الربيع الرحيمة إسماعيل يكتب: التخصص عملية إقصاء وليس إنتقاءا

كثيراً ما نسمع بعض النصائح التي تدعونا لعدم التشتت والتركيز على القيام بنشاط / مهارة واحدة وصب كل اهتمامنا ووقتنا عليها.

لكن … ماذا لو عملت بتلك النصيحة ثم اكتشفت في آخر المطاف أنك لا تصلح لتلك المهارة ؟؟!! وضاع الوقت سدى…!

و ماذا لو أخبرتك أن تلك النصيحة وإن كانت دعوى للتخلص من التشتت في فحواها لكنها بالمقابل قد تكون أكبر فخ سيحدث لك ؟

دعني أشـرح أكثر.

لنفترض مثلاً أنك تعرف قليلاً من الجرافيك ديزاين مثلاً ، في ذات الحين لديك معرفة قليلة عن المونتاج بذات القدر ، قد تعتقد أنه يجب عليك التركيز على مهارة واحدة، لكن بالمقابل إعطاء وقت لكل مهارة سيزود من فرصك أكثر ولاختيار أفضل وبصورة حتمية سينتهي بك المطاف بإقصاء أحد الإهتمامات و التركيز على واحد فقط، ومن هنا ستبدأ رحلة التخصص، لتصبح عملية إقصاء لكل الإهتمامات الأخرى وتثبيت لإهتمام أو تخصص واحد فقط.

هل لي أن أستفيض أكثر؟

في كتابه المدى.. أو
“Range – how Generalist triumph in the specialized world” يطرح المؤلف David Epstien عدة نماذج محترفة في مجال ما، و يوضح كيف كانوا متفوقين بقدر مماثل في مجالات أخرى.

يتحدث عن “روجيه فيدرر” أعظم لاعب تنس في التاريخ كمثال، وكيف كان له أهتمامات عديدة غير لعبة التنس.

ثم يشير في إحصائية عجيبة عن أن الفائزون بجائزة نوبل ورغم تخصصية الجائزة، كانوا بنسبة 22% لهم هوايات أخرى.

ربما يمكنك الإطلاع على الكتاب والذي يمثل ثورة معرفية في الإنقلاب على السـائد ، في حال أردت التوسع أكثر عن الإهتمامات المتعددة.

و حتى لا أبتعد عن الطرح الأساسي ، أريدك أن تتذكر أنه و في ظل مشاركة معرفتنا و أعمالنا على مسرح العالم الإفتراضي تظل تلك الأعمال شئنا أم أبينا رهن رأي العميل أو المستخدم و هنا سننحاز تلقائياً نحو ما نتقنه أكثر ، نحو ما صفق لنا الآخرون في أدائه و طلبو منّا المزيد ، متجاهلين بذلك كل ما عداه.

فتلك الإهتمامات تتنازع في داخلنا كما جيوش الإمبراطوريات، ثم اهتمام واحد فقط سيعرفنا به العالم، ليضحي فيما بعد هوية لنا.

لا تقلق إن كنت مازلت متقلب بين عدة مجالات، فعملك و اتقانك هو ما سيحدد في أي الأماكن ستزهر وذاك التهميش الصامت الذي ستمارسه يوماً ضد هواياتك الأخرى هو بصورة ما إثبات لهواية و هوية واحدة.

أما إن اكتشفت مسبقاً ما الذي يميزك وفيما يطلبك العالم فهنيئاً لك، فأنت قد أكملت الرحلة في معرفة نفسك وربما مررت بذات التعدد في الاهتمامات يوماً ما.

اقرأ أيضا للكاتب:

الربيع الرحيمة إسماعيل يكتب: لهذا السبب لا تضع قائمة للقراءة في بداية العام

الربيع الرحيمة إسماعيل يكتب: ثلاثة دروس من ثلاثين كتابا!

زر الذهاب إلى الأعلى