبه لي؛ فبينما هو بالحمام، إذ نسي- لأول مرة- هاتفه مفتوحا، لأرى ما يصدمني صدمة عمري؛ فوجدت رسائلا بينه وبين أكثر من عشيقة يوهم كل واحدة منهن أنه ملكها وحدها فقط،،

يا ليتني ما رأيت ولا سمعت تلك التسجيلات الصوتية التي كان محتفظا بها، من أجل الاستمتاع حين إعادتها، أو ربما لتكن شوكة في ظهر إحداهن يوما ما، لم أواجهه ..كتمت كل شيء داخلي إلى أن أتحقق من الأمر،،

رأيت الدنيا معه من جديد، بصفات مختلفة اتضحت أمامي، كنت أراها من زاوية، إذ هي في حقيقة الأمر لها زاوية أخرى، ظللت شهورا متعثرة بين التصديق والتكذيب، أو بمعنى أدق محاولة خداع نفسي، لكن كل ما حولي كان يصرخ من هول ما يحدث،،

“زير نساء”..مقابلات ..عشق..خطبات واهية ..اتفاق على الزواج من بنات أبرياء يوهمهن بأنه غير متزوج..هدايا وقبلات….إلخ..حاولتُ في البداية أن أنكر كل شيء بعدما سمعت أهل الدين يقولون، إن الزوج إذا خان فإنه يخون الله – سبحانه وتعالى – لا يخون زوجته، وعلى الزوجة أن تتريث من أمرها في حال اكتشافها أن زوجها يعرف أخريات..حاولت ..ولكني فشلت..كم كنت أعشقه!..كم كنت لا أرى الحياة إلا من خلال رؤيته هو..بعينيه!..

مرت شهور وشهور إلى أن أصبح يقع في أخطاء كثيرة أمامي، كم عاتبته وبدأ الشجار يدب في بيتنا، وعهدت الدموع طريقها في عيني..تحدثت كثيرا مع أهله وأهله، الذين كانوا نعم الناصحين له، ولطالما وعدهم وعودا واهية بالكف عن السير في ذلك الطريق، ولكنه لم يرتدع ضاربا بنصائح الجميع عرض الحائط..

قيدني الجميع في إطار الزوجية، والميثاق الذي حاولت أن أحافظ عليه وحدي، كنت أسمع قهقهاته في الغرفة مغلقا الباب على نفسه، وكان يتسلل إلى أذني كلمات أستحي أن أكررها..إلى أن ساءت العلاقة بيننا، ووصلت إلى حد أن تطاول علي بالضرب مرة، والإهانات اللفظية أكثر من مرة ،،

إلى أن حدث مالم يخطر ببالي يوما، إذ حاول شخص على وسائل التواصل التودد والاقتراب مني؛ لأجد نفسي أقبل .. ليس محبةً، ولكن لشيء في نفسي دعاني إلى الانتقام،. لكني لا أعلم حينها أنني لم أكن أثأر لنفسي منه، لكني كنتُ أوقعها في شراك الألم والمعاناة والحسرة والسراب،،

لم تتخطَ علاقتي حدود تبادل الكلمات مع ذلك الوغد صائد النساء الذي يشبه زوجي، ولكن كان للكلام عمقا حسيًّا بالنسبة له فأحبني، بينما كان هو لي مجرد تسلية لأنسى همومي وأنتقم من زوجي، إلى أن وجدتُ أنني بدأت أتغير وسأصبح إنسانة أخرى بسمات جديدة، فاعتذرتُ له وانسحبت من تلك العلاقة، وتركت له ألمًا وصل إلى حد طلبه الطلاق من زوجي ليتزوجني ..

مرت بضعة أشهر كنت أنتوي الطلاق، وعزمت على ذلك الأمر وحادثت زوجي بذاك، متهمة إياه بأنه السبب الأول والأخير في انهيار أسرتنا الجميلة، لكنه كان يرفض بإلحاح شديد جدا، ويقول إنه يحبني ويخشى على بناته من الضياع..ولكني كنت أصمم وأكرر مطلبي ..

إلى أن كان يوما، وأنا أعد طعام العشاء في المطبخ، ليتصل بي ذلك الرجل السابق، ويرد زوجي فلا يجد أي صدى، ثم يحاول اختراق هاتفي فهو موسوعة في تلك الأمور لتعدد علاقاته، ويحاول استرجاع آخر رسالتين صوتيتين لي مع ذلك الشخص، وأنا أطلب منه الانسحاب من تلك العلاقة التي لم توتِ ثمارها لي بالثأر لنفسي، أو استرداد زوجي في جعبتي وحدي، وقد تخلل تلكما الرسالتين بعض كلمات فضحت شكل العلاقة التي كانت بيننا، مع التنويه أنها لم تتعدِ المكالمات والرسائل النصية المكتوبة أو المسموعة،،

قامت الدنيا ولم تقعد، وأراني ذلك الزوج وجها لم أره في حياتي، ولكن كان متوقعا، ورغم أنه كان يقيم علاقات كاملة مع النساء الأجنبيات عنه، إلا أنه لم يرحمني لمروري بتجربة شفهية، ذهبتُ إلى بيت أهلي بعد أن ضربني ولكمني لكمات أضرت بوجهي، وأصرت أمي على طلاقي منه وكان أبي يمانع، كان إصراري شديدا على عدم إتمام تلك الحياة الزوجية التي أعيتني نفسيا وجسديا، لم يرض أن يطلقني بسهولة، جاءني عشرات المرات واعدا إياي بانصلاح الحال، رضختُ مرة وعدت للمنزل مستعذبة وعوده، ولكن بلا جدوى كان يضربني أمام بناتي، وأصبح يُحدِّث الفتيات والنساء أمام عيني، بحجة أنني لا أستطيع التحدث برد فعل لسابقة وقوعي بالخطأ مرة، إلى أن رجعت دار أهلي ثانية طالبة الانفصال بلا عودة،،

مشكلتي الحقيقية تكمن فيما فعله زوجي السابق بي، فلم يطلق سراحي، إلا بعدما قيدني بوصمة العار التي ما برحت تلاحقني من كل اتجاه؛ حيث قام بإعداد مجلس عرفي من رجال عائلته وعائلتي، بحجة أنه سيطلقني بشكل ودي، وعلى مسمع من الجميع قام بتشغيل المقاطع الصوتية، التي كانت لي مع ذلك الوغد، نصحه الحضور بعدم فعل ذلك لأن لديه بنات، سيلحق بهما العار والفضيحة، ولكنه كان أنانيًّا لا يحب سوى مصلحته، ثم أتبع تلك الفعلة الشنيعة بتوزيعه تلك المقاطع الصوتية على كل أصدقائي بوسائل التواصل الاجتماعي، قمت على إثر ذلك بغلق حسابي من كل تلك الوسائل،،

ليس باستطاعتي الآن النظر في عين أي فرد من أفراد عائلتي، وخاصة من كنت لهم قدوة ومثال أخلاقي يحتذون به، وأعيش حالة أشبه بمن تُوفي وهو ما يزال على قيد الحياة،،

أعترف أنني أخطأت ولكن ماذا أفعل؟!..كيف أواجه الناس ؟!..كيف أخرج إلى العالم بنفسي المجروحة العارية، ومعي ابنتان يحسبهما المجتمع إمتداد لأمهما مهما مر الزمن ،،

لقد فكرتُ بالانتحار، رغم مساندة أبي وأمي وأخي لي، لكني أخشى عقاب الله..

ماذا أفعل سيدتي ؟!..هل لكم من نصحي بما يُثلج صدري ويضمد جروحي؟!..

عزيزتي “ أ. ل ” كان الله بالعون

لقد حاولتِ تثأرين من زوجكِ، فقمتِ بشراء آلة حادة باهظة الثمن، ثم صوبتينها تجاه صدركِ، فلا أماتتكِ ولا شفتكِ ..ولا أعلم لماذا يحاول الإنسان في كثير من الأحيان بالثأر من نفسه انتقاما ممن جرحه؟!..

لقد أخطأتِ كل الخطأ باستسلامك للهموم التي دفعتك هي وخطوات الشيطان للتسلي مع صائد النساء؛ لتهربي من وغد وتلقي بنفسك في أحضان وغد مثله..أعتقد أن تلك التجربة قد علمتكِ الكثير، وإني لناصحة لكل من له نفس مشكلتك ألا يكرر ما قمتِ بفعله، ويتأسى بالعبر الحياتية التي يمر بها الآخرون،،

وأحب أولا أن أوجه كلمة لذلك الزوج الذي الذي نصَّب نفسه “نصف إله” على الأرض، إضافة إلى كونه معبود النساء؛ عليك أن تعلم جيدا أن الله -سبحانه وتعالى- ساوى بين الرجل والمرأة في الثواب والعقاب، فالزاني والزانية كل منهما له نفس قدر عدد الجلدات كعقاب، ولم يؤكد سبحانه أن المرأة عقابها أشد، فأنت لست ملاكا وزوجتك شيطانا، بل أنت من هدمتَ ذلك البيت بالبعد عن زوجتك وجرح كرامتها وقلبها المُحب العاشق لك، كان عليك أن تبدأ من جديد وتقسم لأم بناتك أنك لم ولن تعود لتلك الأفعال المُشينة ثانيةً،،

الأهم عزيزتي، أن الحياة ما تزال مستمرة، وما زالت الشمس تشرق كل صباح لتنير الحياة للمخطىء والمُصيب، قومي وانهضي من جديد، استغفري الله سبحانه الذي يغفر الذنوب جميعا، وعيشي حياتكِ بشكل طبيعي،،

اندمجي وسَطَ الناس حتى إن رفضوكِ في البداية..اخرجي من تقوقعكِ حتى لو كانت الفوهة ضيقة..حاولي ..اصمدي..
وستواجهكِ الكثير من العقبات، تخطيها مرة واثنتين إلى أن تزول، واستعيني قبل ذلك كله بالدعاء الذي يُغير القدر،،

ولابد أن تعلمي جيدا أن الناس سينسون بمرور الوقت، غدا ستتوه تفاصيل مشكلتكِ ويأتي خلفها عشرات المشكلات، لا تلتمسي جبهتكِ كلما أتت أمامكِ قصة مشابهة لقصتكِ، انسي ذلك الجُرح الذي أصاب رأسكِ يوما..ابدئي من جديد، ولكن لا تُعيدي خطأكِ وتعرَّفي على القصور الموجود داخلكِ وجعلكِ تقعين في أخطاء مشابهة حتى لا تكرريها،،

إياكِ وأن تُزهقي روحكِ بالانتحار ؛ فهو كفر وضعف، والله العلي القدير يحب المؤمن القوي، فهو خيرٌ وأحب إليه من المؤمن الضعيف..طيعي ربك في والديكِ وتربية تلكما البنتين اللتين لم تتعرفا على الحياة بعد، داوي جرحكِ بنفسكِ فليس هناك أحن من يديكِ عليكِ.

منحكِ الله السعادة وراحة البال.

…………………………………………………………………………………………………..

راسلوني عبر الواتس آب 01153870926 و “قل شكوتك” وأنت مطمئن لعلى بعد الله أستطيع أن أخففها عنك.

طالع المزيد:

زر الذهاب إلى الأعلى